الاتحاد المنستيري: الزمالك استفسر عن محمود غربال وننتظر العرض الرسمي    طبيب نسا وتوليد ببني سويف يحاول إنهاء حياته بسبب مروره بأزمة نفسية    إسرائيل تقصف جنوب لبنان    مدبولي يصل القاهرة عقب المشاركة في النسخة ال17 لقمة مجموعة «بريكس»    وزير الخارجية الأسبق: العلاقة الأمريكية الإسرائيلية «منحازة» لا متطابقة    السفير الفرنسي بالقاهرة: ندعم مصر في الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد    محافظ الغربية: متابعة يومية لإنهاء المشروعات وتحسين الخدمات.. ولن نسمح بأي تباطؤ    أحمد بلال: الأهلي وبيراميدز سيتنافسان على لقب الدوري.. والزمالك في المركز الثالث    الزمالك يكرم أيمن الرمادي ويمنحه درع النادي    استشاري نقل بري: الطريق الدائري الإقليمي ليس مسئولا عن الحوادث    شهيد لقمة العيش.. مصرع شاب في انفجار أسطوانة غاز تكييف بمحافظة دمياط    وزير البترول يبحث أسباب كارثة انقلاب البارج البحري أدمارين 12.. ويوجه بسرعة الانتهاء من التحقيقات ودعم أسر الضحايا    «كلام في السيما» يحتفي بالموسيقار علي إسماعيل بدار الأوبرا    قناة ON تحذف برومو برنامج مها الصغير كلام كبير    أمين الفتوى يحذر من الزواج العرفي: خطر جسيم على المرأة    مرشحان في اليوم الرابع.. 7مرشحين يتقدمون بأوراقهم لانتخابات مجلس الشيوخ بالأقصر    محافظ الجيزة يعقد اللقاء الأسبوعي لبحث شكاوى المواطنين بعدد من الأحياء    المشدد 10 سنوات لعامل بتهمة حيازة حشيش وقيادته تحت تأثير مخدر بالقليوبية    استشهاد لبناني في غارة إسرائيلية بطائرة مسيّرة استهدفت سيارة في صيدا    مصر تفوز على تونس وتتوج بالبطولة العربية للسيدات لكرة السلة    السفير التركي: زيارة "بويوكادا" للإسكندرية تجسد تعزيز التعاون العسكري مع مصر    فابيان رويز: نحترم ريال مدريد وسنقاتل على بطاقة نهائي المونديال بأسلوبنا    معتز وعمر وائل يتوجان ببرونزية التتابع في بطولة العالم للخماسي الحديث    مملكة الحرير.. الأشقاء يجتمعون مرة أخرى بعد انتشار الطاعون    التعليم العالي: فتح باب التسجيل بالنسخة الثانية من مبادرة "كن مستعدًا" لتأهيل الطلاب    رئيس جامعة بنها يتفقد مستشفى الجراحة: تطوير ب350 مليون جنيه لخدمة مليون مواطن سنويا    تطورات الحالة الصحية للإعلامية بسمة وهبة بعد إجراء عملية جراحية    العثور على طبيب مصاب بجرح فى الرقبة داخل مستشفى بنى سويف الجامعى    تعليم الإسماعيلية تؤهل طلاب الثانوية لاختبارات قدرات التربية الموسيقية    شباب عُمان.. تتوج بجائزة مهرجان لوهافر للإبحار بفرنسا    إحالة الأم المتهمة بقتل أطفالها الثلاثة بالشروق للمستشفى النفسي    زحلقنا الأمريكان، مبارك يكشف في فيديو نادر سر رفضه ربط شبكات القاهرة بسنترال رمسيس    كشف حساب مجلس النواب في دور الانعقاد الخامس.. 186 قانونا أقرها البرلمان في دور الانعقاد الخامس.. إقرار 63 اتفاقية دولية.. 2230 طلب إحاطة باللجان النوعية    دينا أبو الخير: الجلوس مع الصالحين سبب للمغفرة    أجواء شديدة الحرارة ورطوبة مرتفعة.. "الأرصاد" تُحذر من طقس الساعات المقبلة    إصابة 3 أشخاص فى مشاجرة بالأسلحة النارية بقنا    بحوث الإسكان يناقش تخطيط وتنفيذ مشروعات الساحل الشمالي والتغيرات المناخية    رئيس جامعة بنها يتفقد سير العمل والاطمئنان على المرضى بالمستشفى الجامعي    طريقة عمل كيكة الشوكولاتة بأقل التكاليف والنتيجة مبهرة    يحيى الفخراني يعود ب"الملك لير" على خشبة المسرح القومي.. عودة تليق بالأسطورة    بعد غياب 8 سنوات.. إليسا ووائل جسار يلتقيان في ليلة الأحاسيس بجدة    الشرطة الإسبانية تكشف نتائج التحقيقات الأولية حول وفاة جوتا    فودافون مصر تعزي "وي" في ضحايا حادث حريق سنترال رمسيس: "قلوبنا معكم"    الخميس.. الأوقاف تنظم 2963 مجلسا دعويا حول آداب دخول المسجد والخروج منه    مدير أوقاف مطروح: آفة العصر إدمان السوشيال ميديا وسوء استخدامها    «الوطنية للانتخابات»: 311 مرشحا لانتخابات الشيوخ على الفردي.. .ولا قوائم حتى اليوم    البحر الأحمر تشدد على تطبيق قرار منع استخدام أكياس البلاستيك وإطلاق حملات لحماية البيئة البحرية    ننشر أسماء أوائل الصف الثالث للتمريض بمحافظة مطروح للعام الدراسي 2024 - 2025    سمير عدلي يطير إلى تونس لترتيب معسكر الأهلي    وزير الكهرباء و"روسآتوم" يتفقدان سير العمل في مشروع المحطة النووية بالضبعة    أمينة الفتوى: «النار عدو لكم فلا تتركوا وسائل التدفئة مشتعلة أثناء النوم»    فرص جديدة واستقرار مالي.. اعرف توقعات برج الحوت في الأسبوع الثاني من يوليو 2025    وزارة الأوقاف تخصص 70 مليون جنيه قروضًا حسنة بدون فوائد للعاملين    وفّر في استهلاكك وادفع أقل في فاتورة الكهرباء    "الداخلية" تكشف ملابسات فيديو حادث سير بالطريق الدائري وواقعة السير عكس الاتجاه    ندوة بالجامع الأزهر تُبرز أثر المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار في ترسيخ الوَحدة    وزير البترول: تنفيذ مشروعات مسح جوي وسيزمي لتحديد الإمكانات التعدينية فى مصر    موعد مباراة تشيلسي وفلومينينسي في كأس العالم للأندية والقناة الناقلة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سؤال الساعة: أتكون ديمقراطية حقيقية أم لا؟
نشر في المراقب يوم 05 - 04 - 2011

أصبحت السلفية أشهر مصطلح يتردد هذه الأيام فى الفضاء المصرى. مستصحبا معه أصداء متعددة من الترويع والتخويف، الأمر الذى يستدعى الكثير من أسئلة الحال والمآل.
(1)
يوم الأحد الماضى مثلا (3/4) تناولت الصحف المصرية الموضوع على النحو التالى: «الأهرام» تحدثت على صفحتها الأولى عن ائتلاف مدنى من ست مجموعات لمنع انقضاض السلفيين على مطالب الثورة الحقيقية. وذكرت أن مؤتمرا حاشدا ضم أكثر من ألف سلفى عقد بمسجد عمرو بن العاص أكبر وأقدم مساجد مصر تحدث فيه الشيخ ياسر برهامى (طبيب أطفال) الذى وصف بأنه أبرز قادة السلفيين وكانت اللافتات المرفوعة ترسم أهم ملامح المشروع السلفى لمصر، وفى مقدمتها لافتة كتبت عليها عبارة تقول: «إسلامية إسلامية.. لا مدنية ولا علمانية». فى العدد ذاته نقلت الأهرام عن قيادى سلفى آخر قوله إن هدم الأضرحة ليس من الإسلام فى شىء. وإن إقدام بعض الشبان على ذلك بمثابة «مصيبة كبرى». ونقلت عن قيادى ثالث قوله إن كل جريمة تحدث الآن فى مصر تنسب إلى السلفيين دون تثبت أو تحقيق. وتساءل رابع قائلا: لماذا تكال الاتهامات الآن للسلفيين، وهم الذين لم يعتدوا على الأضرحة طوال الثلاثين عاما الماضية؟
صحيفة «الشروق» تحدثت عن 90 ندوة ومؤتمرا عقدها السلفيون بمحافظات مصر بعد 25 يناير، كما نشرت خبرا عن تحذير شيوخ الصوفية من وقوع فتنة كبرى بسبب الاعتداء على الأضرحة. وخبرا آخر عن تحركات سلفية للسيطرة على مساجد الأوقاف.
صحيفة «المصرى اليوم» تحدثت عن مؤتمر السلفيين فى مسجد عمرو بن العاص بالقاهرة. وأبرزت فى عناوين تقريرها قول دعاتهم: سنطبق منهجنا الإسلامى مهما يكلفنا الأمر، وإذا أراد النصارى أمانا فعليهم الاستسلام لحكم الله. وفى التقرير أن أحدهم ذكر أنهم تعرضوا لسيل من الافتراءات ذهبت إلى حد اعتبار السلفيين أخطر على مصر من الإسرائيليين.
صحيفة «الوفد» نشرت على صفحتها الأولى عنوانا باللون الأحمر على أربعة أعمدة تحدثت فيه عن تصاعد أزمة الأضرحة بين الصوفية والسلفية. وتحته عناوين أخرى من قبيل: الصوفية يرفضون الحوار وتحذير من تحويل مصر إلى لبنان أخرى الشبراوى شيخ الطريقة الشبراوية يقول: ندرس الرد بالقوة ونطالب شرف (رئيس الوزراء) بالتدخل لوقف زحف السلفيين.
صحيفة «روزاليوسف» نشرت أكثر من تقرير حول الموضوع. أحدها تحدث عن خناقات فى المساجد بسبب السلفية. الثانى ذكر أن للسلفيين ثلاثة آلاف مسجد وزاوية فى مصر وأن التحالف المصرى لمراقبة الانتخابات حذر من تنامى المد السلفى فى البلاد. الثالث ركز على أن مجهولين يوزعون الدستور السلفى فى إيميلات مجهولة ووصف هذه الخطوة بأنها «تطور مفزع لما تقوم به الجماعات السلفية» الرابع حوار على صفحة كاملة مع من وصف بأنه رئيس جماعة السلفيين فى مصر ورئيس مجلسها للشورى (الدكتور عبدالله شاكر) قال فيه إن الدعوة للخلافة الإسلامية فى هذا الزمان أمر صعب لكن «لدينا البديل»، كما قال إن «الجماعة» لديها مرشحون للانتخابات البرلمانية. وإن تغيير المنكر لا يكون إلا باللسان أو القلب، إلا أن هناك اختراقات فكرية للسلفيين.
(2)
هذه حصيلة يوم واحد من المعلومات والانطباعات التى تلقاها الرأى العام فى مصر. ولك أن تتصور صدى تلك التعبئة اليومية المستمرة هذه الأيام، خصوصا إذا تخللتها رسائل ترويعية من ذلك القبيل الذى نشرته صحيفة «روزاليوسف» على رأس صفحتها الأولى يوم 30 مارس تحت العناوين التالية: حالة هلع بعد التهديدات السلفية غزوة إخوانية على مقاهى الأعراب فى الفيوم بحجة تعاطى الخمور والمخدرات انتهت بمقتل شخص وإصابة 8 ارتفاع نسبة الغياب فى المدارس وإغلاق بعض المدارس المسيحية، وبيانات سلفية تتهم فلول النظام بالترويج لشائعات خطف المتبرجات طالبات بأسيوط يستسلمن للسلفيات ويرتدين النقاب مطلقة مسلمة تضرب والدها المسيحى لإصراره على إعادتها للمسيحية.
الكلام عن السلفيين سحب وراءه كل من له صلة بالإسلام، خصوصا الإخوان الذين اتهمهم رئيس تحرير إحدى الصحف (الفجر 4/4) بالمسئولية عن إحراق أقسام الشرطة واقتحام مبانى أمن الدولة والمحاكم والسجل المدنى والسجون «التى فيها أنصارهم»، بدعوى أن الذين هاجموا تلك المواقع «كانوا يحرقون ملفاتهم وسجلاتهم ويمحون من الوجود تاريخهم الأسود».
أضاف صاحبنا أن لجنة محايدة لتقصى الحقائق (إذا شكلت) ستكشف أن جماعة الإخوان المسلمين ليست بعيدة عما جرى على هوامش الثورة وخلال اشتعالها. ربما من باب الانتقام. ربما تعبير عن غريزة شرسة كانت مكبوتة. ربما لتمهيد طريق الحكم بسهولة. واستطرد بعد ذلك قائلا: إننا وجدنا أهل السلطة يمدون أيديهم إلى الجماعة بحيوية غير مفهومة. ويتركون لها مهمة تعديل الدستور (؟!). ويسارعون بإجراء انتخابات تشريعية يعرفون مقدما أنها تملك الفرصة الأكبر للفوز بها. ليُشَكَّل برلمان ملتحٍ متعصب متشدد ستختار منه لجنة إعداد الدستور الجديد، الذى سيؤسس لنظام سياسى يمنحها فرصة البقاء فى السلطة إلى يوم القيامة.
هذه الخلاصة عبر عنها بطريقة أخرى الشاعر فى قصيدة نشرتها جريدة «الأهرام» (عدد 31/3) بعنوان «سارق النار» قال فيها: إن الظلام استرد معاقله فى مدينتنا وتوالت علينا الشرور!!
(3)
بعدما أعلن عن أن تشكيل الأحزاب أصبح يتم بالإخطار. صرنا نقرأ كل صباح عن ميلاد حزب جديد. ساعد على ذلك أن المجتمع فقد ثقته فى أغلب إن لم يكن كل الأحزاب التى أجازتها السلطة خلال الثلاثين سنة الماضية، وبعضها كان ضمن أجنحة الحزب الحاكم والبعض الآخر كان مشمولا برعاية جهاز أمن الدولة. وأثار الانتباه فى هذا الصدد تعدد الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية. إذ إلى جانب حزب «الحرية والعدالة» الذى يتجه الإخوان إلى إنشائه. فقد صدر مؤخرا حكم أجاز حزب الوسط، وثمة شائعات عن تكتل خارج من عباءة الإخوان ومستقل عن الجماعة رُشح له اسم حزب «النهضة». وليس معروفا موقف الجماعة الإسلامية ولا التيار السلفى، لأن ثمة آراء تتحدث عن احتمال انخراطهما فى الحياة الحزبية، وآراء أخرى ترجح انخراطهما فى الحياة السياسية دون الحزبية، بمعنى الترشح للانتخابات التشريعية من خارج الأحزاب، أو التصويت لأحزاب دون غيرها.
هذا الظهور المكثف نسبيا للأحزاب ذات المرجعية الإسلامية نستطيع أن نفهم دوافعه. إذ لا تفسير له سوى أن تلك الشرائح كانت الأكثر تعرضا للقمع والاضطهاد فى ظل النظام السابق. وحين زال الحصار الذى فرض عليها طوال الثلاثين عاما الأخيرة وفرض على الأغلبية الساحقة منهم البقاء فى عذابات السجون والمعتقلات والمنافى، فإنها اندفعت نحو إثبات الحضور والعمل فى النور لتجميع الأنصار فى ظل الشرعية.
هذا السلوك لا يخلو من إيجابية، من ناحية لأنه يتيح لنا أن نقرأ أفكارهم فى العلن، وأن نناقشها أمام الملأ. وهى ذاتها الأفكار التى كان يتم تداولها فى السر وتشيع بين الشباب دون أية مناقشة. ومن ناحية ثانية، لأن ظهور تلك التجمعات إلى النور يسمح لأصحابها بأن يتحاوروا مع المجتمع ويعملوا له حسابه. وهم الذين ظلوا يحاورون أنفسهم ويتجادلون مع بعضهم البعض طوال السنين التى خلت. (لاحظ أن الذى تحدث عن غزوة الصناديق اضطر فى اليوم التالى للتراجع والاعتذار والاحتجاج بأنه كان يمزح وقد انتشى بعد إعلان نتيجة الاستفتاء على تعديل الدستور). من ناحية ثالثة، فإن ظهور تلك الجماعات إلى العلن يفتح الباب ليس فقط لمناقشة أفكارهم ولكن أيضا لتطويرها وإنضاجها فى ضوء ردود الفعل المجتمعية إزاءها.
جدير بالذكر فى هذا الصدد أن خروج تلك الجماعات إلى النور فتح الباب لاحتمالات التغير فى هياكلها فضلا عن أفكارها، فقد ظهرت تكتلات داخل حركة الإخوان ذاتها، كانت فكرة حزب النهضة وتكتل شباب الإخوان من تجلياتها. كما حدثت استقالات من مجلس شورى الجماعة الإسلامية بسبب الخلاف حول مبادرة وقف العنف. كما تباينت المواقف داخل الحركة السلفية إزاء موضوع هدم الأضرحة أو الموقف من الأقباط، واكتشفنا أنهم ليسوا شيئا واحدا ولكنهم مجموعات شتى.
(4)
ضربت مثلا من قبل بحالة اليابان بعد الحرب العالمية الثانية التى تشكل فيها 400 حزب انتهت الآن إلى 12 حزبا، أقواها اثنان فقط. وكان رأيى ولا يزال أن تعطى الفرصة للجميع لكى يثبتوا حضورهم. ثم يترك للمجتمع من خلال صناديق الانتخابات أن يقرر من الأجدر بالبقاء ومن الذى ينبغى أن يختفى من المشهد. ولكن الصوت العالى بين الطبقة السياسية فى مصر لم يحتمل ظهور الجماعات ذات المرجعية الإسلامية. وتبنى موقف إقصائها، مستخدما فى ذلك أسلوب التخويف والتشهير الذى اتبعه النظام السابق. ولا مفر من الاعتراف هنا بأن أغلب العلمانيين والقوميين ومعهم المتعصبون فى الكنيسة القبطية لعبوا دورا مهما فى تكريس ذلك الاتجاه.
لا أريد أن أبرئ المنتسبين إلى الإسلام من المسئولية، لأن بعضهم وقع فى أخطاء استخدمها الآخرون فى ترويع المجتمع وتخويفه. ولأن الموقف الإقصائى والمناوئ كان الأصل، ولأن الاصطياد والتربص كان الوسيلة، فإن تلك الأخطاء جرى تضخيمها من ناحية، كما جرى تعميمها على الجميع من ناحية ثانية. ولأنه لم تكن النوايا صادقة والنفوس صافية، فقد صار الإقصاء بديلا عن الاستيعاب. ولم يكن ذلك أغرب ما فى الأمر، لأن الأغرب أن ذلك تم فى مرحلة الإعداد للانتقال إلى نظام ديمقراطى حقيقى، يختلف عن الديمقراطية المغشوشة التى عشنا فى ظلها طوال العقود الأربعة الأخيرة على الأقل.
لا أريد أن أقارن بحضور ودور أحزاب التطرف اليمينى فى البرلمان الإسرائيلى، ولكنى أنبه إلى دور جماعات اليمين المسيحى فى الولايات المتحدة، وكلهم سلفيون وإن اختلفت مرجعياتهم الفكرية. وأحيل من يريد أن يعرف أكثر عن اليمين المسيحى أن يرجع إلى كتاب «أصول التطرف اليمين المسيحى فى أمريكا»، لمؤلفته كيمبولى بلاكر (ترجمته هبة رءوف وتامر عبدالوهاب، وصدر ضمن المشروع القومى للترجمة بالتعاون مع مكتبة الشروق الدولية). ومن يقرأ ذلك الكتاب يكتشف أن ما يفعله السلفيون فى مصر ليس أكثر من «هزار» بالمقارنة مع ما يفعله أقرانهم فى الولايات المتحدة.
إن جوهر الخلاف الراهن فى مصر ليس ما إذا كان هذا الطرف أو ذاك هو الذى سيجنى ثمار الثورة، ولكنه يدور حول ما إذا كنا نريد ديمقراطية حقيقية أم لا؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.