يبدو أن الكويت على موعد دائم بعد التهديدات المباشرة التى طالت شماله مجددا، وذلك عبر وضع الكويت على خارطة مرتقبة لتنظيم الدولة الإسلامية فى العراق والشام (داعش)، والذى رسم عبرها تصوره لحدود الدولة التى يسعى لإقامتها، وبات الأمن فى الكويت مهددا ليدخل بذلك ضمن التحديات الخطيرة، التى تواجهها دول المنطقة. استنفار على جميع المستويات الأمنية والسياسية بات مطلبا ملحا فى الكويت، لاسيما بعد التقدم المفاجىء لتنظيم "الدولة الإسلامية فى العراق والشام" المعروف اختصارا ب"داعش" وسيطرته الكاملة على عدد من المدن العراقية وسعيه للمزيد، طرحت العديد من الأسئلة بشأن مخاطره على دول الجوار العراقى والسورى . فمع استمرار سيطرة تنظيم داعش الارهابى فى هجمات مفاجئة على العديد من المناطق العراقية، بدأت المباحثات السياسية فعليا من خلال اتصالات اجراها رئيس مجلس الوزراء الكويتى الشيخ جابر المبارك، مع نظيره العراقى نورى المالكى ناقش معه خلالها التطورات الأمنية فى العراق، والتى تتطلب موقفا موحدا وسط مطالبات كويتية لتحصين الجبهة الداخلية للبلاد، بعد تعرضها للتهديد. وبالطبع لم تشكل الدول الخليجية بما فيها الكويت استثناء على هذا الصعيد بل هى المعنية أكثر من غيرها مع وجود حدود مفتوحة وطويلة لها مع العراق بحيث يسهل تسلل عناصر من التنظيم اليها. من جهته أكد النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية الشيخ صباح الخالد الصباح، أن التطورات فى العراق تثير قلقا عميقا ليس للكويت فحسب، وإنما لجميع بلدان المنطقة، مشيرا الى أن الكويت حذرت فى وقت سابق من العواقب، التى ستلى امتداد التطورات الأمنية فى سوريا الى بلدان أخرى. وأوضح الخالد أن أى تهديد لبلد من بلدان المنطقة أو التطرف والإرهاب وتمويله، كلها من شأنها أن تعرض أمن المنطقة للخطر، وتشكل مصدر قلق حقيقيا لها. ويرى محللون ان استقطاب هذا التنظيم لاصحاب الأفكار المشابهة وتعاطفهم معه فى دول المنطقة هو رافد مهم من روافد قوته يجب أن يؤخذ فى الاعتبار وأن يواجه بتيقظ وحسم مطالبين بضرورة تحصين الشباب من مخاطر بعض الجماعات المتطرفة عبر التوعية الاعلامية والفكرية إضافة إلى التأكد من مآل التبرعات الخيرية . تنظيم "داعش" أعلن عن خريطة تصور الدولة الإسلامية التى يسعى لإقامتها وبدا لافتا وضع الكويت ضمنها على ما نشر، ما يعنى اتساع دائرة الخطر. من جهته اعتبر وكيل وزارة الخارجية خالد الجارالله ان تهديدات (داعش) حقيقية مبينا انها ليست موجهة فقط ضد الكويت ولكنها موجهة ضد المنطقة باسرها مشددا على ضرورة اليقظة والحذر والتنسيق من أجل هذا الأمر وتحصين الجبهتين الكويتية والخليجية لمواجهة مثل هذه التحديات الخطيرة والمتزايدة. وأوضح الجارالله أن الخريطة التى نشرها مؤخرا تنظيم الدولة الاسلامية فى العراق والشام (داعش)، وشملت حدودها الكويت يؤكد أن التنظيم يستهدف المنطقة كلها، مشيرا الى أن الكويت ليست معنية بالتدخل عسكريا؛ للحد من توسع تلك الجماعات فى العراق، معتبرا أنه شأن داخلي. وفى المقابل برزت دعوات نيابية تطالب الحكومة بالاعلان عن استعداداتها لمواجهة أى تطور قد يطرأ فى العراق خصوصا وأن الأحداث تجرى فى منطقة لا تبعد كثيرا عن الكويت كما دعا غير نائب الحكومة إلى الاستعداد التام تحسبا لأى تصعيد مفاجئ لافتا إلى أن أخذ الحيطة والحذر أفضل من الانتظار حتى وقوع ما لا يحمد عقباه. وتضمنت تلك الدعوات ضرورة إنشاء هيئة دائمة لإدارة الأزمات ومواجهة الكوارث من شأنها وضع الاستعدادات والخطط اللازمة فى حالات الطوارئ أو الكوارث أو الحروب أو أى أمر غير محمود العواقب. الناطقة الرسمية باسم الخارجية الامريكية جين ساكى أكدت ان عناصر داعش يشكلون خطرا على المنطقة بأكملها وليس على العراق فقط وأن الولاياتالمتحدة قلقة جدا مما يحدث. وإذا كان ثمة اختلافات فى الآراء بشأن سبل وآلية مواجهة التنظيم المصنف إرهابيا من قبل العديد من الدول، إلا أن ثمة اجماعا على ضرورة هذه المواجهة من أجل أن يستعيد العراق استقراره ما سينعكس ايجابيا على المنطقة بأسرها. من جهته أعرب نبيل فهمى وزير الخارجية عن إدانته الشديدة لأعمال الإرهاب والقتل العشوائى فى العراق ورفض الأعمال البربرية التى تستهدف المدنيين، مشدداً على أن ما يجرى هناك ينبئ بمخاطر جسيمة تهدد وحدة واستقرار العراق بل واستقرار المنطقة بأكملها. واكد أهمية وحدة الصف العربى لصياغة موقف موحد، بالتنسيق مع السلطات والقوى الوطنية العراقية، يصون للبلاد وحدتها وسلامتها الإقليمية وعدم تقسيمها على أسس مذهبية أو طائفية.