على عربته المزينة بحزم الجرجير والبصل وانواع "الطرشي" يقف الزبائن فى طابور طويل .. فالفول أكلة شعبية يشتهر بها المصريون ويعتمدون عليها فى إفطارهم اليومى كوجبة متعددة المميزات فهى شهية ومرتفعة القيمه وزهيدة الثمن ... والفول وجبة اساسيه يدخل البيوت والقصور وقد يظل ضيفا دائما على مائدة من هم تحت خط الفقر والذين يمثلون شريحة عريضة فى المجتمع المصرى و تعانق فيها حباته المدمسه الخضر او التوابل فيختلف الطعم ليشبع البطون ويرضى جميع الأذواق. أصرت زميلة ان نأخذ دورنا ونلتهم بعض انصاف ارغفة الفول والتى تراهن على لذتها وجودتها ومدى نظافتها...اثناء الانتظار امام واحدة من اشهر عربات الفول فى احدى المناطق الشعبيه الشهيرة بالقاهرة قابلناه.. قريب لها اصيب بالهلع عندما شاهدنا وأصر على انتشالنا من الطابور فى موقف اثار استياءنا ودهشتنا غير ان حواراً صغيراً هامساً دار بيننا قلب موازين الامور. 00بلاش تاكلوا فول من هنا .. ابنى الصغير بيلعب مع ابن الراجل صاحب العربيه وهما مأجرين أوضة فى المنطقه عشان يعيشوا فيها ويسووا الفول وقالى ان شاف مراة "عم.. " بتحط عالفول "شبة وصبغة "؟! - اه ".." شبة وصبغة"! - حد عارف .. يمكن بتدى للفول طعم كويس!! - المهم الواد كليته تعبت شويه فقلت للدكتور واكد لى انه منها وانه لو استمر ياكل من الفول المسموم ده هيجيله فشل كلوى او سرطان. خرجنا من معركة "الفول" منهزمين منسحبين من أمام العربة التى اختفت فى دوامة البشر حولها غير اننا اعتبرنا المعلومة الصادمة كانت غنيمة أثمن من الانتصار فى المعركة والربح بأرغفة الفول لسد افواه معدتنا التى تصرخ جوعا! غرفة صغيرة جدا من حيث المساحه بجدران غير نظيفة مصابة بالشيخوخة والعاهات تجرى عليها الفئران التى قد الفت جحورها وشقوقها وفى اركانها تنسخ العناكب بيوتها الوهنه والتى بدت قديمة لم تتم ازالتها منذ سنوات وأرض متسخة تصيب بالاشمئزاز تتناثر عليها بهارات غريبه واكياس مجهولة! فى الجانب الايمن كانت تتناثر أوان واطباق وبقايا فول ويبدو انها الاوانى المستخدمة فى طهى قدرة الفول اللذيذة التى تزين العربة النظيفه الواقفة فى اول الشارع ! فى آخر النهار بدأ يطهو فوله وظللنا نراقب .. ذهب الى احد العطارين الكبار لشراء ما يلزم من التوابل .. فى "القدرة" القديمة وضع الفول وحفنة من العدس لا تقارن بحجم ما فى القدرة من ماء وفول لم يغسله سوى مرة واحدة ورغم ان ماءه كان متسخا وبه شوائب لكنه لم يهتم ...اخرج اكياس توابله المجهوله متعددة الالوان حمراء وصفراء وبيضاء ووضع الكثير منها فى القدرة واغلقها وجلس يقطع بعض الخضراوات .. غير اننا لاحظنا انه فى حوالى 3 ساعات كانت قدرة الفول قد نضجت وهو ما دعانا للاستغراب فالفول يحتاج من 8 الى 9 ساعات لتدميسه !!! علمنا من العطار ان المادة الصفراء هى فعلا الكركم اما المادة الحمراء هى لون صناعى والذى قال ان معظم زبائن تلك الالوان من اصحاب عربات الفول والذين يشترون الفول الرديء يحسنون لونه بتلك الالوان التى يضعونها بكميات كبيرة حتى يظن الناس ان به كمية كبيرة من العدس الذى وصل سعره الى عشرة جنيهات للكيلو وهو ما لا يحدث ليزيدوا مكسبهم اضعافا لانهم يرفعون من ثمن رغيف الفول او يبقون سعره كما هو دون زيادة عليهم فى التكلفة. الدراسات فى مجال التحاليل الخاصة بالسموم والاطعمة فى المعامل المركزية والتى تؤكد ان فول العربات يتم استخدام 3 مواد به: المادة حمراء هى لون من الالوان الصناعية وتدعى سوداناى وهى مادة غير مصرح بها للاستخدام الادمى سوى بنسبة 1 فى المائة اى قدر غاية فى الضآلة على كم كبير وهو ما لم يحدث فبائع الفول يضعها بكميات كبيرة لكى يزداد لون فوله احمرارا وبالتالى يجذب الزبائن وهى مادة غير مطابقة للاستخدام الادمى طبقا لقانون 10 لسنة 66 الخاص بصبغات الالوان. وقصة السوداناى بدأت بكونه لوناً مصرحاً به وسرعان ما ثبتت أضراره عالميا لعدم التزام مستخدميه بالكميات المحددة فانتقل الى الجدول غير المصرح به وبدأ استخدامها فى دخولها فى صبغات الملابس وهى مادة شديدة السمية للخلايا وقد تسبب تسمماً غذائياً اضافة للسرطانات على المدى البعيد . أما المادة البيضاء فكانت مفاجأه وتبريراً دلهشتنا لسرعة نضوج قدرة الفول فى 4 ساعات فلم تكن سوى الشبة الشعبى او بيكربونات الصوديوم والشبة هى احدى المواد الكاوية والسامة وكثرة بيكربونات الصوديوم فى الطعام يسبب فشلا كلويا مع استمرار تناولها والتى يستخدمها بائعو الفول الذين باعوا ضمائرهم فى تحضيره ليسرعون من عملية نضجه توفيرا للغاز وتقليلا للتكلفة اضافة الى مادة هيدروكبيريتيت الصوديوم التى تعمل على جعل ثمرة الفول ناضجة وفاتحة لتبدو شهية. رغم منادات الكثيرين واكتشافهم لبائعى الفول وهم يستخدمون تلك المادة الحمراء واكتشافنا استخدامهم للشبة الشعبى التى تهلك اكباد وكلى المصريين، فإن عربات الفول التى تطعم افواههم الصغيرة والكبيرة مازالت لا تخضع للرقابة.