كتب : عربي أحمد صدرت عن دار سما للنشر بمعرض القاهرة الدولي للكتاب رواية "جحر السبع" للكاتب والباحث فى شئون تيار الاسلام السياسى "سامح فايز". والرواية تعتبر الجزء الثانى من كتابه "جنة الاخوان – رحلة الخروج من الجماعة " الذى حكى فيه رحلة خروجه من جنة الجماعة. يحكى سامح فايز فى روايته "جحر السبع" - ذلك الاسم القديم لإحدى قرى مركز كرداسة - العالم الذى يعيش فيه الخارج عن الجماعة الدينية بعد أن يهجر التيار الدينى ويهجره أعضاء تلك التيارات، وكيف يمر بسنوات من التيه حتى يتمكن من استرداد حياته مرة أخرى دون تشوهات التربية الدينية، وربما عجز ذلك الهارب من جنة الجماعات أن يسترد عافيته مرة أخرى ويظل على انتماءه الفكرى لها حتى وإن لم ينتمى تنظيميا، وذلك من خلال سرد حياة البطل "يوسف عبد العزيز" الشاب الذى نشأ وتربى طفلا فى جماعة دينية ثم خرج عنها ليتحول به المقام إلى الالحاد. الرواية تحكى عالما لم يفتح أبوابه أحد من قبل، فمعظم ما سطر عن الجماعات الدينية كان يحكي رحلة الخروج والانشقاق، إلا أن أيا من تلك الكتب لم تسطر حالة التيه التى يمر بها شباب الخارجين عن الجماعات الدينية ، وكيف أنهم يتعاملون بمنطق رد الفعل فى التعامل مع التيار الدينى مما يتسبب فى الحاد أغلبهم أو الظن أنهم كفروا بتركهم تلك التيارات. يحاول سامح فايز فى روايته " جحر السبع " التأكيد على خطورة تلك التشوهات التى تتركها التربية الدينية فى عقول الاطفال والتى تسيطر على تصرفاتهم فى مراحل عمرية متقدمة، مسلطا الأضواء على تلك التغيرات الغريبة التى تظهر على معظم المنشقين وكيف أنهم ربما ظلوا يحيون داخل تلك الجماعات حتى وإن تركوها لأنهم يتعاملون مع الآخر بنفس تراتيب الجماعات الفكرية التى نشأوا عليها. يحكى سامح فايز على لسان بطل الرواية قائلا:" أعيش فى مجتمع يسمح لسكانه بإتيان كل الموبقات، لكن إن فكر أحد هؤلاء القابعين على أرضه أن يأتى معصية التفكير وخلع رداء الدين ليصل للحقيقة بنفسه؛ تبدلت النفوس وعلقت المشانق". ويقول فى فقرة أخرى من الرواية:" تلك المقارنة كانت من السهولة بمكان، أن أختار بين معصية التفكير أو معصية الانصياع للجسد. الاجابة دائما ما تكون مقبولة طالما كانت بعيدة عن طرق أبواب المسكوت عنه". على الجانب الآخر يسعى سامح فايز فى رواية جحر السبع إلى كشف الزيف حول عدة حقائق تربى عليها بطل الرواية ليكتشف فى النهاية أن ما ظنه الجنة لم يكن جنة، وأن ما اعتقد أنه النار لم يكن كما ظن فى مخيلته التى تشكلت على أراء تلك الجماعات فيقول فى فقرة أخرى فى الرواية: " لم تعد المسألة قاصرة على جماعة دينية بأفكارها المعقدة، بل إن المجتمع بأكمله يشترك فى تعقيدها، كيف يتأتى لإنسان أن يبحث عن المعرفة وهو يربط على بطنه من الجوع؟ بل كيف له أن يهتم من الأساس وهو يفقد شيئا فشيئا شعوره بالانسانية، حتى وإن تجاوزنا ذلك فالمجتمع بأكمله يحمل فى طياته عوالم فكرية فى منتهى العبثية، الحقيقة صارت غائبة، تاهت فى غياهب ذلك السجن الكبير الذى نعيش فيه، وبمرور الزمن طمست بملايين الأكاذيب التى تحولت فى حد ذاتها إلى حقيقة، فأنت الآن لن تتكبد عناء الوصول إلى الحقيقة فقط، بل أضف لذلك عناء إدراك المفبرك منها الذى حولته عادات البشر إلى حقائق مقدسة".