"الوطنية للانتخابات" تحدد قواعد تصويت الخارج وضوابط الدعاية في انتخابات الشيوخ    البورصات الأوروبية تغلق على ارتفاع للجلسة الثانية على التوالي    الإيجار القديم.. مدبولي يوضح ملامح توفير وحدات بديلة للمستأجرين الأصليين    الإسكان الاجتماعى: طرح 113 ألف وحدة سكنية لتلبية احتياجات المتقدمين    أزمة إنسانية في أعماق البحر: هجمات الحوثيين تهدد حياة طواقم السفن التجارية    اتصال هاتفي بين وزير الخارجية والهجرة والمبعوثة الأممية إلى ليبيا    ريال مدريد مهدد بفقدان أرنولد ضد باريس سان جيرمان بمونديال الأندية    رفاق صلاح.. تعرف على صفقات ليفربول الإنجليزي حتى الآن قبل بداية الموسم الجديد    فقرة فنية وتدريبات خاصة للحراس في مران الزمالك    مؤتمر صحفي لرئيس الوزراء ووزير الاتصالات لاستعراض تطورات حريق سنترال رمسيس    دعاء صلاح تعلق على أزمة مها الصغير: الموضوع حصل معايا قبل كده وفي الحالة دي نلجأ للقضاء    الكشف على 833 حالة فى قافلة مجانية لجامعة كفر الشيخ بقرية فى البحيرة    محافظ القليوبية يترأس اجتماع مجلس الصحة الإقليمي    خرق جديد.. الجيش الإسرائيلي يفجر منزلا جنوب لبنان    تضامن الغربية توزع ملابس مجانية على 520 من الأسر الأولى بالرعاية في قطور    بدء اختبارات الالتحاق بمدارس التمريض 2025 بالمنيا (الموعد والمكان)    زينة عامر وجنا عطية تتوجان بذهبية التتابع في بطولة العالم للخماسي الحديث للناشئات    رسميًا.. الاتحاد الفرنسي يُعلن استمرار أولمبيك ليون في الدوري الممتاز موسم 2025-2026 بعد قبول الاستئناف    الحكم بسجن كارلو أنشيلوتي لمدة سنة    محافظ «المركزي» المصري يبحث تعزيز التعاون مع البنك الأوروبي لإعادة الإعمار    افتتاح أول مدرستين للتكنولوجيا التطبيقية في الأقصر    السجن المشدد 5 سنوات لسارق بالإكراه ضبطه الأهالي متلبسًا في الجيزة    السجن المشدد ل متهمين بحيازة المواد المخدرة والسلاح في المنيا    مجلس الوزراء يعيد تخصيص 6 قطع أراضي تابعة لوزارتي الزراعة والري لصالح جهاز مستقبل مصر    السقا يحتفل بعرض فيلمه أحمد وأحمد في الإمارات وزيزو يشاركه    توقيع مذكرة تفاهم بين مكتبة الإسكندرية والمتحف الوطني لنظم تاريخ الكتابة بكوريا الجنوبية    «رصد خان وولاد العفريت الزرق».. مشروعات تخرج قسم علوم المسرح ب«آداب حلوان»    أبو الغيط يستقبل لي تشيانج رئيس مجلس الدولة الصيني    عبد العاطي: نتطلع لاستضافة المؤتمر الدولى للتعافى المبكر وإعادة الإعمار فى غزة فور التوصل لوقف إطلاق النار    أفضل 5 طرق لتنظيف القولون بشكل طبيعي وآمن في المنزل    ندوة لصناع "قهوة المحطة" بمكتبة الإسكندرية ضمن معرض الكتاب    نساء 6 أبراج هن الأكثر جاذبية على الإطلاق.. هل شريكتك منهن؟    عثمان سالم يكتب: إدارة احترافية    رئيس الجامعة البريطانية بالقاهرة يلتقي سفير مصر بالمملكة المتحدة    الرياضية: جيسوس يوقع على عقود تدريب النصر يوم الخميس    تاريخ جديد بالأفعال.. لا بالأقوال    عيسى السقار نجم حفل "هنا الأردن.. ومجده مستمر" في "مهرجان جرش"    الأزهر للفتوى الإلكترونية: الالتزام بقوانين ضبط أحوال السير والارتفاق بالطرق من الضرورات الدينية والإنسانية    توجيه رئاسى    إخماد حريق اشتعل بكشك فى شارع فيصل.. صور    الكوليرا تفتك بالسودان.. 85,531 مصاب و 2,145 حالة وفاة نقص فى المستلزمات الطبية والأدوية    إعادة تخصيص 6 قطع أراضي لصالح جهاز مستقبل مصر    وفاة طالب إثر إصابته بلدغة ثعبان في قنا    أفضل دعاء للرزق بالولد وفقًا للقرآن والسنة    وكيل الأزهر: «المشروع الصيفى القرآنى» مبادرة تعزز دور الأزهر فى خدمة كتاب الله    الأزهر للفتوى: متوفين سنترال رمسيس "شهداء".. ويشيد بدور رجال الاطفاء    كوريا الشمالية: وزير خارجية روسيا يزور بيونج يانج بعد غد    بدايًة من 12 يوليو.. أماكن امتحانات كلية التربية الفنية في المحافظات لتأدية اختبارات القدرات لعام 2025-2026    وزير الرياضة يشارك في تدشين "عمّان عاصمة الشباب العربي 2025"    صحة الوادي الجديد: جميع شبكات الاتصال تعمل بكفاءة عالية    سقوط عنصر جنائي بتهمة النصب والتزوير بالطالبية    انخفاض جديد للطن.. سعر الحديد اليوم الأربعاء 9 يوليو 2025 محليًا    لاول مرة مساعد رقمى يتنبأ بالخطر بالمحطات النووية قبل وقوعه ب30 دقيقة    عودة خدمات فوري إلى كفاءتها التشغيلية بعد حريق سنترال رمسيس    الجدول الزمنى لإجراء لانتخابات الشيوخ مع بداية خامس أيام تلقى أوراق الترشح    وزير الصحة يبحث مع المدير الإقليمي للصحة العالمية التعاون في ملفات المبادرات والتحول الرقمي    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 9-7-2025 في محافظة قنا    تنسيق الدبلومات الفنية 2025.. مؤشرات كليات ومعاهد دبلوم سياحة وفنادق    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الاقتصاد وعودة العجلة للدوران
نشر في المراقب يوم 19 - 04 - 2011

أسعدتنى تصريحات نشرتها وكالات الأنباء منذ يومين لوائل غنيم، أحد رموز ثورة يناير، عن أهمية عودة الاقتصاد المصرى للنشاط وما يمثله ذلك من حماية لمكتسبات الثورة والتى نشرت بمناسبة زيارته لواشنطن وحضوره اجتماعات مؤسسات التمويل الدولية. أسعدتنى تلك التصريحات لأن التيار السائد حتى وقت قريب كان يعتبر الاهتمام بعودة عجلة الاقتصاد للدوران بمثابة تشتيت للأنظار عن المطالب السياسية وعن ملاحقة الفساد، وبالتالى سعى مستتر نحو الحد من عنفوان الثورة ومن وتيرة الإصلاحات التى تنادى بها.
هذا سوء فهم خطير. فالجماهير التى ساندت الإصلاحات السياسية هى ذات الجماهير التى تخشى استمرار اضطراب الاقتصاد وتباطؤ أدائه وتتطلع لأن يتوازى استكمال الإصلاحات السياسية مع المزيد من الاهتمام بتنشيط الاقتصاد.
الأهم من ذلك أنه لا يوجد تعارض بين المسارين بل تكامل وترابط وثيقان لأن استمرار تعطل عجلة الاقتصاد والآثار الاجتماعية الناجمة عن ذلك هما أكثر ما يهدد الإصلاحات السياسية والمؤسسية التى اجتمعت الجماهير عليها. والحقيقة أن تصريحات وائل غنيم ليست أول تعبير عن هذه الفكرة من رموز الثورة، وفد من ائتلاف شباب الثورة يشترك فى افتتاح جلسة تداول بورصة الأوراق المالية، ومؤسسو الأحزاب الجديدة يدعون للاهتمام بموضوع إنعاش الاقتصاد الوطنى ويعتبرونه من الأولويات، ومرشحو الرئاسة يشددون على هذه القضية الخطيرة فى طرح أفكارهم وبرامجهم. كلها مواقف وتصريحات هامة ومطلوبة فى هذه المرحلة من أجل تبديد التناقض الخاطئ بين الإصلاحات السياسية والنشاط الاقتصادى ومن أجل التعبير عن مشاعر جماهير عريضة يقلقها استمرار الوضع الحالى.
من جهة أخرى فإن عودة الاهتمام بتنشيط الاقتصاد ليست منبتة الصلة عن أهمية تقييم المرحة السابقة بشكل سليم حتى نتمكن من تحديد ما يجب عمله. فالسنوات الخمس السابقة شهدت تحقيق معدلات مرتفعة للنمو الاقتصادى، والمؤشرات الكلية للاقتصاد المصرى كانت تعتبر إيجابية وفقا للمعايير الدولية المتعارف عليها. ولكن من جهة أخرى فقد اقترن ذلك بثلاثة مشاكل رئيسية: أولها عدم تغلغل عائد النمو خارج محيط الطبقة الأعلى وبالتالى عدم استفادة معظم فئات المجتمع منه، والثانى عدم اكتمال البنية القانونية اللازمة لضمان سلامة عمل اقتصاد السوق الأمر الذى أدى لنشوء ظاهرة الفساد المالى، والثالث عدم اقتناع الناس بالمسار الاقتصادى وبالتالى افتقاده للمصداقية السياسية والشعبية.
هذه اعتبارات ثلاث لا يمكن إغفالها فى تقييم المرحلة الاقتصادية السابقة. ولكن المهم أن تستند مرحلة إعادة بناء الاقتصاد القومى للبلاد إلى فلسفة تصحيح ما سبق من أوضاع وسياسات وليس هدم كل ما سبق لمجرد ارتباطه بالنظام السابق، وتغيير ما كان فاسدا أو خاطئا منه مع الاحتفاظ بالجوانب الإيجابية التى قد تعود بالمنفعة على الوطن. وهذه معادلة فى غاية الصعوبة والحديث عنها أسهل بكثير من تطبيقها. فتقديم ما يحقق مصلحة الانتصار السياسى على المصلحة الاقتصادية للبلاد ظاهرة معروفة وتتميز بها كل مراحل التحول السياسى المفاجئ وعرفتها كل دول العالم حينما مرت بتحولات مماثلة. ولكننا اليوم بحاجة لتجنب ذات الخطأ التاريخى عن طريق التمييز فى السياسات الاقتصادية للنظام السابق بين ما ينفع البلاد وما يضرها.
فالاهتمام بإزالة ما يعيق عمل القطاع الخاص ويمنحه فرصه الانطلاق ليس عيبا بل هدفا أساسيا خاصة إذا اقترن بسياسات عامة فى مكافحة الفساد الحكومى وفى توفير مناخ تنافسى يشجع المشروعات المتوسطة والصغيرة. والعمل على تشجيع الاستثمار المصرى والأجنبى ليس خطأ لأنه ضرورى لتنشيط عجلة الاقتصاد ولكن ربما بضوابط أفضل تمنع الاستغلال. وزيادة معدلات النمو يجب أن تكون هدفا قوميا لا يتعارض مع اهتمام الدولة الجديدة بتحقيق عدالة أكبر فى التوزيع. واستمرار الاهتمام بالبنية التحتية فى الصعيد، وبإنشاء المناطق الصناعية فى أنحاء مصر ضرورى.
هذه أمثلة لإمكان وضرورة استمرار بعض السياسيات السابقة ولكن مع تصحيحها وفى إطار تقييم آثارها بشكل موضوعى يستند إلى اعتبار ما يحقق الصالح العام فقط. ولذلك أعود لما بدأت به. فمن هنا أهمية وقوفنا مع شباب الثورة وراء مساندة عودة النشاط للاقتصاد وتدوير عجلته وحبذا لو وقف إيضا عصام العريان ومحمد أبوالغار وعلاء الأسوانى وغيرهم ممن تعلقت بهم الجماهير ووضعوا ثقلهم المعنوى وراء السعى لكل ما يحقق هذا الهدف سواء كان من بقايا السياسيات السابقة أم كان عكسها.
قد يقال فى الرد على هذا أنه لا يوجد شىء اسمه سياسات اقتصادية محايدة لأن كل اختيار يحمل انحيازا فكريا وطبقيا. هذا صحيح فى الأمور الكبرى، ولكن أتصور أن وقت هذا الجدل لم يحن بعد، ولن يأتى إلا فى نهاية المرحلة الانتقالية حينما يتنقل الحكم لرئيس منتخب وبرلمان منتخب وفى ظل دستور جديد. عندئذ يمكن للشعب أن يعبر عن اختياراته الفكرية الكبرى فى إطار سليم. ولكن حتى يتحقق هذا الانتقال فإن القرارات المطلوب الاتفاق عليها لا تحمل خلافا فكريا كبيرا.
أن يعود الأمن للشوارع، وأن ينتظم العمل فى المصالح الحكومية وفى المصانع على حد سواء، وأن يعود السائحون للتدفق، وأن يطمئن المستثمرون الشرفاء على سلامة أوضاعهم، وأن يتبنى الإعلام رسالة تفاؤل وحث على العمل، كل هذا هو ما يضمن استمرار تأييد الجماهير للتحول السياسى ولمتطلبات المرحلة الانتقالية حينما تتأكد أن هذا التحول لا يتعارض ولن يأتى على حساب عودة الاقتصاد للنشاط والعجلة الإنتاجية للدوران.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.