آخر شيء يمكن أن يتوقعه محافظ للبنك المركزي هو تهديد حياته في الشارع وفي عز الظهر حتي لو كان الجناة لصوصاً غرضهم السرقة كهؤلاء الأربعة الملثمين المسلحين الذين اعترضوا سيارة الدكتور هشام رامز الرئيس الجديد للبنك المركزي ، أثناء سيرها علي محور صفط اللبن ببولاق الدكرور، وأطلقوا النار عليها بشكل عشوائي، ولم يكن موجودا بداخلها سوي السائق، وأمين شرطة من طاقم الحرس، فأسفر الحادث عن استشهاد أمين الشرطة رأفت السيد نبيل، من قوة الحراسات الخاصة والذي كان في طريقه ومعه السائق وليد سعيد عوض، إلي منزل محافظ البنك المركزي لاصطحابه إلي مقر عمله بمنطقة وسط البلد .. فالرجل لديه من الهموم الاقتصادية ما يكفيه ويغنيه عن استهداف حياته خاصة أنه ليس طرفاً في صراعات أو خصومات وإن كان قبوله لمهمة محافظ البنك المركزي في هذا التوقيت وصمة بوصفو الاقتصادي الانتحاري حيث لا يخفي علي أحد ما يمر به الاقتصاد المصري من وضع حرج يبرز في تراجع الاحتياطي من النقد الأجنبي إلي جانب وضع سياسي مضطرب لا تظهر في الأفق بشائر لاستقراره تساعد علي تعافي الاقتصاد المصري وإن كان الأمل قائماً لا يموت: في السطور التالية نلقي الضوء علي شخصية الرجل والمهمة الصعبة التي هو بصددها فإلي التفاصيل :- العقدة والحل بعد استقالة فاروق العقدة محافظ البنك المركزي والذي تحمل المرحلة الانتقالية بأعبائها الثقيلة .. هذه الاستقالة التي تأخر الإعلان عنها استجابة لمطلب القيادة السياسية التي كانت حائرة في البحث عن منقذ بديل .. جاء الحل أخيراً في نائب العقدة العالم ببواطن الأمور في البنك المركزي والذي كان المرشح رقم واحد لهذه المهمة لدي خبراء المال والاقتصاد ثم اصبح كذلك لدي القيادة السياسية بعد مشاورات ومداولات انتهت باجتماع عقده الدكتور محمد مرسي رئيس الجمهورية مع هشام رامز و ذلك لبحث تعيينه في منصب محافظ البنك المركزي وبالفعل اعلنت رئاسة الجمهورية عن تعيين هشام رامز في منصب محافظ البنك المركزي المصري في يناير 2013 خلفا للمحافظ السابق والذي قبلت استقالته. الدكتور فاروق العقدة والذي ألقي كلمة أثني فيها علي الاختيار بشدة مقدما المبررات المنطقية للاختيار عن نائب له يعرفه جيداً ويعرف خبرته وقدرته المصرفية في ادارة الاحتياطي النقدي فمن هو هشام رامز و ما هي سيرته الذاتية ؟ المحافظ الجديد لم يأت هشام رامز عبد الحافظ محافظاً للبنك المركزي مصادفة أو لمجرد ملء منصب مهم شاغر ولا من خارج المطبخ الاقتصادي المصرفي المصري بما في ذلك البنك المركزي فقد شغل هشام رامز من قبل منصب نائب رئيس مجلس ادارة البنك التجاري الدولي ثم رئيسه التنفيذي ونائب رئيس محافظ البنك المركزي . و في 21 ابريل 2012 تولي منصب رئاسة مجلس ادارة المصرف العربي الدولي ممثلا عن الجانب المصري ، خلفا لعاطف عبيد رئيس وزراء مصر الأسبق مع استمراره في منصبه كنائب محافظ البنك المركزي الذي جعله الأكثر دراية بالأوضاع داخل البنك المركزي والأكثر قرباً من رئيسه فاروق العقدة. كما شغل هشام را مز من قبل منصب رئيس مجلس ادارة بنك قناة السويس ورئاسة مجلس ادارة البنك المصري الخليجي. وفي 29 مارس 2012 فاز هشام رامز بعضوية مجلس ادارة اتحاد بنوك مصر بالتزكية . حجر الزاوية و هو كنائب لمحافظ البنك المركزي يعد حجز الزاوية في إدارة الاحتياطي النقدي لمصر ، و بإراء المصرفيين و خبراء الاقتصاد فإن خبرة هشام رامز في إدارة الاحتياطي النقدي هي من اهم أسباب الاستعانة به لشغل هذا المنصب فقد عمل في إدارة الاحتياطي في بنوك عالمية بمنطقة الخليج العربي وكثيراً ما حكي بفخر شديد - وهو محق في ذلك - كيف استطاعت ادارة الاحتياطي في مصر تجنب الأزمة العالمية، و لم يخسر الاحتياطي النقدي لمصر في ظل هذه الازمة التي شهدت انهيار أكثر من 100 بنك وقد سبق وأن تلقي رامز العديد من عروض العمل من خارج مصر و من بينها عرض مالي مغر من بنك hsbc في لندن لكنه فضل العمل في مصر ويعتبر هشام رامز من اهم واضعي السياسات النقدية في العالم ومصر. اقتصادي متفائل ويوصف هشام رامز بأنه اقتصادي متفائل في اشد اللحظات توتراً ومن أبرز آرائه أن الأزمة الاقتصادية التي تشهدها مصر من ارتفاع سعر الدولار وانخفاض الاحتياطي النقدي وعجز ميزان المدفوعات تعد أمراً طبيعياً. حيث مر الشعب المصري بثورة عظيمة وهذا حدث يصعب تكراره، ويضيف بأن الاحتياطي النقدي قبل الثورة كان بحالة جيدة إلا أن الأحداث السياسية التي شهدتها البلاد بعد الثورة مارست العديد من الضغوط علي الاقتصاد المصري والاحتياطي الأجنبي حيث تعطُل الانتاج وبالتالي تم اللجوء للسحب من الاحتياطي النقدي لتوفير احتياجات الدولة . وأوضح أن الأولوية لاستخدام الاحتياطي النقدي تتمثل في السلع الأساسية وتسديد الديون، لافتاً إلي أن الاسواق المصرية تمتلئ بالسلع المستوردة بالرغم من اننا نمتلك مصانع علي درجة عالية من الجودة اي أنه توجد بدائل محلية ومن هنا يمكن ان نجد حلاً يرشد عمليات السحب من الاحتياطي النقدي . وأشار رامز الي قوة الجهاز المصرفي النقدي حيث قدرته علي تخطي تلك الأزمات فضلاً عن تلبيته احتياجات العملاء بشأن سحب ودائعهم سواء بالعملة المحلية أو الدولارية أثناء ثورة 25 يناير بالرغم من الاقبال الشديد بتلك الفترة، فضلاً عن توفيره الموارد الدولارية للمستثمرين الذين أرادوا التخارج من السوق المصرية نتيجة الاحداث السياسية وتبعاتها الاقتصادية، لافتاً الي زيادة حجم الاستثمارات المباشرة وغير المباشرة عن 15 مليار دولار . يوم عمل ولهذا ومع تولي هشام رامز منصب محافظ البنك المركزي قام بفتح ملفات الاقتصاد الشائكة.. مثل تراجع قيمة الجنيه وانخفاض الاحتياطي والتضخم وخفض التصنيف الائتماني وتطوير البنوك.. وذلك في ظل التحديات الاقتصادية الأصعب أمام "صائغ السياسة النقدية" لمصر، في توقيت شديد الحساسية تتواصل بل وتشتد فيه الاضطرابات والصراعات السياسية التي تعد السبب الرئيس لتدهور مؤشرات مصر المالية. ورغم أن التخصص الدقيق لهشام رامز، محافظ البنك المركزي ، في إدارة أسواق الصرف ورسم وتنفيذ السياسات النقدية، فإن الاضطرابات السياسية تمثل عنصرًا ضاغطًا ومستمرًا علي خطته لإدارة ملفات الجنيه والاحتياطي الأجنبي والتضخم وأزمة خفض التصنيف الائتماني لمصر لعدة مرات متتالية من قبل المؤسسات الدولية، وأيضا تطوير العمل في الجهاز المصرفي تبدو اشبه بالعمل الفدائي . كما يمثل تحدي استهداف هشام رامز، محافظ البنك المركزي الجديد، للتضخم -ارتفاع أسعار السلع والمنتجات- أبرز العناصر الملحة والعاجلة للاقتصاد المصري، في ظل توقف العديد من المشروعات والمصانع عن العمل منذ ثورة 25 يناير نتيجة الاضطرابات السياسية المستمرة حتي الآن، وما نتج عنه من تراجع بحجم المعروض من جميع السلع واستيراد مصر فوق 60 بالمائة من احتياجاتها الغذائية من الخارج وبالتالي فإن هذا يترتب عليه زيادة ارتفاع أسعار هذه المنتجات و لهذا و فور تولي هشام رامز لمنصبه جاءت قراراته حاسمة وسريعة لمواجهة ارتفاع الدولار أمام الجنيه.واشتملت هذه القرارات علي إجراءات عاجلة تختص بتوجيه البنوك العاملة إلي منح الأولوية لتوفير العملة الأجنبية لاستيراد السلع التموينية والمواد البترولية والأدوية، وكذلك السماح للمصريين الذين يقومون بتحويل مدخراتهم لمصر، بإعادة تحويل تلك المدخرات مرة أخري بعد تقديم ما يثبت انتهاء استثماراتهم. قرارات وجاء نص القرارات كالتالي بالإشارة إلي كتب قطاع الرقابة والإشراف رقم 86 المؤرخ 28 يونيو 2010 ورقم 91 بتاريخ 30 يونيو 2010، ومؤخرا رقم 306 بتاريخ 6 نوفمبر 2012 المتضمن "السماح للبنوك باستثناء عمليات استيراد كل من اللحوم والدواجن بجميع أنواعها، والسكر بجميع أنواعه لحساب التجار بغرض الاتجار فيها أو الجهات الحكومية من الحد الأدني لنسبة التأمين النقدي البالغ 50%، مع ترك الحرية للبنوك في تحديد نسبة الغطاء النقدي وبدون حد أدني لمدة 6 أشهر إضافية تنتهي في آخر شهر يونيو 2013، هذا وفي ضوء ما سبق واستكمالا لدور البنك المركزي المصري في دعم الاقتصاد القومي وتوفير احتياجات السوق المحلي من خلال عمليات التجارة الخارجية، فقد تقرر إضافة السلع التالية إلي السلع المذكورة أعلاه والتي تتمتع عمليات استيرادها بالاستثناء من الحد الأدني لنسبة التأمين النقدي البالغ 50 % : 1- الأدوية والأمصال والمواد الكيماوية الخاصة بها 2- ألبان الأطفال 3- المواد الغذائية ( قمح - زيوت - حبوب) 4- الأعلاف ( الذرة - الصويا - باقي المستلزمات) 5- الأسمدة والمبيدات الحشرية. وذلك مع ترك الحرية للبنوك في تحديد نسبة الغطاء النقدي وبدون حد أدني، مع ضرورة مراعاة ضوابط منح الائتمان الصادرة عن البنك المركزي المصري، ونتائج الدراسة الائتمانية التي يجريها كل بنك لعملائه في هذا الشأن، وذلك حتي آخر شهر يونيو 2013" ** وفي إطار حرص البنك المركزي المصري علي دعم وتنشيط الاقتصاد الوطني في تلك المرحلة الهامة وعملا علي تشجيع الأفراد الطبيعيين المصريين علي تحويل مدخراتهم بالنقد الأجنبي بالخارج إلي مصر لاستثمارها سواء بالنقد الأجنبي أو بالجنية المصري في أي من صور الاستثمار المختلفة، فقد تقرر ما يلي: 1- السماح للأفراد الطبيعيين المصريين الذين يقومون بتحويل مدخراتهم من حساباتهم بالخارج إلي أحد البنوك العاملة في مصر اعتبارا من 10 فبراير 2013 بإعادة تحويل نفس القيمة إلي الخارج باسم ذات الشخص الذي قام بالتحويل، وذلك عند تصفية استثماراتهم في مصر "سواء كليا أو جزئيا" بشرط تقديم المستندات الدالة علي ذلك. 2- يقوم كل بنك بتسجيل التحويلات الواردة من عملائه اعتبارا من التاريخ المذكور أعلاه. ** بالإشارة إلي كتاب السيد نائب المحافظ بتاريخ 14 يناير 2013 المتضمن "السماح للبنوك بوضع آلية لتحديد أولوية لطلبات عملائها لشراء العملة الأجنبية من خلال الموارد المتاحة للبنك، يتعين علي البنوك مراعاة إعطاء الأولوية في تدبير العملة الأجنبية الخاصة بالعمليات الاستيرادية لما يلي: 1- السلع الغذائية الأساسية والتموينية 2- الآلات ومعدات الإنتاج وقطع غيارها 3- السلع الوسيطة ومستلزمات الإنتاج والخامات 4- منتجات البترول ومشتقاته 5- الأدوية والأمصال والكيماويات الخاصة بها 6- الأسمدة والمبيدات الحشرية ومستلزماتها 7- الزيوت والشحوم الصناعية الخاص والعام ما يلفت النظر في تصريحات هشام رامز منذ توليه المنصب وحتي الآن حرصه علي دقة تصريحات بما يخدم المصلحة العامة ففور تعرض موكبه للحادث الشهير الذي راح ضحيته أمين شرطة من الحراسات الخاصة وصفه رامز بالبطل الشهيد سارع رامز إلي التأكيد علي أن الحادث ليس سياسياً ولا هو محاولة اغتيال لكنه محاولة سرقة لكنه أيضاً اشار إلي أن الأمن هو الأساس لنهوض الاقتصاد مطالباً باعطائه المزيد من الاهتمام لينعكس ايجابياً علي الاقتصاد المصري.