يعلن التيار الشعبي عن رفضه لمشروع التعديلات الأخيرة لقانون الضرائب الذي قدمته الحكومة تحت زعم أنه يحقق العدالة الاجتماعية وهو أبعد ما يكون عن ذلك. رفضنا في التيار الشعبي للتعديلات المقترحة يأتي تأكيدا على موقفنا المنحاز دائماً لمطالب الثورة والعدالة الاجتماعية التى لا تحققها التعديلات بل تفرغها من مضمونها. ونتساءل: هل العدالة الاجتماعية على أجندة الحكومة حقا . إن مشروع التعديلات الضريبية يلتف على ما كان قائما بالفعل ويعتبر مكسب حتى لو كان دون طموح الثورة. فلا يعقل ان يكون حد الإعفاء الضريبي وقت مبارك 9 ألاف جنية وترفعه الحكومة المعينة بعد الثورة من المجلس العسكري الى 12 ألف جنية ثم تأتي الحكومة الحالية المعينة من قبل الرئيس مرسي وتلتف على كل هذا وتهوى بحد الأعفاء على ضريبة الدخل للموظفين إلى 5 ألاف جنية فقط، علماً بأن خبراء الاقتصاد كانوا ينادون برفع حد الإعفاء الى 18 ألف جنية بعد أخذ التضخم في الاعتبار. فهل تريد الحكومة حل مشاكلها عبر زيادة الجباية من جيوب الموظفين محدودى الدخل الذين يساهمون بالفعل بنصيب الأسد في حصيلة الضرائب العامة؟!. ومن ناحية أخرى مشروع القانون لم يلبي الحد الأدنى من جعل الضريبة تصاعدية فالمشروع أضاف شريحة جديدة تبلغ 22% على من يبلغ دخله مليون جنيه حتى 10 ملايين جنيه. أما الشريحة العليا التي يبلغ دخلها 10 ملايين فأكثر فتدفع 25% منذ ان وضع الدكتور سمير رضوان هذه الشريحة عندما كان وزيرا للمالية . وبالنظر إلى الشريحتان ال22 وال25% نجد ان كلتاهما لا تحقق الفلسفة المطلوبة من الضريبة التصاعدية ولا حتى اقتربا من الحد الأدنى لأي ضريبة دخل على مستوى العالم المسمي بالعالم الرأسمالي. والأمثلة على ذلك كثيرة، فمثلا ضريبة الدخل في الولاياتالمتحدة 35%، اليابان 41%، ألمانيا 29%، فرنسا 33%، بريطانيا 40%، ايطاليا 31%، وتايلاند 37% . ناهيك إن ضرائب الدخل في هذه البلدان المذكورة تكاد تتضاعف على مستوى الأفراد، بالمقارنة بضرائب الشركات، في الشرائح العليا للدخل بينما تقل النسبة على الشرائح الدنيا في الدخل . وبالأرقام، نوضح للرأي العام أن حصيلة الضرائب بكافة أنواعها كانت حوالى 55,7 مليار جنيه فى 2003 و تطورت لتفوق 260 مليار فى العام الحالى , أى أنها زادت بخمسة أمثال خلال عشر سنوات . أما حصيلة الضرائب على مرتبات العمال و الموظفين فكانت 7,9 مليار جنيه فى 2008 ( تمثل 10,6% من إجمالى حصيلة الضرائب ) و زادت بنسبة 138% فى 2012 لتصل إلى 19,9 مليار جنيه ( و بنسبة 13,9% من إجمالى الضرائب ) قبل التعديلات التى ستفرضها حكومة هشام قنديل التى ستزيد من هذه النسبة والحصيلة معا. وفى المقابل كانت الضرائب التى تدفعها جميع الشركات فى مصر ( بخلاف هيئتى البترول و قناة السويس ) فى عام 2008 حوالى 16 مليار جنيه , و بنسبة 23% من إجمالى حصيلة الضرائب ) و زادت بنسبة 25% فقط فى 2012 لتصبح 20,5 مليار جنيه ( بنسبة 16% فقط من إجمالى الضرائب). وبالتالى فإن حصيلة الضريبة على المرتبات ستفوق حصيلة الضرائب التى يدفعها جميع السادة المستثمرين فى جميع المجالات , نتيجة سياسات بطرس غالى المستمرة في حكومة قنديل. وبدلا من أن يفرض النظام الضريبي المقترح ضرائب على المكاسب الرأسمالية المعفاة من الضرائب وعلى رأسها الضرائب على التداول العقاري، وعلى فوائد الودائع، وعلى صافي الأرباح التي يحققها أي مستثمر في البورصة بنفس قواعد ومعدلات الضريبة على الدخل، مثلما تفعل كل دول العالم باستثناء دول الخليج وجزر التهرب الضريبي، وبدلا من أن يفرض ضريبة على تحويل المضاربين الأجانب في البورصة لأرباحهم للخارج والتي حققوها من نشاط المضاربة غير الإنتاجي أو بمعنى أدق الطفيلي حسب كل التعريفات الاقتصادية، فإنه فرض ضريبة بمعدل 10% لمرة واحدة فقط على أرباح أول طرح للأوراق المالية في السوق الثانوي (سوق التداول) ودمتم . من هذا المنطلق، نؤكد رفضنا في التيار الشعبي ليس فقط للمواد المقترحة في مشروع القانون الذي تتقدم به الحكومة ولكن أيضا نرفض أسلوب الالتفاف على مطالب الثورة عبر إعطاء الثورة جزء ضئيل وشكلي من المطالب بغرض "التمرير" للمشروع في حين يحتوي المشروع على نصوص أخرى تسحق تماما كل مطالب الثورة في إحقاق العدالة الاجتماعية والضريبية .