يلتقى كل منا فى بعض الأحيان بأشخاص لهم أعمار طويلة قد تصل لمائة عام وأكثر، وبعدها نبدأ نتساءل كيف يتمتع هؤلاء بصحة جيدة رغم تقدمهم فى العمر؟، أو نتساءل عن السر وراء طول عمرهم الملفت للنظر والمثير لكثير من التساؤلات؟ لذلك حاول موقع "ناشيونال جيوغرافيك" المتخصص فى الشئون العلمية، الرد على هذه الأسئلة ويطلعنا على السر وراء العمر الطويل من وجهة نظر العلماء والمعمرين أنفسهم، حسب الآتى : - (المناطق التى ينتشر بها المعمرون ) أثبتت الأبحاث أن هناك العديد من المناطق حول العالم التى ينتشر بها المعمرون بكثرة وهذه المناطق لها سمات وطبيعة مختلفة تجعل سكنها يعيشون حياة أطول ويمتلكون صحة أفضل، وهذه المناطق هى : أوكيناوا: هى محافظة بجنوباليابان سكان أوكيناوا من بين أطول الناس عمرا فى العالم، وتقول الدراسات أن هذه المنطقة تعطى شعورا بالهدوء والراحة. سردينيا: ثانى أكبر جزيرة فى البحر الأبيض، وهى إقليم ذاتى الحكم فى إيطاليا، وتتميز بطبيعتها الساحرة بسبب الجبال الشاهقة والمرتفعات التى تكسوها الأعشاب الخضراء، يعمل معظم سكانها فى الرعى، ويتمتعون بصحة جيدة. لوما ليندا: هى مدينة فى ولاية كاليفورنيا بالولايات المتحدةالأمريكية، تتمتع بمناظر طبيعية خلابة، ولها طبيعة هادئة ومريحة للأعصاب، متوسط عمر سكانها مرتفع، كما تضم عددا كبيرا من المعمرين الذين يتخطى عمرهم المائة عام. (معمرون يخبروننا بأسرار العمر الطويل) سالفاتورى كاروسو هو رجل إيطالى الجنسية يبلغ من العمر 106 أعوام، يجلس بالقرب من موقد مشتعل فى منزله الذى يقع على مشارف بلدة"u Raggiuneri" ليحصل على بعض الدفء، وكان كاروسو يقرأ فى هدوء وتركيز شديد مقال عن نهاية العالم. وقال سالفاتورى للباحثين إنه فى صحة جيدة، وبدت ذاكرته سليمة بشكل غير عادى، فأشار إلى أن والده توفى عندما كان تلميذا فى عام 1913، وحكى كيف أن والدته وشقيقه قد توفيا فى الفترة التى انتشرت فيها جائحة الأنفلونزا فى (1918-1919) ، كما ذكر إنه تم طرده من وحدة الجيش فى عام 1925 بعد أن سقط عن طريق الخطأ وكُسرت ساقه. وعندما سأله أحد الباحثين عن السر وراء عمره الطويل، قال كاروسو بابتسامة ماكرة "لا أدخن ولم أنفق أموالى على التبغ، لا أشرب الخمور، ولا أقضى وقت فراغى مع النساء، وأضاف أنه يأكل بكثرة التين والفول، ونادرا ما يأكل اللحوم الحمراء". تونينو تولا رجل فى ال 90 من عمره، يعمل راعيا، طوله حوالى ستة أقدام، فى الوقت الذى زاره الباحثون، فى منزله الذى يقع فى قرية Silanus، كان تولا يعمل خلف المنزل يذبح أحد العجول التى يربيها، خرج وفى يده سكينة كبيرة وضعها جانبا وحيَّا الباحثين وصافحهم بحرارة. وقال تونينو "إن هذه القرية التى يعيش بها والتى تقع على هامش منحدر من جبال Gennargentu فى وسط سردينيا والتى أطلق عليها خبراء الديموغرافيا المنطقة الزرقاء، تأوى الكثير من المعمرين الذين تتخطى أعمارهم المائة عام وأكثر". وأضاف تولا، أن سر عمره الطويل هو أنه يعمل كثيرا ويمشى كثيرا وقال: "أنا اليوم قبل أن تصل الساعة الحادية عشرة كنت قد حلبت أربع بقرات وقطعت عددا كبيرا من الأخشاب، ومشيت أربعة أميال لأرعى غنمى" وأشار إلى أن كل هذا يعمل على تقليل الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية ، كما أننى لا أدخن ولا أضر نفسى بالعصبية والانفعال. يوشى أوكيوشيما امرأة فى ال 103 من عمرها مرسوم على وجهها ضحكة طبيعية ولها عيون خضراء واسعة ولها شعر برونزى اللون يتخلله بعض الشعيرات البيضاء، تعيش فى منزل خشبى صغير فى قرية ساحلية بالقرب من منطقة " أوكيناوا" ، عندما زارها الباحثون كانت تجلس على حصيرة مع إحدى صديقاتها ومتخذة وضع القرفصاء، وكانت تحتسى كوبا من الشاى الأخضر. عندما سألها الباحثون عن سر عمرها الطويل، قالت "إنها تعشق الأعشاب الطبيعية وترى أن أى مرض علاجه موجود فى الطبيعة، وأنها تمارس رياضة التمشى فى صباح كل يوم، بعد أن تتناول الحليب مع الموز، وأنها تحرص على شرب عشب الماجورت الذى يساعدها على الهدوء". وقالت: "إن نوع الطعام ليس هو السر فى عمرى الطويل ولكن التأمل والعيش فى مكان مريح يساعد فى إطالة العمر، فأنا أشعر بالبهجة الشديدة بمجرد أن أستيقظ كل يوم وأرى الطبيعة الساحرة، وأن يوما ما سأموت ولكنى سأكون حييت حياة طيبة وسعيدة وأرضى عنها". مارج جيتون رجل عمره 101 عام ، يعيش فى منطقة "سان برناردينو" بكاليفورنيا، عندما رآه الباحثون كان يقود سيارة كاديلاك زرقاء مكشوفة بسرعة كبيرة على الطريق السريع، كان عائدا من إحدى الأعمال التطوعية التى يمارسها بشكل يومى، كما أن له ذاكرة قوية فأسرد للباحثين الكثير من الأحداث التى حدثت فى حياته منذ بالتفاصيل 1906 . هو رجل رياضى له جسم رشيق يصعب عليك أن تتوقع عمره، فهو يبدو صغير نسبيا، وعندما سأله الباحثون عن سر عمره الطويل، قال أنا مشيت اليوم مسافة 1.6 كيلومتر ورفعت بعض الأوزان وقمت ببعض الأعمال التطوعية وكل هذا قبل أن تدق الساعة الواحدة، وأعتبر هذا من الأسباب التى تبقينى حية حتى الآن. وأضاف، أنا لا أشرب الحكول أو المشروبات التى بها نسبة من الكافيين، ولا أحب التدخين ولا أستطيع أن أتناول الأطعمة الملوثة، وقال أحب الخضروات بشدة والمكسرات، فهى تعطى طاقة وتجعلنى أشعر بالسعادة،كما أننى أحب القراءة. - (النظام الغذائى الخاص بالمعمرين) يحتوى النظام الغذائى الذى يتبعه المعمرين على الفواكه المحلية الطازجة الخالية من الكيماويات والخضروات مثل الكوسا والباذنجان والطماطم والفول، التى قد تقلل من خطر الإصابة بأمراض القلب وسرطان القولون. وتشمل الطاولة الخاصة بهم أيضا على منتجات الألبان، مثل حليب الأغنام وجبن بيكورينو وخبز القمح، كما يهتمون بأكل الأسماك، التى تعمل على المساهمة فى تزويد الجسم بالبروتين وأوميغا 3 والأحماض الدهنية. ويهتم المعمرون بأكل بالفجل الصينى والثوم والبصل الأخضر، والملفوف، والكركم، الذى يقى من سرطان الدم، ويواظبون على تناول الفاصوليا وحليب الصويا والمكسرات المختلفة. أما المشروبات، فهم لا يستغنون عن الأعشاب المهدئة للأعصاب. - (تفسير العلماء لأسباب للعمر الطويل) تعددت الأسباب التى توصَّل إليها العلماء من خلال بحثهم حول السبب فى طول العمر والسر وراء المعمرين. فالتر لونغو، عالم بيولوجيا الخلايا فى جامعة جنوب كاليفورنيا الذى يدرس الشيخوخة، يقول "إن بعد دراسات واسعة توصلنا إلى عدة أشياء مختلفة قد تفهمنا السر وراء طول العمر، أولاها هو أن وجود عدد كبير من المعمرين فى مناطق معينة يجعلنا نعى أن هناك سر فى هذه المناطق، يمكن أن يكون السر متعلقا بالجينات الوراثية ويمكن أن يكون متعلقا بالطبيعة ونظام الغذاء وعادات هذه المناطق". وقال أندريه باتريك عالم فى جامعة جنوب إلينوى، "إن بعد التجارب التى أجريت على الفئران لإطالة عمرها عن طريق عمل تغييرات فى الجينات، وجد أن إغلاق مسار هرمون النمو إلى إطالة عمرها بنسبة 40 فى المائة من الفئران العادية، وعلق أن هذا لا يمكن تجربته مع الإنسان، ولكن يوضح لنا أن الشذوذ الجينى قد يكون سبب فى العمر الطويل". وتوصل بعض العلماء أن هناك هرمون يعرف باسم IGF- 1، أو عامل النمو الذى يشبه الأنسولين، إذا وجد بمستويات منخفضة بشكل غير عادى فى الدم، فهو يلعب دورا هاما فى النمو فى مرحلة الطفولة، ولكنه يسبب أضرارا أخرى، وما زال العلماء يبحثون حول هل السيطرة على هرمون واحد فى الدم يمكن أن يؤجل أمراض الشيخوخة؟ - (كيف يمكن إطالة الحياة ) بعد أن قام العلماء بعمل دراسات على أربع مجموعات مختلفة من الناس المقسمين حسب مواقعهم الجغرافية وثقافتهم، ووجدوا أن هناك طفرات مختلفة فى الجينات لدى كل مجموعة على حدا تحميهم من الإصابة بالأمراض التى تقصر الحياة. فتعلم كيف يمكن لهذه الجينات أن تطيل العمر: المجموعة الأولى: ضمت بعض سكان وسط أوروبا ومدينة نيويورك تم اكتشاف أن لديهم طفرات جينية التى تحمى من الإصابة بارتفاع ضغط الدم وتقلل احتمال الإصابة بالزهايمر. المجموعة الثانية: تضمت مجموعة من سكان بنسلفانيا، تم اكتشاف أن لديهم طفرات جينية من النوع الذى يعمل على خفض نسبة الدهون فى الدم . المجموعة الثالثة: ضمت مجموعة من سكان أوكرانيا وجد العلماء أنها تحمل طفرات جينية تقبع هرمون النمو مما يسبب القزامة، ولكنها تمنع الأصابة بمرض السكرى والسرطان. المجموعة الرابعة: ضمت بعض من سكان اليابان، واكتشف أن طفرات الجين الخاصة بهم تقلل خطر الإصابة بالسرطان وأمراض القلب، ويشتبه فى تلك الجينات بالأخص التى تسمى foxo أن تكون عاملا رئيسا فى العمر الطويل .