بعد الدماء والأزمات التى تسببت فيها جماعة الإخوان المسلمين المحظورة ضد مصر والمصريين بتظاهراتها التى تدعو إليها أسبوعيا دعما لمرسى ومطالبة بعودته مرة أخرى إلى سدة الحكم ، أصبح عودة تلك الجماعة إلى الحياة السياسية المصرية مرة أخرى أمر أشبه بالمستحيل فى ظل الرفض الشعبى والسياسى لتلك الجماعة التى صنفت إرهابية بعد محاولتها إحراق مصر وإغراقها فى بحور الفوضى، ورغم ذلك كله إلا أن البعض من داخل تيار الإسلام السياسى وخارجه لا زالوا يطالبون بإجراء مصالحة وطنية شاملة حقنا لدماء المصريين ،وإعادة للأمن والاستقرار الغائب مرة أخرى إلى قلب الوطن الذى يعانى من الأمرين الآن بسبب الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية الراهنة والناتجة عن الصراع الوجودى الذى دخلت فيه الدولة مع تنظيم الإخوان الإرهابى . وفى ظل تلك الأزمات ، اقترح العديد من الشخصيات السياسية والعامة العديد من المبادرات للمصالحة الوطنية الشاملة مع الإخوان المسلمين ،وهنا انقسمت القوى السياسية بين مؤيد ومعارض بشأن تلك المبادرات التى من شأنها إنهاء الصراع القائم حاليا بين الدولة والجماعة ..التفاصيل فى سطور هذا الملف :- النجار : إقصاء الإسلاميين يعطى الفرصة لعودة الإرهاب والمصالحة واجب شرعى هشام النجار - القيادى المنشق عن الجماعة الاسلامية والباحث فى شئون تيار الاسلام السياسى - يؤكد أنه فى ظل الأجواء وضخامة الأحداث والتحديات الجسيمة التى تواجهها مصر ، فهناك ضرورة قصوى لإعمال المصلحة والبحث عن سبيل لفرض الاستقرار والأمن والعبور من النفق المظلم ، ولا ننسى أن الدولة قبلت قبل ذلك يالتصالح مع الجماعة الاسلامية وجهاديين ، وفق شروط وبعد مراجعات فكرية منشورة ومعلنة اعلاء لمصلحة الوطن ، رغم نزيف الدماء والخسائر فى صفوف الشرطة وموجة العنف الشديدة التى شهدتها فترة التسعينيات . وأضاف النجار فى تصريحاته ل "النهار" : اليوم التحديات والمخاطر أعظم وأخطر وهناك دماء وضحايا بالجملة ، وهناك احتقان شديد ومناخ ثأرى واستغلال لفشل الاسلاميين السياسى من قبل تنظيم القاعدة والخلايا والتنظيمات المسلحة لتفرض فكرها وكلمتها ورموزها على الواقع المصرى كبديل للتيار الاسلامى التقليدى ، الذى قبل بالانخراط فى العملية السياسية والعملية الديمقراطية ،وكانت هناك تحفظات كثيرة على أخطائه وأدائه السياسى الباهت ، ويحاول التكفيريون والقاعدة المزايدة واستغلال هذه الأجواء لجذب شباب التيار الاسلامى الساخط والذى اهتزت ثقته بقياداته والذى أصابه الاحباط لينضم الى كتائب الغضب والعنف والصدام المسلح الممتد مع الدولة ، وهذا تحد خطير ومرعب يضع الجميع أمام مسئولياتهم التاريخية والوطنية سواء الدولة ومؤسساتها والحكومة والسلطة الحالية والرئيس القادم أو الإخوان والاسلاميون التقليديون ، ببذل الجهد للتوصل لحلول سياسية متوازنة وتنازلات مقبولة ومنطقية ومشاركة فى المشهد السياسى والدفع بالعملية السياسية الى الامام ، بشراكة اسلامية فيما دون المتورطين فى دم وعنف وارهاب وتحريض على العنف ،وذلك لسحب البساط من تحت اقدام التنظيمات التكفيرية المسلحة ، لأنها لا تعيش وتستمر وتقوى الا فى مناخ الفوضى والسيولة والاحتقان والدولة الرخوة ، ولا تجد المناخ المناسب لها من المزايدات وفرض الفكر الارهابى العنيف وايجاد مبررات له لدى الشباب المغرر به إلا فى ظل عزلة الاسلاميين وفشلهم السياسى وابتعادهم عن ساحة التغيير السلمية وقنوات التغيير والتداول المشروعة . ورأى القيادى الإسلامى المنشق ، أن الإخوان كيان هلامى ومتشعب ومتنوع الآن ومن الممكن التعامل معه لاحتواء جموحه بدلاً من اثارته وانتقاء الوجوه والرموز المؤثرة القابلة للحوار والمصالحة ، وهناك فى صفوف الاخوان من يستطيع قيادة تيار مهم وقوى وله مؤيدوه الكثر داخل التنظيم لاتمام المصالحة المتوازنة مع الدولة ، فمصر على شفا غضب دموى طويل من الصعب ايقافه ، والتطرف فى الاقصاء سيصنع جيلاً جديداً من المتشددين المتبنين للعمل السرى المسلح ويضع الحركة الاسلامية كلها فى الناحية المقابلة من الجيش ومؤسسات الدولة وقطاع كبير من الشعب . وعن رأيه فى المبادرات التى خرجت مؤخرا لإتمام تلك المصالحة ، استطرد النجار فى حديثه ، قائلا: المبادرات التى أطلقت منذ بداية الأزمة الى اليوم نوعان ؛ اما من خارج تحالف الشرعية من شخصيات فكرية وسياسية عامة وأهمها مبادرة الدكتور العوا والمستشار البشرى ومبادرة الدكتور هشام قنديل ومؤخراً مبادرة الدكتور نافعة وأبو المجد ، وهذه كلها تدخل فى نطاق محاولات الوساطة لا المبادرات ، وجميعها لم تلق قبولاً لسبب جوهرى وهو اعلانها قبل الخوض بالفعل فى اجراءاتها السرية وقبل التوصل الى قيم مشتركة وشروط متفق عليها وخطوط عريضة للمطالب والتنازلات بين الطرفين ، ويأتى اعلان الوساطة قبل هذه الخطوات المهمة والتى تتم عادة فى سرية بعيداً عن الاعلام بلا فائدة تذكر . التوجس ومناخ انعدام الثقة يجعل هذا الطرف وذاك يتشكك فى هدف الوساطة ، فهذا يعتبرها انقاذاً للاخوان ومحاولة لاعادتهم للمشهد ، والاخوان ينظرون اليها كمحاولة لفرض الأمر الواقع عليهم وجرهم للتنازل عن جميع مطالبهم دون مقابل ،ولنجاح الوساطات أرى أنه لابد من السرية أولاً حتى تنضج تماماً ويصل الوسطاء بالطرفين الى منطقة وسط ومبادئ وتفاهمات مشتركة ، عندها يتم الاعلان عن التفاصيل الأخيرة المتممة للاتفاق ولتأخذ الاجراءات الأخيرة فى التصالح حظها فى الاعلام والعرض على الرأى العام بعد صياغة الاطار العام للاتفاق ، وأحب أن أقولها صراحة أنا مع المصالحة مع التيار الاسلامى عموما ومع جميع من لم يتورط فى دم وعنف وارهاب وهؤلاء هم غالبية الحركة الاسلامية اليوم ، مع عزل واقصاء المحرضين والمغالين فى التشدد ومن تورطوا فى أعمال عنف ، فهذا هو الضامن السياسى الأقوى لمستقبل مصرى أكثر أمناً واستقراراً لأنه ثبت عملياً وتاريخياً وواقعياً أن الحل الأمنى بمفرده لا يجدى ولا يسمن ولا يغنى من جوع . واختتم هشام النجار ،تصريحاته ل النهار ، قائلا : حتى من الناحية الشرعية فالصلح أباحه الاسلام حتى مع اليهود والمشركين لمصلحة الاسلام والأوطان وفق شروط وبنود ومعاهدات مكتوبة ، وهى قضية مهمة من قضايا الفقه الاسلامى تخضع للمتغيرات السياسية ورؤية الحاكم وتقديره لمصلحة الوطن . فإذا كان الصلح مع اليهود والمشركين مباحاً بعد حرب ومواجهات دامية وقتلى .. الخ ، فمن باب أولى فهو جائز مع مصريين ومسلمين بعد قتال ومواجهات فتنة بل قد يصل فى بعض الأحيان لمرتبة الواجب . الشبراوى : الإخوان يتمنون العودة إلى المشهد والشعب يرفض وجودهم أما الشيخ عبدالخالق الشبراوى ، رئيس جبهة الإصلاح الصوفى ، فقد رفض رفضا باتا فكرة المصالحة مع جماعة الإخوان كونها جماعة إرهابية لا تعترف بوطن ولا دولة وكل ما يشغلها ويهمها هو كرسى السلطة حتى لو تم تدمير الوطن والشعب فى سبيل هذا الكرسى الملعون . وتابع الشبراوى فى تصريحات خاصة ل "النهار" : الإخوان يتمنون العودة إلى الحياة السياسية المصرية مرة أخرى بأى طريقة وبأى ثمن لكنهم لن ينجحوا فى ذلك لأن الشعب كشفهم ويرفض حتى وجودهم فى المجتمع المصرى. الشهابى: القصاص أولا ثم يأتى الحديث عن مبادرات الصلح أما الأحزاب والقوى الثورية والوطنية ، فقد اتفق معظمها على استحالة التصالح مع الإخوان الارهابيين الذين أسالوا دماء المصريين وقتلوا رجال الشرطة والجيش وهددوا وأرهبوا الشعب المصرى من أجل العودة الى سدة الحكم مرة أخرى ، حيث رأى ناجى الشهابى - رئيس حزب الجيل الديمقراطى - استحالة التصالح مع الإخوان الإرهابيين بعد أن تورطوا فى اسالة دماء المصريين ، بل وطالب الشهابى بمحاكمة هؤلاء ومعاقبتهم بأقصى عقوبة جراء ما ارتكبوه فى حق هذا الوطن . وأضاف الشهابى ل "النهار" : لن نفرط فى دماء المصريين الذين أسالتهم الجماعة المحظورة ، فالدماء لا تصالح فيها ، إلا بعد القصاص ، ولذلك فأنا أرى أنه لا مستقبل لأى مصالحة وطنية مع الإخوان ، إلا بعد القصاص ، ممن حرضوا على هدم مصر وسعوا إليه بالقول والفعل . الشيخ : لا تصالح مع قتلة ومجرد الحوار معهم كفر بثورة 30 يونيو عصام الشيخ - المستشار القانونى للحزب الحر- : يؤكد أنه لا تصالح مع قتلة وسافكى دماء المصريين ، فالإخوان انتهوا تماما من الشارع المصرى والدخول معهم فى مصالحة يعيد اليهم الروح مرة أخرى ويساعدهم فى إعادة تجميع أوراقهم التى تلوثت بدماء الأبرياء ، كما ان إتمام تلك المصالحة يعد كفرا بثورة يونيو ، التى رفضت هؤلاء المرتزقة ، وأقصتهم من على عرش مصر ، بعد عام واحد من حكمهم للبلاد . السهرى : المصالحة تحقن الدماء ولا مانع منها من أجل مصلحة مصر الدكتور طارق السهرى - رئيس الهيئة العليا لحزب النور السلفى - يرى أنه لا سبيل للخروج من أزمات مصر الحالية سواء كانت اقتصادية أو سياسية أو أمنية إلا من خلال الجلوس على مائدة الحوار الوطنى الجاد والوصول الى حل يرضى جميع الأطراف، ويشمل مصالحة وطنية حقيقية بين جميع أطياف وفصائل الشعب ، حقنا لدماء المصريين وسعيا لبناء مصر من جديد وبمشاركة جميع أبنائها . وأضاف السهرى فى تصريحات خاصة ل "النهار" : نحن كحزب النور السلفى ، ورغم هجوم الإسلاميين علينا فى الفترة الأخيرة ، نرحب بأى مبادرات تخرج من أى طرف من أجل مصالحة وطنية شاملة، طالما تشمل تلك المصالحة حلا جذريا للأزمة الحالية ونهاية حقيقية لحمامات الدماء التى تسيل يوميا بسبب هذا الخلاف السياسى بين أبناء الوطن الواحد ، فالله حرم الدماء واعتبر إسالتها واحدة من أكبر الكبائر فى الدين الإسلامى . القاسمى : اعتذار الإخوان واعترافهم بثورة يونيو شروط أساسية للقبول بالمصالحة معهم الشيخ صبرة القاسمى - القيادى المنشق عن تنظيم الجهاد ومنسق عام الجبهة الوسطية - ، يؤكد أنه ضد أى حوار يتبنى واقعاً مغلوطاً ، ولذلك قبل التفكير فى المصالحة أو الحوار يجب أولا ان تعترف جماعة الإخوان الارهابية بثورة 30 يونيو وبأخطائهم التى تسببت فى اندلاع الثورة ضدهم ، وأن يعترفوا أيضا بالارادة الشعبية وخارطة الطريق التى أقرها الشعب ، ولذلك انا كنت ضد مبادرة دكتور حسن نافعة مع احترامى لشخصه وأنا الآن ضد مبادرة صفوت عبدالغنى وضد أى مبادرة أخرى للمصالحة والحوار إلا بعد اعتذار الإخوان عن كل ما فعلوه وما يفعلونه وخاصة ان هناك دماء أريقت بسببهم وبسبب تظاهراتهم التى نغصت حياة المصريين، مع ضرورة دخولهم فى الحوار دون أى شروط يفرضونها على الشعب المصرى ونظامه الحاكم بقيادة الزعيم عبدالفتاح السيسى .