أ ش أساد الهدوء مختلف الأوساط فى العاصمة التركية أنقرة على عكس العواصم الأخرى فى العالم ، وفى مقدمتها واشنطن اثر نشر الموقع الالكتروني ويكيليكس 7918 وثيقة سرية تتناول تركيا من بين نحو 250 ألف وثيقة تم تسريبها من السفارات الأمريكية فى دول العالم المختلفة.وعبرت غالبية السياسيين الأتراك عن الاستياء من الوثائق التى سربتها السفارة والقنصلية الأمريكية في تركيا حول الأسماء البارزة بالحكومة وفى مقدمتها رئيس الوزراء رجب طيب اردوغان وحزبه العدالة والتنمية الحاكم .وأكد الرئيس عبد الله جول أن ما نشره الموقع هي موضوعات متوقعة ، قائلا :إننا ننتظر ما سيظهر بعدها .وعبر وزير الدفاع وجدي جونول عن استيائه من الوثائق المنشورة على الموقع متضمنة اسمه قائلا إن السفارة الأمريكية في أنقرة خالفت القواعد الدبلوماسية وقامت بتقييم موضوعات تخص السياسة الداخلية وأكد أن جميع ما احتوته الوثائق بشأنه غير صحيح بالمرة .من جانبها دعت أحزاب المعارضة الى انتظار نشر جميع الوثائق ومن ثم تقييم الموضوع مشيرة الى أن العلاقات التركية الأمريكية ستتأثر لفترة قصيرة ومن ثم ستعود الى طبيعتها بين الدولتين الحليفتين.وأكد محللون سياسيون عدم وجود مفاجآت فى الوثائق السرية التي نشرت حتى الآن ومنها 7 وثائق مصدرها السفارة الأمريكية فى أنقرة ، واثنتان مصدرهما القنصلية الأمريكية فى اسطنبول، والباقى عبارة عن معلومات تم تسريبها عن طريق بعض الدبلوماسيين الأمريكيين حول التطورات الداخلية والخارجية المتعلقة بتركيا.وقال المحللون إن الجميع في العالم يفهم سياسة حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا ، المناهضة لإسرائيل والمؤيدة لإيران بشأن أزمة برنامجها النووي وأن الشكوك المتزايدة في الأوساط الأمريكية والأوروبية بشأن اقتراب تركيا من العالم الإسلامي وابتعادها أمريكا والغرب ليست سرا .وأجمع كتاب الصحف التركية الصادرة اليوم ، والتى انشغلت تماما بنشر وتحليل ما جاء على موقع ويكيليكس أن الأمريكيين لا يمكن ان يفهموا رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان اكثر منهم حيث ان معظم الشارع التركي يعلم جيدا نقاط قوة وضعف أردوغان وان الأغلبية لا تدعم حزب العدالة والتنمية ، وإنما تدعم شخصية اردوغان في الانتخابات سواء البرلمانية أو المحلية وان جميع الاطراف ترى أن حزب العدالة سيفوز مجددا بالانتخابات البرلمانية القادمة وان الجميع يعلم أنه لا يمكن لأردوغان وحزبه الحاكم ان يغير نهجه السياسي خلال فترة قصيرة وضمن هذا الاطار لا يمكن للوثائق السرية التى أعلنت أو التي ستعلن ان تؤثر سلبا على الاقتصاد التركي .ورأى خبراء اقتصاديون أن سبب ارتفاع قيمة الدولار أمام الليرة التركية وانخفاض أسهم البورصة وارتفاع نسبة الفوائد بتعاملات يوم أمس تعود الى استمرار القلق بالاوساط الاقتصادية العالمية حول الديون المترتبة على اسبانيا والبرتغال وليس جراء إعلان الوثائق السرية على موقع ويكيليكس .واتهم الكاتب فى صحيفة خبر تورك محرم سكاريا الدبلوماسيين العاملين بسفارة الولاياتالمتحدة فى أنقرة بافتقاد النظرة السياسية ضاربا المثل فيما جاء ببعض الوثائق من تحليلهم للتحذير الذى أصدره الجيش أثناء انتخابات الرئاسة فى تركيا فى أبريل من عام 2007 ، حيث اعتبر الدبلوماسيون الأمريكيون أن هذا التحذير من المساس بالعلمانية أدى الى زيادة الأصوات لصالح الأحزاب العلمانية بينما ما حدث هو العكس تماما حيث ارتفعت أصوات حزب العدالة والتنمية الحاكم فى الانتخابات البرلمانية فى يوليو من العام نفسه بسبب هذا التحذير وحصل على 47% من أصوات الناخبين .وأضاف أن السفير الأمريكي فى ذلك الوقت روس ويلسون أخطأ التقدير بالنسبة لقضية إغلاق حزب العدالة والتنمية الحاكم ، ولم يستطع أن يدرك حقيقة أن اردوغان نجح فى استغلال هذه القضية ليظهر وحزبه على أنهم ضحايا ، مشيرا الى أن السفارة الأمريكية فشلت على مدى 10 سنوات فى قراءة واقع الأحداث فى تركيا .بدورها، رأت الكاتبة فى صحيفة وطن روشان شاكر أن الوثائق التى نشرها موقع ويكيليكس لن تؤدي الى أزمة فى العلاقات التركية الأمريكية، مشيرة الى أن قيادات حزب العدالة والتنمية الحاكم فى تركيا تعرف جيدا ان المسئولين الأمريكيين ينظرون اليهم دائما بنوع من الريبة .وأضافت أن الوثائق التى تتعلق بالفساد فى حزب العدالة والتنمية هى الأكثر تأثيرا بالنسبة للحزب وهى التى يمكن ان تشكل عامل ضغط على الحكومة، لافتة الى أن الرقابة الذاتية فى الصحف التركية قد تمنعها من نشر غالبية تفاصيل هذه الوثائق لكنها اعتبرت أن الأمور لن تبقى على حالها بأى شكل فى تركيا بعد الآن.