بعد أن كانت حلم يداعب طموحات الشباب ويحقق أمنياتهم في أقصر وقت انقلب الوضع ليصبح حقيقة مفزعة تطيح بآمالهم التي علقوها علي هذه الشركات ، " التسويق الشبكي " مصطلح يبدو جديداً علي فئة كبيرة من المتابعين ولكنه ليس بجديد علي كثير من الشباب الذين سمعوا عنه أو اشتركوا فيه ، فالتسويق الشبكي قد انتشر في مصر بسرعة البرق في نهاية عام 2012 ودخلت أكثر من 8 شركات جديدة محاولين استقطاب الكثير من العملاء بعد إغرائهم بأن حلم الثراء أصبح قريب لهم بشرط جلب المزيد من العملاء واعتلاء قمة الترتيب الشبكي حتي يستطيع جمع عمولات الدخول من الأعضاء الجدد ولذا دخل علي هذا الخط عدد من المشاهير في الفن والرياضة . وكما يؤكد خبراء الاقتصاد فأن "التسويق الشبكي" متهماً بتحويل العملة الصعبة إلي خارج البلاد ومن ثم يساهم في زيادة التضخم، بالإضافة إلي أن هذه الشركات ليس لها مقر ثابت، ولا سجل ضريبي، وهذا يعني عدم سدادها لقرشاً واحد لمصحلة الضرائب ، غير انها تقوم علي بيع الوهم فالسلعة ليست هي الهدف بل الفرد " العميل " هو الأساس . وكثير من دول العالم قد حرم هذه التجارة وأغلق الشركات التي تعمل في مجال التسويق الشبكي بسبب الأزمات التي نشبت في دول أخري فهذه الشركات كانت سبباً في انهيار الاقتصاد الالباني بعد دخول الشعب في العصيان المدني ، بعد ان خسر أكثر من نصف الشعب 1.2 مليار دولار بسبب التعامل بنظام التسويق الشبكي. السوق وقد دخلت شركات التسويق الشبكي وبدأت تعمل في مصر وارتفع حجم عملائها بسرعة كبيرة خلال 8 أشهر فقط لتكون قاعدة عملاء بمئات الالاف ، بعد ان استطاع كل فرد بداخلها أن يُقنع اصدقاءه ومعارفه وأهله للدخول معه بحثاً عن تكوين الثورة السهلة والسريعة . شركات مطلوب من الشخص ليدخل إلي عالم التسويق الشبكي أن يشتري له حساباً داخل الشركة ويختلف حجم المبلغ بين الشركات وبعضها ، فهي تبدأ من 350 جنيها وتصل إلي 1500 دولار ، ومن هنا يطلق عليك لقب عميل أو مشارك في الشركة ، وكل ما عليك عمله أن تجلب ضحايا جدد وتقنعهم بفكرة الشركة كما اقتنعت ، وتجعله لا يترك مقعده إلا وهو في طريقه إلي البنك ليسحب مدخراته ويمنحها للشركة ، فمن شروط المكسب في هذه الشركة أن تدخل أعضاء في التسلسل الشبكي فإذا استطاع الشخص أن يحضر العدد المطلوب فهنيئاً له فهو ربح المبلغ الذي دفعه ويرشح لمبلغ أعلي إذا استطاع أن يزيد عدد أعضاء شبكته. البداية : بعدما تعددت البلاغات المقدمة من بعض ضحايا هذه الشركات وتحرير محاضر بأقسام الشرطة تفيد بوجود بعض شركات التسويق الشبكي علي الانترنت قامت بتحصيل مبالغ مالية منهم مقابل الحصول علي عمولات بالدولار في حال نجاحهم في استقطاب عملاء جدد ، إلا أنهم فوجئوا بإمتناع هذه الشركات عن سداد مستحقاتهم المالية والعمولات الخاصة بهم ، لتحول كل البلاغات إلي إدارة مباحث الأموال العامة ليكلف اللواء فوزي نجاح مساعد وزير الداخلية بعض من ضباطه بجمع التحريات حول هذه الشركات واستيضاح مدي صدق هذه البلاغات . وبالفعل بدأ ضباط الإدارة بالتحرك في كل الإتجاهات ووصلوا إلي العديد من الخيوط والقوا القبض علي أكثر من 28 متهماً رئيسياً في جرائم شركات النصب الإلكتروني ل 8 شركات تمارس نشاطها غير المشروع . لتعلن الداخلية في بيان لها أنه قد تم ضبط عدة شركات تزاول نشاطا إجراميا عبر الإنترنت من خلال ما يسمي بالتجارة الإلكترونية وذلك منذ 8 شهور تقريباً . النصب الشركة الأولي التي تم ضبطها : شركة "توديل" والمشترك بها عدد من المواطنين حوالي 2500 مشترك، وضبط متهم واحد في هذه القضية ، و تم ضبطها في مارس الماضي, وانشئ موقع الشركة في دمياط . الشركة الثانية : "ريفولوش" ، وعدد المشتركين فيها 8060، وعدد المتهمين واحد، والاشتراك يبلغ 50 دولارا والعائد للسمسار 150 دولارا في حالة جذب 14 شخصا. الشركة الثالثة : "جلوبال أد مارت" يُبث موقعها الإلكتروني من دولة الهند, ، وعدد المشاركين 200 ألف ، وعدد المتهمين 12، والاشتراك بمبلغ "500 دولار" ، و العائد 150 دولارا في حالة جذب 14 مشتركا، والمبالغ التي تحصلوا عليها 100 مليون دولار وتم إلقاء القبض علي المتهم الرئيسي يدعي "بهاء.ر.أ"، محاسب. الشركة الرابعة : "سي يورواي" ، عدد المشاركين 46 ألفا، وعدد المتهمين 6، وتتزعمها إنجي حبيب والتي تم القاء القبض عليها بمطار القاهرة قبل هروبها إلي الإمارات ويعاونها ياسر عبد الحميد عبدالله، ومعتز سيد حسن، ، والاشتراك فيها كان ب 300 دولار والعائد 20 دولارا أسبوعيا، و15 دولارا والمبالغ المتحصل عليها 2 مليون دولار. الشركة الخامسة : "إليانس كونتيننتال" ، وعدد المشاركين 30 وعدد المتهمين 3، والاشتراك يبدأ من 1000 دولار والعائد من 6 إلي 7 دولارات أسبوعيا، والمبالغ 2 مليون دولار. الشركة السادسة : "ماي رايت أد" وعدد المشاركين 35 ألف مشارك وعدد المتهمين شخص واحد والعائد 10% أسبوعيا و35 مليون دولار . الشركة السابعة : "أوبيس " ، عدد المشاركين 25 ألفا وعدد المتهمين واحد والاشتراك بالدولار يبدأ من 150 إلي 1600، والعائد من 10 إلي 20 دولارا أسبوعيا، والمبالغ 20 مليون دولار. الشركة الثامنة : "تي في أي إكسبريس" وعدد المشاركين 954 ألفا و98 وعدد المتهمين 3 والاشتراك 250 دولارا، والعائد 500 دولار عن كل سبعة، والمبالغ المالية المحصلة 7.24 مليون دولار، ويتزعمها " محمد خضر بهاجيل " سوداني الجنسية محبوس 15 يوماً علي ذمة القضية وشقيقه " حسام " الهارب وكل من عماد خورشيد وأحمد يحيي الزوبير وكل منهما مسئول عن تسويق الفكرة الإلكترونية بمصر والسودان. دار الإفتاء أعلنت دار الإفتاء المصرية حرمة التعامل مع شركات التسويق الإلكتروني أو مايعرف عند العامة بالتسويق الشبكي ، مؤكدة انها رفضت تلك المعاملات منذ عام 2011 بفتوي رقم 582، التي أصدرها مفتي الجمهورية السابق الفقيه الدكتور علي جمعة، وأكدت دار الإفتاء أن الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية يؤيد الفتوي التي صدرت في 2011 بتحريم التعامل مع هذه الشركات قائلاً " إن التسويق الشبكي والتسويق الهرمي (الإلكتروني)، من المعاملات التي لها تأثيرات اقتصادية واجتماعية واسعة لتبنيها تخفيض تكلفة التسويق والترويج عن طريق تقليل الوسائط والبيع المباشر" ، مضيفاً أن واقع الممارسة في عالم التسويق المباشر يشتمل علي نوعي من الممارسة: الجادة التي تجمع بين شراء المنتج والتسويق له، وغير الجادة؛ مثل ما وقع من عدد من الشركات التي باعت اسطوانات مدمجة لبعض برامج الحاسب بأضعاف ثمنها علي أنها أصلية ومحمية، ليكتشف بعد ذلك أنها متاحة مجانا علي شبكة المعلومات . قفص الإتهام لم تتوقف قضية التسويق الشبكي عند القاء القبض علي بعض المتهمين ، بل امتدت القضية لتزداد صخباً إعلامياً بعد تورط سلمي حمدين صباحي نجلة السياسي المعروف والمرشح السابق لرئاسة الجمهورية في القضية بالإضافة إلي المطرب الشاب حاتم فهمي ، بعد ان وجهت لهما النيابة العامة تهم الضلوع في جرائم النصب علي المواطنين عبر الإنترنت من خلال شركة " جلوبال ادمارت " ، بعد ان تعددت البلاغات ضدهما والتي وصلت إلي 30 بلاغاً و 50 شاكياً ، وتشير مصادرنا إلي أن عدد البلاغات قد فاق ال 76 بلاغاً وأن العدد سيزيد عن ذلك . ليقرر قاضي المعارضات الإفراج بكفالة قدرها 30 ألف جنيه عن سلمي ، إلا أن البلاغات الجديدة التي تقدم كل ساعة في المتهمة تزيد وضعها سوءاً وتمنع الإفراج عنها. بينما أنكرت سلمي كل الاتهامات التي وجهت اليها وأكدت ان الاتهامات جاءت للنيل من سمعتها هي ووالدها ، واتهمت المطرب حاتم فهمي المحبوس علي ذمة القضية نفسها بالنصب عليها ،وانها صحية مثل باقي الضحايا ، واتهمت النيابة نجلة صباحي بالإشتراك في عمليات النصب وانها تحصلت علي 170 ألف دولار كعمولات . مغامرة النهار لكن كان لزاماً علينا أن نكتشف كيف يسقط الشباب ضحايا لمثل هذه الشركات الوهمية من خلال مغامرتنا داخل بعض هذه الشركات ، فتوجهنا إلي أحد وكلاء شركة tvi express والذي أكد لنا ان كل مايقال عن الشركة هو من قبيل الإشاعات المروجة والبلاغات الوهمية التي يتقدم بها خصومهم ومنافسيهم كشركة " كيوست نت " بسبب الأرباح الكبيرة التي حققتها الشركة في وقت قصير ، فجسلنا وأنصتنا إلي "الأبليكيشن" الذي يطرحه علينا الوكيل والمميزات التي تقدمها الشركة كالخصومات الهائلة علي أسعار الحجوزات الفندقية علي مستوي العالم والمنتجعات وتذاكر الطيران ، وكل هذه بمبلغ 500 دولار فقط ، ليبدأ الإغراء المادي في الجزء الثاني من "الأبليكيشن " بأن كل ما علينا هو شراء أكونت واحد " حساب بالشركة " وتبدأ في إقناع زملائك والمقربين منك ليدخلوا شبكتك وعند جمع 6 أشخاص تفوز بالعمولة والتي تقدر ب 500 دولار والتي تؤهلك إلي المرحلة الثانية من المكسب الكبير والذي يتجاوز ال 10 الآف دولار ، ولم يكتف الوكيل بهذ أو كما يطلقون عليه " الكوتش " بل بدأ يرسم الصورة الوردية للحياة بعد ان نحصل علي الاف الدولارات و فيما سننفقها ، لتبدأ الإبحار في حلم جميل لا تريد ان تفيق منه ويسيل لعابك علي تحقيق هذه الثروة الطائلة، وحينها لن تتردد للحظة في سحب أموالك أو استدانتها لتحقق ما تم اقناعك به . الداخلية أكد تامر عويس المقدم بالإدارة العامة لمباحث الأموال العامة في تصريحات خاصة لجريدة النهار أن الإدارة لن تترك شركات التسويق الشبكي تمارس أعمالها غير المشروعة وتقوم بالإيقاع بضحايا جدد ، وعند سؤاله عن وضع باقي شركات التسويق الإلكتروني والتي لم ترد في بيان الداخلية ، قال ان إدارة مباحث الأموال العامة لا تتعامل مع اسماء للشركات بل تتعامل مع " البلاغات " التي يتقدم بها ضحاياهم ، مضيفاً أن شركة جلوبال مقدم فيها 7500 بلاغاً ، وان tvi express تم إلقاء القبض علي 3 من قياداتها علي رأسهم محمد خضر سوداني الجنسية بمحضر رقم 7741 جنح الدقي ورفضت النيابه إخلاء سبيله ، أما حسام خضر المطلوب القبض عليه فمازال هارباً مشيراً إلي أن وزارة الداخلية خاطبت الإنتربول الدولي لملاحقة المتهمين الأجانب المطلوب القبض عليهم ، مؤكداً أن الشركة حققت أكثر من 24 مليون دولار بسبب نشاطها الغيرمشروع . مشيراً إلي أن نشاط التسويق الشبكي مخالف للقانون رقم 146 لسنة 88 بشأن تنظيم تلقي الأموال وقانون 88 لسنة 2003 بشأن تنظيم التعامل بالنقد الأجنبي "لتأثيره علي العملة الأجنبية في السوق"، كما يجرم قانون 80 لسنة 2000 لمكافحة غسل الأموال هذا النشاط . واضاف أن وكلاء هذه الشركات قد استطاعوا تحقيق أرباحاً طائلة من وراء نشاطهم ، الذي قام علي خداع البسطاء والتلاعب بأحلام الشباب ، مؤكداً أن الداخلية تجد صعوبه في الإيقاع بهذه الشركات بسبب عدم وجود مقرات لها أو أماكن يديروا منها أعمالهم ، مشيراً إلي ان معظم اجتماعاتهم تكون في الكافيهات والأماكن العامة. مضيفاً أن هذه الشركات حولت الشعب إلي مندوبي مبيعات ، فبدلاً من أن نكون شعباً منتجاً ، تحولنا إلي شعب يسوق المنتجات التي لا تفيد ، مؤكداً أن التسويق الشبكي يخل بسلامة المجتمع ، بسبب قيام دولتنا علي الترابط الاجتماعي والذي تُعرضه هذه الشركات للاضطراب . وكلاء من جانبه أكد أحد وكلاء tvi express والذي رفض ذكر اسمه خوفاً من جهات التحقيق أنهم غير مسئولين عن الشركة بل هم مجرد وكلاء لا علاقة لهم بالأمر ، مطالباً مباحث الأموال العامة والنيابة بأن توجه التهم لأصحاب الشركة قائلاً " نحن مجرد وكلاء فقط ، وإذا كانت tvi express شركة للنصب فاحنا كمان اتنصب علينا زي باقي الناس " مطالباً جهات التحقيق بتعقب الشركة والتي يقع مقرها في الفلبين ومقاضاتها إذا ثبتت عمليات النصب . بينما قال حسام أحد مسئولي شركة tvi express ز هارب " في حوار تليفوني للنهار أن كل البلاغات المقدمة كيدية وغيرصحيحة ، ونفي تأخر أي عمولات مستحقة للعملاء ، مضيفاً أن وزارة الداخلية كانت هي السبب الرئيسي في هذه الأزمة بعد أن أطلقت خطاً ساخناً للتبليغ عن شركات التسويق الشبكي مما أثار الخوف في نفوس بعض العملاء التي لم تستحق أموالهم بعد ، وعن سبب قيام الداخلية بملاحقة شركته تحديداً ، قال يوجد شركات تعمل تحت ستار نظام التسويق الشبكي ولكنها في الحقيقة شركات توظيف أموال " كجلوبال ادمارت " وكنا نعلم انها ستقع في المحظور ، ولكننا لم نكن نتخيل أن نكون في هذا الموقف ونتساوي بهذه الشركات الفاسدة ، وقال ، نحن في شركتنا نقدم خدمات ملموسة ولا نبيع الوهم فنحن نقدم خصومات كبيرة علي الغرف الفندقية وتذاكر الطائرات فبدلاً من أن يكون سعر الغرفة 750 جنيه يصل إلي 300 جنيه. توظيف الأموال ويؤكد الدكتور شريف حسن قاسم استاذ الاقتصاد ان فكرة التسويق الشبكي لا تختلف عن فكرة شركات توظيف الاموال والتي انتشرت في منتصف الثمنينات واوئل التسعينات، والتي تعمل من خلال الافراد حتي تتوقف الدائرة عند نقطة معينة فينهار النظام بأكمله علي رؤوس من فيه ، مشيراً إلي ان فكرة التسويق الشبكي كانت سبباً رئيسياً لأزمة الاقتصاد العالمي في 2008 بسبب البناء علي خطط وهمية ، واشار إلي ان الشركات التي تعمل بنظام التسويق الشبكي تظهر وتختفي فجأة ولا يجد العملاء أي وجود قانوني للشركة بعد ذلك فهذه الشركات خادعة لأحلام الشباب.