كانت بداية عجيبة عن معرفة الحوار الربانى للرد العقلانى أنا شاب قد درس بالأزهر الشريف، وحفظ القرآن الكريم والكثير من الأحاديث، وعلوم القرآن الكريم وغيرهما، ولم أجادل فى حياتى مسلم أو مسيحى إلا بنص الكتاب والسنة؛ ولكن عندما قابلت بعض الأصدقاء الذين يدينون بغير الإسلام، ورأيت جدالهم العقلى، قد جعلنى أسئل نفسى الكثير من الأسئلة، كيف أجادل أهل الكتاب بالقرآن وهم لا يؤمنون به، وهنا كان محور التحول الفكرى فى لغة الحوار الربانى من خلال العقل الإنسانى، والذى فضلنا به الله عز وجل عن جميع المخلوقات. وهنا كانت البداية لمعرفة الطريق: فى يوم من الأيام ، طلب مني أحد أصدقائى ويدعى (حنا) أن افسر له رؤيا من الكتاب المقدس تسمى (رؤيا يوحنا)، فسألته فى تعجب كيف اشرحها لك؟ فأنا كما تعلم مسلم، واسمى (محمد). قال: نعم أعرف، ولكن عندك العلم والمعرفة، وما أريده هو الشرح الوافى منك. قلت: فى نفسى، وما المانع؟ هل تحب أن أشرحها لك بالمسيحة أم بالإسلام؟ قال: لا.لا بالمسيحة. قلت: كما تشاء، وبدأت فى الشرح حتى انتهيت، وهذا لأنى قرأت الكتاب المقدس لأكثر من مرة ولى دراسة فى مقارنة الأديان. ثم قال: هل تشرحها لى بالاسلام؟ قلت: نعم، وشرحتها له، وفى تعجب شديد. قال: ما هذا؟ لقد اختلف المعنى كليًا، لقد فهمت الفرق الأن. قلت: نعم فكل منا له دين ومرجع، يختلفا عن بعضهما البعض. انتهى الحوار إلى هذا الكلام، ولم أبدى أى تعبير يشير إلى شغفى فى الحوار معه حول الإسلام والمسيحية، إنما كتم السر فى نفسى حتى يطلب هو، أو يأذن الله لى. وفى أحد الأيام قابلت أخ مسلم يدعى ( أحمد) وكان من حفظة القرآن والحديث، وعندما أخبرته عن نيتى فى الحوار بين أخواننا النصارى حوارًا عقليًا، رفض بشدة، وقال: ليس بعد كلام الله من كلام، سكت ولم أعترض عليه وتركته وذهبت إلى حال سبيلى أدعوا الله أن يدلنى على الطريق الصحيح. و كنت مسافرًا فى أحد الأيام إلى الغردقة، وأركب الباص وأنظر من الزجاج بجوارى، وإذا بى أشرد مع نور القمر فى حضن السماء لأرى ما يجوبها من أنوار مثل النسيج يخيط بعضه بعض، وأسئل نفسى أهو نور القمر أم ...؟ وعلمت أنها النجوم، ومن هنا أتخذت قرارى بأن أجادل بالعقل والمنطق، ومرجعى هو الكتاب والسنة، والحجة عليهم من كتابهم، وهنا بدأ الحوار بينى وبين صديقى المسيحى، فلقد طلبت منه أن يقابلنى لمناقشة بعض الأمور الخاصة بالكتاب المقدس، ولم يبدى أى اعتراض، وحددنا موعد للمناقشة. - وأول الكلام الصلاة على الحبيب المختار محمد النبى الأمى الذى علم البشرية كلها علية الصلاة والسلام. وفى موعدنا الأول: قال: أتدرك أننى بانتظار هذا الموعد بفارغ من الصبر؟ قلت: ولما؟ قال: لأن عندى من الأسئلة ما لا تعد ولا تحصى؟ قلت: إذا فلتبدأ أنت. قال: كما تشاء، وبدأ بأول سؤال، هل تؤمن بعيسى؟ قلت: نعم ولكن ليس مثلكم، فنحن نؤمن به، لأنه نبى كريم وليس إله. قال: وما دليلك؟ قلت: هناك سؤال أولاً، هل ادعى عيسى أنه إله أو قال: أعبدونى؟ أخبرنى أين ذكر هذا فى كتابك وسوف أعبده؟. قال: سأتيك به، وغاب عنى يومان ولم يأتى بشئ، لقد عجز عن الاتيان بشىء. قلت: أما أنا فعندى من العقل ومن كتابكم الدليل القاطع على أن عيسى نبى الله وليس إله. لقد ذكر فى انجيل متى (19-16): وَإِذَا وَاحِدٌ تَقَدَّمَ وَقَالَ لَهُ: أَيُّهَا الْمُعَلِّمُ الصَّالِحُ، أَيَّ صَلاَحٍ أَعْمَلُ لِتَكُونَ لِيَ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ؟ 17فَقَالَ لَهُ: مَاذَا تَدْعُوني صَالِحًا؟ لَيْسَ أَحَدٌ صَالِحًا إِلاَّ وَاحِدٌ وَهُوَ اللهُ. وَلكِنْ إِنْ أَرَدْتَ أَنْ تَدْخُلَ الْحَيَاةَ فَاحْفَظِ الْوَصَايَا). - وهنا إقرار من النبى عيسى على أن الصلاح من الله وحده. وفى الرسالة الأولى للقديس بولس:( 3عَنِ ابْنِهِ. الَّذِي صَارَ مِنْ نَسْلِ دَاوُدَ مِنْ جِهَةِ الْجَسَدِ، 4 وَتَعَيَّنَ ابْنَ اللهِ بِقُوَّةٍ مِنْ جِهَةِ رُوحِ الْقَدَاسَةِ، بِالْقِيَامَةِ مِنَ الأَمْوَاتِ: يَسُوعَ الْمَسِيحِ رَبِّنَا). - وما يدل هذا الكلام إلا أن الله خلق من بزة داوود عليه السلام وهذا ما لا يقبله أى مسلم، أو عقل. فكيف خلق من الله من بزة انسان وهو داوود عليه السلام؟. وفى انجيل لوقا (1-33): (وَيُعْطِيهِ الرَّبُّ الإِلهُ كُرْسِيَّ دَاوُدَ أَبِيهِ، 33وَيَمْلِكُ عَلَى بَيْتِ يَعْقُوبَ إِلَى الأَبَدِ، وَلاَ يَكُونُ لِمُلْكِهِ نِهَايَةٌ. - أى تمدت مملكته على اليهود وهم آل يعقوب وإلى الأبد. فهل هذا إله من يحكم شعبًا واحدًا وليس الكون كله؟ وفى انجيل مرقس (13-32): (اَلسَّمَاءُ وَالأَرْضُ تَزُولاَنِ، وَلكِنَّ كَلاَمِي لاَ يَزُولُ.32«وَأَمَّا ذلِكَ الْيَوْمُ وَتِلْكَ السَّاعَةُ فَلاَ يَعْلَمُ بِهِمَا أَحَدٌ، وَلاَ الْمَلاَئِكَةُ الَّذِينَ فِي السَّمَاءِ، وَلاَ الابْنُ، إِلاَّ الآبُ). - فأى إله هذا، كيف لا يعلم الهكم متى يوم القيامة؟ أليس هذا بعجيب؟. فهو لا يوازى بالمعرفة علم الله الخالق. وفى مرقس (11- 12،13): (وَفِي الْغَدِ لَمَّا خَرَجُوا مِنْ بَيْتِ عَنْيَا جَاعَ، 13فَنَظَرَ شَجَرَةَ تِينٍ مِنْ بَعِيدٍ عَلَيْهَا وَرَقٌ، وَجَاءَ لَعَلَّهُ يَجِدُ فِيهَا شَيْئًا. فَلَمَّا جَاءَ إِلَيْهَا لَمْ يَجِدْ شَيْئًا إِلاَّ وَرَقًا، لأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ وَقْتَ التِّينِ. 14فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهَا:«لاَ يَأْكُلْ أَحَدٌ مِنْكِ ثَمَرًا بَعْدُ إِلَى الأَبَدِ!». وَكَانَ تَلاَمِيذُهُ يَسْمَعُون). وغيرها الكثير فى كتابكم. يا صديقى أتتخيل أن إله جائع، أو جاهل بأوان التين، فهذه الاشياء معلمومة للجميع، وإن لم تكن معلومة للبعض، فكيف تخفى على الله وهو خالقها؟. حينها رأيت وجهه يتصبب عرقًا، وكنا فى أيام الشتاء، وبدأت عيناه تزوغان ويعلوه الانكسار، فقلت: أرفق به، فأسرعت سائلاً: يا صديقى هل تشرح لى عقيدة التثليث، أو الثالوث؟. قال: الأقانيم الثلاثة هم الآب والابن والروح القدس الإله الواحد. 1 - الآب هو الله من حيث الجوهر، وهو الأصل من حيث الأقنوم . 2- الابن هو الله من حيث الجوهر، وهو المولود من حيث الأقنوم . 3- الروح القدس هو الله من حيث الجوهر، وهو المنبثق من حيث الجوهر . قلت: كيف يكون الآب والابن والروح القدس إله واحد؟. قال: إن الآب هو الله، والابن هو الله، والروح القدس هو الله. والثلاثة يتساوون فى الجوهر، والجوهر نفسه الالهى هو الله، والآب والابن والروح القدس، ولكن الاب ليس هو نفسه الابن وليس هو نفسه الروح القدس، وكذلك الابن ليس هو نفسه الروح القدس وليس هو نفسه الآب، وكذلك الروح القدس وليس هو نفسه الآب وليس هو نفسه الابن. قلت: بأى لغة تتكلم؟ هل هى العربية التى نعرفها أم لغة غيرها؟ كيف تقول الاب ليس كالابن وليس كالروح القدس، وبعد ذلك تقول كلهم واحد، ثلاثة فى واحد، طيب هل عندك دليل فى كتابك يقول: بسم الأب والأبن والروح القدس إله واحد آمين؟. وسأتركك تبحث عنها أسبوع كامل فى كتابك. ومرت أيام الأسبوع ولم أسمع منه خبر، فذهبت إليه وحدثته، يا صديقى لماذا لم تخبرنى عما سئلت؟ قال: إنى محرج منك، لقد بحثت عنها ولم أجدها. قلت: لا بأس فلا حرج بيننا، ولكن دعنى أخبرك بما فى كتابك من دليل على أن الثالوث ليس إله واحد. ذكر فى انجيل متى (28-19): (فَاذْهَبُوا وَتَلْمِذُوا جَمِيعَ الأُمَمِ وَعَمِّدُوهُمْ بِاسْمِ الآب وَالابْنِ وَالرُّوحِ الْقُدُسِ. 20وَعَلِّمُوهُمْ أَنْ يَحْفَظُوا جَمِيعَ مَا أَوْصَيْتُكُمْ بِهِ. وَهَا أَنَا مَعَكُمْ كُلَّ الأَيَّامِ إِلَى انْقِضَاءِ الدَّهْرِ). - أليس هذا فى كتابكم، وقد حذفت كلمة ( إله واحد آمين ) فى النسخة المنقحة على أنها تتدليس وليست من كلام عيسى عليه السلام، يا صديقى أما العجب كل العجب من أنها لم تذكر فى كتابكم غير مرة واحدة فى انجيل متى، ولم يذكر فى أى انجيل أخر، وهذا دليل على أنه من كلام متى، وليس من عند عيسى عليه السلام. - ومع العلم أن كلمة التوحيد عندنا ( لا إله إلا الله ) ذكرت فى القرآن (37) مرة وفى مواضع مختلفة. وفى ذهول منه قال: ياصديقى أرجوا أن تمهلنى الوقت الكافى لمعرفة صدق كلامك هذا، ثم نلتقى بعد ذلك. قلت: علمت أنك مسيحى بالاسم ولم تدرس الكتاب المقدس، يا صديقى لك ما تشاء من الوقت. وإن شاء الله نلتقى فى موعد أخر [email protected]