كان الإخوان يدركون لدرجة اليقين أنهم ليسوا مستعدون لحكم مصر .. وخطئيتهم أنهم لم يفهموا أن الفوز في الانتخابات وحدها ليس كافيا لكي ينجحوا في مهمة صعبة زادت صعوبتها بأخطائهم المتكررة وحلمهم في التمكين السريع عبر اتباع سياسة المغالبة لا المشاركة لأخونة المحروسة ... ما أدي لخروج شعبي غير مسبوق للميادين دفع الجيش لا تخاذ القرار الصعب بعزل مرسي .. وحدث ما لم تفهمه قيادة الجماعة منذ البداية وهو أنها أمام قائد للجيش مختلف ... فهو يقول ليفعل ويعطي المهلة لينفذ .. فالفريق أول عبد الفتاح السيسي طرح مبادرات وأعطي إنذرات لكن الجماعة لم تفهم لا المبادرات ولا الإنذارات وتوالي ضياع فرصها في الاستمرار في الحكم ثم بدأ يدخل مرحلة يصعب فيها الخروج الآمن بعد أن تلوثت الأيادي بالدم وتعالت الاصوات محرضة بالصوت والصورة علي العنف والقتل بل وتهديد الجيش وهنا يبرز السؤال ما هو مصير ومستقبل الجماعة وحلفائها ؟ خاصة بعد أن دخل عدد كبير من قادتها إلي سجن العقرب ؟ الإجابة في السطور التالية :- القرار الخاطيء في التوقيت الخطأ في الفترة التي أعقبت الإطاحة بمبارك لم يكن لدي الإخوان أي نية لحكم البلاد. هكذا تحدث قادة الجماعة إلي المصريين من اليساريين و الليبراليين وكذا الجيش بل أعلنوا الأمرعلي الملأ " نحن لا نسعي لشغل مقعد الرئاسة أو الفوز بالأغلبية البرلمانية ". لكن الجماعة بدأت شهيتها تنفتح لالتهام قطعة " التورتة " الموجودة علي " التربيزة " بأكملها وبمفردها ...سيطر الإخوان علي البرلمان بالتحالف مع مع السلفيين .. لكن السلطة التشريعية التي لم تدم لم تكن كافية حيث بدأ سعي الجماعة للهيمنة علي السلطة التنفيذية. وبحسب أكثر من قيادة إخوانية ''كان مكتب الإرشاد لجماعة الإخوان بالكامل يعارض الترشح للرئاسة لأنه يتنافي مع الصبر والتدرج الذي تنتهجه الجماعة للتمكين " لكن مجلس شوري الجماعة اجتمع في حي المقطم وبعد جدل طويل تم التصويت وكان القرار بعد عدة جولات من التصويت بفارق أربعة أصوات ".. الجماعة ستخوض انتخابات الرئاسة حيث وافق 56 عضوا من بين 108 أعضاء علي تقديم مرشح للإخوان لخوض انتخابات الرئاسة واعترض 52 عضوا. استقر الأمر علي خيرت الشاطر مهندس العلاقات الأمريكية - الإخوانية و الرجل القوي في الجماعة بعد رفض القاضيين أحمد مكي وحسام الغرياني الترشح بدعم الجماعة وكانت المفأجاة عندما تسرب للجماعة أن لجنة الانتخابات سترفض ترشح الشاطر علي أساس أنه أدين بجريمة عام 2007 وصدر عليه حكم بالسجن ولم يرد اعتباره . ودفعت الجماعة بمرسي الذي وجد نفسه من " احتياطي " للشاطر إلي مرشح الجماعة الوحيد في هذا اليوم عاد محمد مرسي إلي بيته باكيا وبحسب قيادات إخوانية فإن مرسي كان يدرك أنها مسئولية أكبر من الجماعة في هذه اللحظة لكنه وبعد الإعادة صار رئيس مصر ولمدة عام تعرض فيه للفشل وعدم القدرة علي التعامل مع الدولة العمقية ..كانت نصائح الجيش المخلصة تأتي إليه لكي ينقذ نفسه والجماعة من طوفان الغضب الشعبي لكن المرشد ومن معه إضافة إلي أردوغان التركي زينوا له أنه ليس بمقدور أحد عزله قبل مرور أربع سنوات بل ربما الثمانية بعد أن جري الحديث عن أحلام جري تفسيرها بأن الرجل سيكمل أعوامه الثمانية في الحكم لكنه في النهاية أصبح الرئيس المعزول . حقائق مايجري في رابعة والنهضة كان قد سبق عزل مرسي خروج للتيار الإسلامي لميداني رابعة العدوية بالقاهرة والنهضة بالجيزة كخطوة استباقية بهدف منع ما أطلق عليه "الإنقلاب علي الرئيس الشرعي " .لكن العزل وقع واستمر الاعتصام في الميدانين " رابعة والنهضة " ووقعت اشتباكات وسقط قتلي وتم القبض علي قيادات بارزة كالشاطر وأبو إسماعيل والكتاتني وغيرهم والأيام تمر وكل خطاب القادة للجماعة ممن لم تطالهم يد الشرطة هو القسم بالله " أن مرسي راجع رئيس" وهو ما جعل رجوعه يقين عند الأتباع ممن يؤمنون بأن العضو في الجماعة كالجثة بيد مغسله كما يؤكد المنشق عنها الإعلامي عبد الجليل الشرنوبي و هكذا لم يعد الحديث عن خيارات وبدائل بل عن عودة مرسي المستحيلة ..والأيام تمر ومابين تعذيب وقتل بدأ اليأس يتسرب إلي نفوس المعتصمين بسبب القيادات الإخوانية المتهمة الآن بالتصعيد وانسداد الأفق ..تعول القيادات الإخوانية علي موقف تركيا وقطر وبدرجة أقل علي أمريكا والاتحاد الأوربي وأن كان موقفهما يأخذ كل يوم في التراجع أمام تراجع الاعتقاد بأن ما جري انقلاب عسكري والنظر اليه بوصفه خروج شعبي أدي لعزل مرسي ..وفي قطر لا يزال تدخل الأب (حمد بن خليفة) هو المهيمن علي تميم (الأمير الابن) في كل ما يتعلق بالقضية المصرية وهي هيمنة لن تطول خاصة وأن التحالف الإخواني في المنطقة يشهد تراجعا كبيرا، فبعد أن أطاح التغيير المصري بحلم دولة إخوانية محورية في المنطقة، بدأت شوارع تونس وليبيا تنتفض بدورها ضد الدور الإخواني خاصة في ظل عمليات الاغتيال وتردي الوضع الأمني، وانحدار مستوي المعيشة إلي أدني مستوياته. وبحسب مصادر من ميدان رابعة فإن القيادات الإخوانية الموجودة بميدان رابعة العدوية تواجه صعوبة كبيرة في إقناع المحيطين بها بضرورة استمرار الاعتصام المفتوح لأسبوع آخر علي الأقل في ظل نزيف الدم المتواصل وتزايد الدعاوي المطالبة بفض الاعتصام . وذكرت المصادر أن قيادات وسطي وممثلين للمحافظات صارحوا القيادات، بأنهم لم يعودوا قادرين علي إلزام الأفراد بالاستمرار في الميدان لأيام أخري خاصة في ظل ظهور فتاوي تحذّر الجماعة من مسؤوليتها تجاه الأرواح التي سقطت خلال الأيام الأخيرة وهو ما دفع البلتاجي للقول في الميدان وفي خطاب علني " إن أي شخص يدعو لترك الميدان فهو إما عميل للأمن أو المخابرات " لأن الميدان علي قلب رجل واحد حسب تعبيره أما في النهضة فإن الأمور أكثر تعقيداً حيث تتسرب الأنباء عن دخول أسلحة و عناصر من السلفية الجهادية لمقر الاعتصام ما ينذر بمواجهة أكثر شراسة من رابعة الذي دفع عشرات القتلي ومئات المصابين في موقعتي الحرس والمنصة. مابعد سقوط ماضي وسلطان بعد أن تم القبض علي كل من رئيس حزب الوسط أبو العلا ماضي ونائبه عصام سلطان في عقار جديد تحت الإنشاء بالمقطم حيث كانا يتوجدان في شقة بدون عقد ما يعني أن المبلغ عنهما ليس سمسار عقارات بدأ التسأول المطروح داخل الجماعة عن وجود عملاء وخونة داخل الجماعة وفي دائرتها المهمة وهو أمر قد يعززه سقوط قيادات أخري مطلوبه للعدالة وما قد يقود الجماعة لصراع داخلي قد يصل لحد تصفيه عناصر منها بالشبهات أو حتي باليقين بوصفهم خونة أو عملاء علي غرار ما تقوم به حركة حماس من آن إلي أخر البحث عن مخرج في ضوء كل هذه التطورات ورغم تراجع مسآلة الخروج الآمن لكل قيادات الجماعة خاصة ممن تورطوا في التحريض علي القتل والعنف وفي ضوء إدراك الجماعة لحقيقة مهمة وهي أن سلاحها وتدريب أفرادها قد يتناسب مع معركة مع قوي سياسية كاليسار أو غيره وربما قد يصمد في مواجهة الشرطة لبعض الوقت أو حتي لوقت طويل إلا أن الأمر مختلف مع دخول الجيش طرفاً في المعادلة الأمنية حيث أن الجماعة هنا ستتعرض لضربة قاصمة قد تقودها لنهاية مأساوية و ما أكثر ما شهد التاريخ ظهور جماعات كانت مليء السمع و البصر لكنها أصبحت الآن مجرد دروس في كتب التاريخ والسير ..علي عكس الأوطان التي لها الديمومة الي أن يرث الله الأرض ومن عليها ... المخرج من الأزمة الحالية قد توفره للجماعة مقترحات " أشتون " مسئولة السياسة الخارجية في الاتحاد الاوربي عبر الانخراط في اللعبة السياسية من جديد وهو ما عرضته علي مرسي في لقاء استمر قرابة ثلاث ساعات حيث طلبت منه الخروج الآمن للجماعة مقابل مطالبته بإخلاء الميادين كما طالبته باقناع الجماعات المتشددة بعدم اللجوء للكفاح المسلح والاغتيالات. ليبقي أمام الجماعة العودة إلي استراتيجية الدعوة الإسلامية علي مستوي القاعدة الشعبية بدلا من محاولة التغيير من القمة. لكن ذلك يجب أن يتم بدون عودة مريس رئيسا خاصة بعد ان صارت عودته مستحيلة.