منذ أكتر من ثلاثين عامًا، كتب الشاعر الصعيدي «عبد الرحيم منصور» أغنية، ولحنها «أحمد منيب» ليغنيها المطرب الشاب آنذاك «محمد منير» ضمن فيلم للمخرج «يوسف شاهين» تحمل نفس اسم الفيلم «حدوته مصرية». لم يتصور أحد من صناع الأغنية، أنه بعد أكثر من ثلاثة عقود، سيقف شاب يدعى وسط أصدقائه باسم «حدوته»، ليغني هذه الأغنية إهداءً ل24 شابًا من المحتجزين داخل قسم شرطة القاهرة الجديدة أول، ضمن أحداث مجلس الشورى الأخيرة. وانتشر مقطع فيديو من موقع (يوتيوب) في ساعة متأخرة من مساء السبت، على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، يظهر فيه شاب أسمر، يغني أغنية «عليّ صوتك بالغنا» الأغنية الشهيرة للمطرب محمد منير من فيلم المصير للمخرج «يوسف شاهين»، وقف الشاب يغني أمام عدد من عساكر الأمن المركزي المكلفة بتأمين القسم، ثم يتبعها بأغنية «حدوته مصرية»، بناءً على رغبة المشاركين في الوقفة الاحتجاجية ضد قانون التظاهر الجديد، والمنددين بحبس زملائهم. ويظهر في مقطع الفيديو، الشاب وهو يغني الأغنية كاملة، وسط تفاعل عساكر الأمن المركزي، ثم تقترب عدسة الكاميرا من ضابط شرطة برتبة ملازم أول يقف بمحاذاة العساكر، وهو يغني مع الشاب، ويبدو عليه التأثر بكلمات الأغنية، والتي من ضمن كلماتها «بمد إيدي لك طب ليه ما تقبلنيش، لا يهمني اسمك، لا يهمني عنوانك، لا يهمني لونك ولا ميلادك، مكانك، يهمني الإنسان ولو مالوش عنوان، يا ناس يا ناس يا مكبوتة، هيه دي الحدوتة، حدوته مصرية». في نهاية المقطع، يقف الضابط واضحًا عليه التأثر من كلمات الأغنية، وأداء الشاب، ليبتسم له ويربت على كتفي الشاب، ورفض الشاب أن يصفق الحاضرين له، وبادرهم بالهتاف قائلاً: «الحرية لسامي.. الحرية لمحمد نوبي.. الحرية لكل الناس المسجونة»، بحسب ما جاء في الفيديو. وكانت تعليقات رواد موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» متباينة ومتعارضة، بين من فرح بهذا التفاعل الغريب بين أحد أفراد الشرطة المصرية والشاب، وبين من استعجب هذا الأمر إلى حد الوجع، مبدين تخوفهم من أنه في أي وقت من الممكن أن تأتي لذلك الضابط أوامرًا بفض هذه الوقفة على الفور، والتعامل معها بالقوة. بينما رفض البعض ما أسموه ب"المحاولات الرومانسية" لاستجلاب تعاطف الشرطة مع الشارع المصري، على حد تعبيرهم، مؤكدين أن الشرطة لم ولن تتغير حتى يتم إعادة هيكلتها من جديد، حسب قولهم.