كتب / أسامة صابر:في دولة نامية مثل مصر تكون المفاضلة بين زيادة النمو الصناعي والحفاظ على البيئة من التلوث أمراً عسيراً، خصوصاً إذا اضطر جهاز شئون البيئة إلى اتخذا قرار بغلق أحد المصانع معتبراً أن قراراً كهذا يعد انتصاراً للبيئة النظيفة.تقول شادية الشيشيني المديرة التنفيذية لمشروع حماية البيئة للقطاع الصناعي بجهاز شئون البيئة: إن الجهاز بصفته الذراع التنفيذي لوزارة البيئة يقوم بوضع المعايير والاشتراطات الواجب على أصحاب المنشآت الصناعية الالتزام بها قبل الإنشاء وأثناء التشغيل.وتكمل د. شادية: ومن خلال شبكة الرصد البيئي التي أقامها الجهاز وأيضاً حملات التفتيش الدورية على المنشآت الصناعية، يتم توقيع غرامات وجزاءات على المخالفين، ومع تكرار المخالفة البيئية يتم مضاعفة الغرامات إلى أن تصل للإغلاق الكامل للمنشأة لحين توفيق أوضاعها البيئية.وبين لعبة القط والفأر التي تنشأ بين جهاز شئون البيئة وأصحاب المنشآت الصناعية المخالفين، يكون العمال والموظفون هم أول المتأثرين جرّاء غلق المنشأة الصناعية التي يعملون بها، ومن ثم يتزايد قلق وزارة الصناعة والتجارة مما جعلها تنتهج أسلوباً جديداً في التطوير الصناعي.تقول حنان الحضري مدير مركز تكنولوجيا الإنتاج الأنظف: إن وزارة الصناعة بالتعاون مع منظمة الأممالمتحدة للتنمية الصناعية (اليونيدو) أنشأت مركز تكنولوجيا الإنتاج الأنظف الذي بدأ عمله في عام 2005 بهدف تحسين القدرة الإنتاجية للصناعة المصرية بطريقة تتوافق مع حماية البيئة، ويسعى المركز لتشجيع ونشر تكنولوجيات صديقة للبيئة.وتضيف حنان الحضري: ومن مشروعات المركز التجريبية الناجحة إعادة استخدام مخلفات مصانع الحديد والصلب (خبث الحديد) في إنشاء الطرق. فمصر تعاني من مشكلة تراكم كميات كبيرة من خبث الحديد تقدر بحوالي 5 مليون طن سنوياً.وتستطرد حنان الحضري: وقد حققت التجربة فوائد اقتصادية من تقليل نفقات التخلص الآمن للخبث والتي تقدر بحوالي 40 مليون جنيه سنوياً، وتوفير مسطحات شاسعة لمصانع الحديد والصلب يمكن الاستفادة بها في أنشطة أخرى للمصانع.أما عن الفوائد البيئية فتقول الحضري: تم تحسين بيئة العمل نتيجة خفض الانبعاثات المتولدة من تراكم الخبث، وكذلك الحفاظ على الموارد الطبيعية.ومن هنا برز مفهوم جديد اسمه الإدارة البيئية المربحة الذي يتحدث عنه أحمد فايز الأستاذ بهندسة القاهرة ومدرب الإدارة البيئية المربحة قائلا: هو مفهوم حديث دخل إلى مصر في السنوات الأخيرة ويتم فيه انتقاء عددٍ من العاملين بأحد المصانع ويعقد لهم برنامج تدريبي على مدار ستة أشهر يتضمن محاضرات للتدريب على سبل خفض تكاليف الإنتاج بطرق فعّالة ومبتكرة مع الالتزام بالمعايير البيئية مما يحقق الربحية ويزيد من القدرة التنافسية للمنتج في النهاية.ومن التجارب الناجحة التي مثلت تطبيقاً جديراً بالاهتمام لمفهوم الإدارة البيئية المربحة، كانت تجربة احد المصانع الغذائية التي يتحدث عنها المهندس محمود سعداوي وهو أحد الدارسين لدورة الإدارة البيئية المربحة قائلا :في مرحلة استخلاص العصير من ثمرة المانجو يتم نزع البذرة ثم فصل الألياف والتي تمثل 7 % من وزن الثمرة وكان يتم التخلص من تلك الألياف بالصرف الصحي دون الاستفادة منها على الرغم من وجود نسبة من العصير بها.فاقترحنا على الإدارة إضافة وحدة صناعية جديدة للتعامل مع الألياف وتدفيعها مرة أخرى إلى بداية خط الإنتاج، وبالتالي زيادة الإنتاجية ولأن الوحدة الجديدة امتازت أنها قابلة للتعامل مع أكثر من نوع فاكهة فتم تخفيض الفترة اللازمة لاسترجاع ثمنها الأصلي، كما زادت أرباح الشركة كثيراً.