إطلاق أو استعمال لفظ الإرهاب بمعناه المتداول الآن يعني:- استخدام أو استعمال طرق عنيفة كوسيلة الهدف منها نشر الرعب للإجبار علي اتخاذ موقف معين أو الامتناع عنه، وإذا ارتضينا هذا المعني لا المصطلح، فيبدو أن ملامح الإرهاب تتسم بسمات أهمها:- الإرهاب وسيلة وليس غاية. الوسائل المستعملة تتميز بالعنف وبالتالي توجد فزعًا وخوفًا. الإرهاب موجه ضد سلامة أفراد وحقوقهم وحرياتهم، وعلي هذا فالإرهاب بهذا " جريمة" ، وتختلف إختلافًا جوهريًا عن حرب المجال الحيوي - أي احتلال أرض بغرض التوسع - أو ضد الاستقلال السياسي لدولة أو ضد سلامة أراضيها، وقبل بيان الرؤية الشرعية للإرهاب بمعناه السالف فيجب التنبيه علي أن مصطلحات الإرهاب - والتي لم يتفق عليها - تحمل معاني محددة ممن صدرت عنه ، والواجب فهمها علي مراد من صدرت عنه ، ولا يقبل في العمل العلمي أن ينسب إليه معني آخر لم يرده صاحب ذلك المصطلح من مصطلحه من فهذه المصطلحات ليست لها ضوابط أو قواعد يمكن ضبطها به، وهو أمر مقصود من الجهات التي تطلقه ومن الأشخاص الذين يضعونه لأنهم يضعونه بمعطياتهم وتقديراتهم أو حسب مصالحهم لا باعتبار معطيات وتقديرات ومصالح الغير، وهذا الخلط بين الدفاع المشروع والهجوم غير المشروع، وهذا واضح في التعامل الدولي لقضايا عديدة فهو بحسب الحسابات السياسية مشروع لقوم، غير مشروع لقوم ولو تطابقت الظروف وتماثلت!!. وبالمثال يتضح المقال:- ارتكاب مذابح ضد الهنود الحمر في أمريكا!! ، وضد العرب " دير ياسين" و " صبرا وشاتيلا" و" جنين" و " قانا" ، وفي الجزائر وليبيا ومصر وغيرها من المستعمرين الغاصبين، هذه الممارسات وما ماثلها من وجهة نظر مرتكبيها ليست إرهابًا، وكفاح المستضعفين ضد الغاصبين المعتدين إرهاب. وهكذا تلعب المصالح والحسابات السياسية دورًا مؤثرًا في التعامل مع مصطلح الإرهاب. وبهذا يظهر الفرق بين الكفاح المشروع وغير المشروع وحتي تتضح الرؤية دون مجاملة أو تحامل إذا علم هذا: فإن الرؤية الشرعية للإرهاب بملامحه التي نحن بصدده تكاد تكون واضحة فإذا ارتضينا معني ومقاصد الإرهاب. الاستعمال العمدي والمنتظم لوسائل من طبيعتها إثارة الرعب بغرض تحقيق أهداف معينة، وهذه الوسائل موجهة غالبًا إلي أشخاص ليسوا مباشرين لأعمال عدوانية، وقد يكون منهم متسبب، ولكن ليس بعينه، وقد يكون منهم من لا دراية لديه لدوافع هذه الأعمال، وقد تكون الأهداف التي ارتكبت الوسائل العدوانية مرفوضة تمامًا وغير صحيحة من الوجهة الشرعية أو تصطدم مع ثوابت الدين الحق وأصوله ومقاصده، فالإرهاب في هذه الأحوال جريمة من الجرائم وذلك لما يلي: الأصل في الإسلام حفظ وصيانة وحماية النفس الإنسانية سواء كانت مسلمة أو غير مسلمة فأمن الإنسان من أجل النعم، وانتفاء الخوف من العدوان علي ضروريات حياته وحاجياتها وفي النصوص الشرعية بيان أهمية الأمن وأنه نعمة من الله - عز وجل- تقرن بنعم الطعام قوام الحياة وأن نعمتي الطعام والأمن تستوجبان عبادة المنعم - سبحانه وتعالي - .قال الله - عز وجل- (فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ{3} الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ{4} ) من سورة قريش. وقال الله - سبحانه وتعالي- ( مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَي بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً وَلَقَدْ جَاءتْهُمْ رُسُلُنَا بِالبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيراً مِّنْهُم بَعْدَ ذَلِكَ فِي الأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ{32}) من سورة المائدة، (وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالحَقِّ وَمَن قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً فَلاَ يُسْرِف فِّي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُوراً{33}) من سورة الإسراء، وهذا للمسلم ولغير المسلم، ولا يسوغ القتل إلا في حالات محدودة فبالنسبة للمسلم في القصاص وبعض الحدود الشرعية بعد تكييف الجرم وإثباته والحكم من الجهات المنوط بها إهداره، وإذن الحاكم ومن يفوضه، وهذه الأمور مفصلة في المصنفات الفقهية المعتمدة.