كشفت مجريات الأحداث الخاصة بجريدة الدستور عن تأصل غياب فضيلة العلم فى حياتنا حتى لدى من يفترض أنهم من ممثلى النخبة سواء من الصحفيين أو رجال السياسة والمال وبرز غياب هذه الفضيلة فى الطريقة التى تعاملت بها كافة الأطراف مع الحدث ما جرى للدستور - تم بطريقة متشنجة سواء فى إدارة مجريات الحدث أو البحث عن حلول للمشكلات التى ترافقت معه قبل أن تأخذ طريقها فى التحول إلى أزمات تلد كل أزمة منها الأخرى وربما هذا ما يدعونى لمناقشة ما جرى وفق أساليب علمية وعملية إذ يمكننى أن اسجل وأنا مطمئن أن ما جرى هو ثمرة من الثمار المرة لغياب دور المؤسسات بالتوازى مع غياب ثقافة مفهوم الدولة الحديثة حتى لدى النخبة ففى الدولة الحديثة والمعاصرة أنتهى عصر كلمة الشرف لتصبح العقود الموثقة هى المرجعية لتحديد الحقوق وكذا الواجبات المتعلقة بكل فرد وكل جماعة فى الدولة صغرت ام كبرتوحتى يمكن فهم الأمر على نحو صحيح لابد أن نلقى إطلالة على بعض الهوامش فى مجريات الحدثأولها : غياب مفهوم المؤسسةفليس كل جريدة مؤسسة وفى الصحافة تحديداً من لا يمتلك مطبعة ولا يمتلك قطاع توزيع ولا كتاب أسلوب ولا منظومة إدارية شاملة لا يمكن أن يدعى أنه يمتلك مؤسسة وحتى لو كان رأس مال الجريدة يفوق العشرين مليون دولار كما أن دورة العمل ( البُقية ) نسبة إلى التعامل بالأوامر الشفهية بديلاً عن الورقية الموثقة تلغى تماماً فكرة المؤسسة ولهذا اقرر أنى اندهشت من حديث الأستاذ إبراهيم عيسى عن عدم وجود عقد عمل له وللاستاذ أبراهيم منصور مع الملاك الجدد يمكن اعتباره مرجعيه لحسم نوعية الخلاف بينهما وطبيعتهثانياً : السياسية التحريرية للصحيفةجرى خلال الحدث حديثاً عن تغير فى السياسة التحريرية للصحيفة ومما يعرفه العاملون فى الصحافة باستثناء العشوائيات الصحفية أن المقصود بالسياسة التحريرية للجريدة مجموعة المبادئ والقواعد والخطوط العريضة التى تتحكم فى الأسلوب أو الطريقة التى يقدم بها المضمون الصحفى، وتكون فى الغالب غير مكتوبة، بل مفهومة ضمنا من جانب أفراد الجهاز التحريرى، وتظهر فى سلوكهم وممارستهم للعمل الصحفى اليومى، وهى تخضع لقدر من المرونة تختلف درجتها من صحيفة لأخرى وعادة يتم تقرير سياسة تحرير الجريدة عند تأسيسها، وتحديد طابعها الصحفى، ثم يتم الحفاظ على هذه السياسية أو تغيرها بمرور الوقت نتيجة لتغير الظروف الاجتماعية والحياة السياسية التى تعد الجريدة جزءاً منها.وغالباً مايرجع ذلك لعامل داخلى متعلق بالصحيفة مثل تغير المالك أو بحث الجريدة عن سياسة تحريرية أفضل أو لعامل خارجى مثل تحول الدولة من حالة سلم إلى حالة حرب مثلاًوببساطة السياسية التحريرية وفق تعريف للراحل الدكتور عبد العزيز شرف هى الوجهة التى تختار الصحيفة اتباعها فى إجابتها على سؤالين بالغى الأهمية .1-ماذا ستنشر؟2-كيف ستنشر؟ومن هنا كان بديهياً أن تغير الملكية من عصام أسماعيل فهمى إلى أدوارد والبدوى قد يتبعه تغير فى السياسة التحريرية للصحيفة ما هو حجمه وما هى نوعيته هذا سؤال يحتاج لبعض الوقت للأجابة عليه لكن الملاحظ أن كل من تحدثوا عن تغير السياسة التحريرية للدستور برز فى حديثهم ما أطلقوا عليه شرط الضمير فى إشارة إلى المادة رقم 13 من القانون 96 لسنة 96 ونصها( إذا طرأ تغيير جذري على سياسة الصحيفة التي يعمل بها الصحفي أو تغيرت الظروف التي تعاقد في ظلها، جاز للصحفي أن يفسخ تعاقده مع المؤسسة بإرادته المنفردة بشرط أن يخطر الصحيفة بعزمه على فسخ العقد قبل امتناعه عن عمله بثلاثة أشهر على الأقل. وذلك دون الإخلال بحق الصحفي في التعويض.)وبالتالى فأن الحديث عن شرط الضمير سابق لأوانه وليس فى مصلحة صحفيى الدستور الغاضبين كما يتصور البعضثالثاً : أدوارد أو البدوىمجريات الأحداث تبين أن كل من أدوارد والبدوى حديث عهد بهذه النوعية من لأحداث التى جرت أو أن هناك طبخة أريد لها الأنتهاء قبل موعدها وهذا وضح فى سيطرة صحفيى الدستور على الموقع الالكترونى حتى الآن ولو كان ادوارد والبدوى ومن معهم يمتلكون خبرة فيما يتعلق بهذه الأمور التأمرية لما اقدموا على خطتهم للاطاحة بابراهيم عيسى قبل أحكام قبضتهم على الموقع الالكترونى بل والمقر أيضاً بما يعنى أن خطتهما كانت على عجل وليست مدروسةومن الهوامش إلى صلب الموضوع وقد تحولت مشاكل الدستور إلى أزمه تتعلق بمستقبل صحفيون يواجهون مأزق فى ممارسة مهنتهم وتوفير نفقات معيشتهم وأزمة ملاك جدد قد يخسرون ملايين دفعوها من خلال قيادة الصحيفة للإنهيار أو الإغلاق هنا يجب أن يسعى كل اطراف الأزمة وبنية جادة ومخلصة إلى تحقيق تسوية ليترتب عليها خسارة جوهرية لمصالح كافة الاطراف وهو لا يتم بفرض إرادة كاملة من طرف على طرف أخر واستفزازه بصور الاستفزاز التى من شأنها أن تضربالسمعة والمكانة والهيبة ضرراً لا يمكن علاجه أو جبره ولعل تلميحات البدوى ضد عيسى بشأن الضرائب وبشأن الالحاح على البيع بعيداً من صدقيتها من عدمه وهى غالباً غير صادقه مثال للأثر السىء الذى خلفت جراحاً تبدو واضحة فى حديث عيسى عنها وفى الطرف الأخر الصور الذى تم التقاطها لأدوارد وقد رفض نقيب الصحفيين مقابلته لا اتحدث هنا عن موقف النقيب إذ لا شك أنه بما لديه من معلومات اقدر على تقدير الموقف هذا الموقف وهذه الصور لا شك تركا لدى أدوار آثار تدفعه للمزيد من التعنت وضح جلياً فى تصرفاته التاليةمن هنا لا يبدو الحل مستحيلاً وأن كان صعباً غير أن هذه الصعوبه يمكن عبورها بتجزئية حزمة المطالب لدى كل طرف بل وبدخول مؤسسات الدولة الفاعلة والمنوط بها حل مثل هذه الخلافات وهى مؤسسات متعدده لديها أطرافها البارعة فى مجال التفاوض بل وفرض الحلول على أدوارد وغيرهوإذا جاز لى اقتراح بداية حل لهذه الأزمة فليكن بدفع رواتب الصحفيين من المعتصمين فى موعدها دون خصومات والتعبير عن فهم الإدارة لدوافع هذا الغضب سواء ما يتعلق منها بالوفاء للتجربة أو الوفاء لمؤسسها وهو وفاء محمود ثم فتح باب التفاوض على ما يعرف بالبنود التسعة للحصول على التزام بتنفيذها ولا مانع من أن يكون مرحلياً وفق ضامن تحدده نقابة الصحفيين ويرتضيه أدوارد وشركائه وفى اعتقادى الشخصى أن ثمة ضمانه باستمرار صدور الصدور فى المرحلة المقبلة ضرورة مانعة لخطر محتمل تلوح فى الأفق بوادره