وزير الكهرباء و"روسآتوم" يتفقدان سير العمل في مشروع المحطة النووية بالضبعة    تجارية القليوبية: إرجاء مؤتمر «البورصة للتنمية» بسبب مشاكل الاتصالات    5 قتلى.. جيش الاحتلال يقر بخسائر كمين بيت حانون شمال غزه    تعذر الدعوة لعمومية غير عادية لسحب الثقة من مجلس الإسماعيلي    الأردن يحصد برونزية البطولة العربية لسيدات السلة على حساب الجزائر    الداخلية تكشف ملابسات فيديو ال"توك توك" على الدائري وتلاحق مروّجيه    الذكاء الاصطناعي يعتلي خشبة المسرح.. جريدة مسرحنا تستعرض تجارب معاصرة وقضايا نقدية في عددها الجديد    أم كلثوم.. مهرجان قرطاج الدولي بتونس يحيي الذكرى 50 لرحيل كوكب الشرق بحفل لمي فاروق    "المنشاوي" يبحث أوجه التعاون المشترك مع المكتب الكويتي للمشروعات الخيرية بالقاهرة    الجيش الإسرائيلي يعلن استهداف قيادي في حماس بلبنان    شيخ الأزهر لقاضي قضاة فلسطين: «نحن في حالة حزن شديد بسبب ما آلت إليه الأوضاع في غزة»    وزير التعليم العالي: نولي اهتمامًا بالغًا بتمكين الطلاب من ذوي الإعاقة    مرشح وحيد في اليوم الرابع.. 16 مرشحًا يتقدمون بأوراقهم لانتخابات مجلس الشيوخ بقنا    انطلاق اختبارات قطاع براعم كرة القدم بنادي البنك الأهلي    «بملامح حزينة».. أول ظهور ل محمد صلاح بعد وفاة جوتا (صورة)    فريدة وملك تتوجان بذهبية تتابع السيدات ببطولة العالم للخماسي الحديث    ترامب: فرض الرسوم الجمركية في الأول من أغسطس المقبل    شديد الحرارة وشبورة ورطوبة.. الأرصاد تكشف حالة الطقس غدًا الأربعاء    مصدر أمني ينفي إضراب نزلاء ينتمون للجماعة الإرهابية داخل مراكز الإصلاح    السيطرة على حريق في 6 منازل بقنا    وزيرة التنمية المحلية تتابع مستجدات منظومة المخلفات الصلبة بالقاهرة والجيزة    311 طلب | الوطنية للانتخابات تواصل تلقي طلبات الترشح ل «الشيوخ» لليوم الرابع    رامي جمال يتألق بألبوم "محسبتهاش".. نضج فني وتجديد يرسّخ مكانته بين نجوم الغناء العربي    أحمد السقا يواصل تصدر شباك التذاكر    باليوم الثاني لمعرض الكتاب.. إقبال كثيف على ركن الطفل بجناح الأزهر الشريف بمكتبة الإسكندرية    المتحدث باسم وزارة الصحة يكشف آخر تطورات مصابى حريق سنترال رمسيس    وزير الخارجية والهجرة يتلقى اتصالًا هاتفيًا من نظيره الفنزويلي    «الصحة»: إطلاق المؤتمر العلمي السنوي لنظم الغذاء لمواجهة التحديات الصحية    إستيفاو يرفض الاستمرار مع تشيلسي لنهاية كأس العالم للأندية    رئيس جامعة عين شمس يستقبل وفدًا من جامعة جنوب الصين الزراعية    «النار بدأت من الدور السابع».. شهود عيان يكشفون ل«المصري اليوم» تفاصيل حريق سنترال رمسيس    انطلاق امتحانات التعليم المدمج بجامعة القاهرة بمشاركة 30 ألف طالب وطالبة    ختام دور الانعقاد الخامس للنواب: 186 قانونًا و220 ساعة عمل    وزارة الأوقاف تخصص 70 مليون جنيه قروضًا حسنة بدون فوائد للعاملين    تصاعد الضغوط الأوروبية على تل أبيب.. نائبة فى البرلمان الأوروبى تطالب بعقوبات حازمة.. أغلبية الإسبان يتهمون إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية في غزة.. و 5 خيارات قيد البحث تشمل تعليق الشراكة وحظر تصدير السلاح    قياسات بدنية للاعبي الأهلي قبل معسكر تونس    الاتحاد السكندري ينهي إجراءات استعارة لاعب الزمالك    فرص جديدة واستقرار مالي.. اعرف توقعات برج الحوت في الأسبوع الثاني من يوليو 2025    أمينة الفتوى: «النار عدو لكم فلا تتركوا وسائل التدفئة مشتعلة أثناء النوم»    رعاية المصالح الإيرانية يعزي فى ضحايا حادث حريق سنترال رمسيس: قلوبنا مع مصر    عقب عودته من البرازيل.. رئيس الوزراء يعقد مؤتمرًا صحفيًا غدًا    وكيل وزارة الصحة بسوهاج يبحث آليات توقيع الكشف الطبى على طلاب المدارس    وفّر في استهلاكك وادفع أقل في فاتورة الكهرباء    الداخلية تكشف ملابسات فيديو هروب الربع نقل على دائري المقطم في القاهرة    بالصور.. رئيس جامعة دمياط يفتتح معرض مشروعات تخرج طلاب كلية الفنون التطبيقية    ندوة بالجامع الأزهر تُبرز أثر المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار في ترسيخ الوَحدة    سؤال برلماني حول حريق مبنى سنترال رمسيس    وزير البترول: تنفيذ مشروعات مسح جوي وسيزمي لتحديد الإمكانات التعدينية فى مصر    فيلم المشروع x بطولة كريم عبد العزيز يتخطى ال131 مليون جنيه فى السينمات    وكيل وزارة الصحة يتابع انتظام العمل بوحدات إدارة إسنا الصحية.. صور    "بتكوين" تتراجع تحت ضغط الرسوم الأمريكية الجديدة وموجة حذر بالأسواق    وزيرة التنمية المحلية تتابع عمليات إخماد حريق سنترال رمسيس    حريق سنترال رمسيس.. وزير التموين: انتظام صرف الخبز المدعم في المحافظات بصورة طبيعية وبكفاءة تامة    موعد مباراة تشيلسي وفلومينينسي في كأس العالم للأندية والقناة الناقلة    أهم طرق علاج دوالي الساقين في المنزل    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : حالة شكر.""؟!    (( أصل السياسة))… بقلم : د / عمر عبد الجواد عبد العزيز    نشرة التوك شو| الحكومة تعلق على نظام البكالوريا وخبير يكشف أسباب الأمطار المفاجئة صيفًا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الاقتصاد وعودة العجلة للدوران
نشر في الشروق الجديد يوم 19 - 04 - 2011

أسعدتنى تصريحات نشرتها وكالات الأنباء منذ يومين لوائل غنيم، أحد رموز ثورة يناير، عن أهمية عودة الاقتصاد المصرى للنشاط وما يمثله ذلك من حماية لمكتسبات الثورة والتى نشرت بمناسبة زيارته لواشنطن وحضوره اجتماعات مؤسسات التمويل الدولية. أسعدتنى تلك التصريحات لأن التيار السائد حتى وقت قريب كان يعتبر الاهتمام بعودة عجلة الاقتصاد للدوران بمثابة تشتيت للأنظار عن المطالب السياسية وعن ملاحقة الفساد، وبالتالى سعى مستتر نحو الحد من عنفوان الثورة ومن وتيرة الإصلاحات التى تنادى بها.
هذا سوء فهم خطير. فالجماهير التى ساندت الإصلاحات السياسية هى ذات الجماهير التى تخشى استمرار اضطراب الاقتصاد وتباطؤ أدائه وتتطلع لأن يتوازى استكمال الإصلاحات السياسية مع المزيد من الاهتمام بتنشيط الاقتصاد.
الأهم من ذلك أنه لا يوجد تعارض بين المسارين بل تكامل وترابط وثيقان لأن استمرار تعطل عجلة الاقتصاد والآثار الاجتماعية الناجمة عن ذلك هما أكثر ما يهدد الإصلاحات السياسية والمؤسسية التى اجتمعت الجماهير عليها. والحقيقة أن تصريحات وائل غنيم ليست أول تعبير عن هذه الفكرة من رموز الثورة، وفد من ائتلاف شباب الثورة يشترك فى افتتاح جلسة تداول بورصة الأوراق المالية، ومؤسسو الأحزاب الجديدة يدعون للاهتمام بموضوع إنعاش الاقتصاد الوطنى ويعتبرونه من الأولويات، ومرشحو الرئاسة يشددون على هذه القضية الخطيرة فى طرح أفكارهم وبرامجهم. كلها مواقف وتصريحات هامة ومطلوبة فى هذه المرحلة من أجل تبديد التناقض الخاطئ بين الإصلاحات السياسية والنشاط الاقتصادى ومن أجل التعبير عن مشاعر جماهير عريضة يقلقها استمرار الوضع الحالى.
من جهة أخرى فإن عودة الاهتمام بتنشيط الاقتصاد ليست منبتة الصلة عن أهمية تقييم المرحة السابقة بشكل سليم حتى نتمكن من تحديد ما يجب عمله. فالسنوات الخمس السابقة شهدت تحقيق معدلات مرتفعة للنمو الاقتصادى، والمؤشرات الكلية للاقتصاد المصرى كانت تعتبر إيجابية وفقا للمعايير الدولية المتعارف عليها. ولكن من جهة أخرى فقد اقترن ذلك بثلاثة مشاكل رئيسية: أولها عدم تغلغل عائد النمو خارج محيط الطبقة الأعلى وبالتالى عدم استفادة معظم فئات المجتمع منه، والثانى عدم اكتمال البنية القانونية اللازمة لضمان سلامة عمل اقتصاد السوق الأمر الذى أدى لنشوء ظاهرة الفساد المالى، والثالث عدم اقتناع الناس بالمسار الاقتصادى وبالتالى افتقاده للمصداقية السياسية والشعبية.
هذه اعتبارات ثلاث لا يمكن إغفالها فى تقييم المرحلة الاقتصادية السابقة. ولكن المهم أن تستند مرحلة إعادة بناء الاقتصاد القومى للبلاد إلى فلسفة تصحيح ما سبق من أوضاع وسياسات وليس هدم كل ما سبق لمجرد ارتباطه بالنظام السابق، وتغيير ما كان فاسدا أو خاطئا منه مع الاحتفاظ بالجوانب الإيجابية التى قد تعود بالمنفعة على الوطن. وهذه معادلة فى غاية الصعوبة والحديث عنها أسهل بكثير من تطبيقها. فتقديم ما يحقق مصلحة الانتصار السياسى على المصلحة الاقتصادية للبلاد ظاهرة معروفة وتتميز بها كل مراحل التحول السياسى المفاجئ وعرفتها كل دول العالم حينما مرت بتحولات مماثلة. ولكننا اليوم بحاجة لتجنب ذات الخطأ التاريخى عن طريق التمييز فى السياسات الاقتصادية للنظام السابق بين ما ينفع البلاد وما يضرها.
فالاهتمام بإزالة ما يعيق عمل القطاع الخاص ويمنحه فرصه الانطلاق ليس عيبا بل هدفا أساسيا خاصة إذا اقترن بسياسات عامة فى مكافحة الفساد الحكومى وفى توفير مناخ تنافسى يشجع المشروعات المتوسطة والصغيرة. والعمل على تشجيع الاستثمار المصرى والأجنبى ليس خطأ لأنه ضرورى لتنشيط عجلة الاقتصاد ولكن ربما بضوابط أفضل تمنع الاستغلال. وزيادة معدلات النمو يجب أن تكون هدفا قوميا لا يتعارض مع اهتمام الدولة الجديدة بتحقيق عدالة أكبر فى التوزيع. واستمرار الاهتمام بالبنية التحتية فى الصعيد، وبإنشاء المناطق الصناعية فى أنحاء مصر ضرورى.
هذه أمثلة لإمكان وضرورة استمرار بعض السياسيات السابقة ولكن مع تصحيحها وفى إطار تقييم آثارها بشكل موضوعى يستند إلى اعتبار ما يحقق الصالح العام فقط. ولذلك أعود لما بدأت به. فمن هنا أهمية وقوفنا مع شباب الثورة وراء مساندة عودة النشاط للاقتصاد وتدوير عجلته وحبذا لو وقف إيضا عصام العريان ومحمد أبوالغار وعلاء الأسوانى وغيرهم ممن تعلقت بهم الجماهير ووضعوا ثقلهم المعنوى وراء السعى لكل ما يحقق هذا الهدف سواء كان من بقايا السياسيات السابقة أم كان عكسها.
قد يقال فى الرد على هذا أنه لا يوجد شىء اسمه سياسات اقتصادية محايدة لأن كل اختيار يحمل انحيازا فكريا وطبقيا. هذا صحيح فى الأمور الكبرى، ولكن أتصور أن وقت هذا الجدل لم يحن بعد، ولن يأتى إلا فى نهاية المرحلة الانتقالية حينما يتنقل الحكم لرئيس منتخب وبرلمان منتخب وفى ظل دستور جديد. عندئذ يمكن للشعب أن يعبر عن اختياراته الفكرية الكبرى فى إطار سليم. ولكن حتى يتحقق هذا الانتقال فإن القرارات المطلوب الاتفاق عليها لا تحمل خلافا فكريا كبيرا.
أن يعود الأمن للشوارع، وأن ينتظم العمل فى المصالح الحكومية وفى المصانع على حد سواء، وأن يعود السائحون للتدفق، وأن يطمئن المستثمرون الشرفاء على سلامة أوضاعهم، وأن يتبنى الإعلام رسالة تفاؤل وحث على العمل، كل هذا هو ما يضمن استمرار تأييد الجماهير للتحول السياسى ولمتطلبات المرحلة الانتقالية حينما تتأكد أن هذا التحول لا يتعارض ولن يأتى على حساب عودة الاقتصاد للنشاط والعجلة الإنتاجية للدوران.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.