بعدما أقر جيش الاحتلال بمقتل ضابط وجنود في خان يونس.. يديعوت أحرنوت: الحادث الأصعب خلال الشهور الأخيرة    صن داونز يتحدى فلومينينسي.. مواعيد مباريات اليوم الأربعاء    السوبر جيت تعلن فتح خط الساحل الشمالي بدءًا من اليوم    الكهرباء: مشروعات الطاقة المتجددة أضافت 2000 ميجاوات قبل الصيف    أسعار الدواجن والبيض في أسواق الشرقية الأربعاء 25 يونيو 2025    مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية يدعو إيران لاستئناف عمليات التفتيش عقب وقف إطلاق النار    الناتو: أوكرانيا ستكون على رأس أولويات قمة الحلف اليوم    الشهر المقبل.. موعد الطرح الثاني ل«سكن لكل المصريين 7» ومقدم جدية الحجز وأماكن الوحدات    نتيجة الشهادة الإعدادية 2025 في المنوفية بالاسم ورقم الجلوس.. موعد الاعتماد الرسمي    بعد غياب 9 سنوات.. شيرين عبدالوهاب تستعد لإحياء حفل ختام مهرجان «موازين» بالمغرب    أسعار العملات العربية والأجنبية اليوم الأربعاء 25 يونيو 2025    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاربعاء 25-6-2025 في محافظة قنا    تامر عاشور يحيي حفل مهرجان «موازين» ب«بالعكاز» والجمهور يستقبله بالزغاريد المغربية    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخير بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الأربعاء 25 يوينو 2025    مواعيد مباريات اليوم والقنوات الناقلة.. مواجهات نارية في كأس العالم للأندية    الجيش الإسرائيلي: مقتل ضابط و6 جنود في معارك جنوبي قطاع غزة    جيروم باول: الفيدرالي غير مستعد بعد لتخفيض أسعار الفائدة    وكالة مهر: اكتشاف وضبط أكثر من 10 آلاف طائرة مسيرة في طهران خلال الأيام الأخيرة    أخبار فاتتك وأنت نايم| قصف مدفعي عنيف يستهدف جباليا البلد شمال قطاع غزة    «بريكس» تدعو إلى إنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية في الشرق الأوسط    إعلان النتيجة النهائية لعضوية مجلس إدارة البورصة    رسميًا درجات تنسيق الثانوية العامة 2025 في بورسعيد.. سجل الآن (رابط مباشر)    روسيا: واشنطن وتل أبيب تنتهكان معاهدة حظر الانتشار النووي وحق طهران في الطاقة النووية السلمية    «تمركزه خاطئ.. ويتحمل 3 أهداف».. نجم الأهلي السابق يفتح النار على محمد الشناوي    تصدرت تريند السوشيال ميديا، قصة صورة أعادت الفنانة عبلة كامل إلى الأضواء    «واخدلي بالك» على مسرح قصر ثقافة العريش    بالأعلام واللافتات.. جماهير الترجي تدعم فلسطين خلال مباراة تشيلسي في مونديال الأندية (صور)    حملات مسائية وفجرية على المخابز البلدية والمنافذ التموينية بالإسكندرية    انتشال سيارة ملاكي ابتلعها هبوط أراضي بشكل مفاجئ في التجمع    زيادة طفيفة في مخزون سد النهضة.. «شراقي» يكشف آخر موعد للفتح الإجباري    حسام بدراوي يكشف أسرار انهيار نظام مبارك: الانتخابات كانت تُزور.. والمستفيدون يتربحون    منتخب الشباب يخسر أمام ألمانيا ويتأهلان لربع نهائي كأس العالم لليد    السيطرة على حريق سيارة نقل محمّلة بالتبن بالفيوم دون إصابات    هي ولا ذكاء اصطناعي؟.. صورة لعبلة كامل تثير الجدل على مواقع التواصل    بعد عام من الغياب.. ماذا قالت رضوى الشربيني في أول ظهور على dmc؟ (فيديو)    باسم سمرة يواصل تصوير دوره في مسلسل "زمالك بولاق"    "كانوا راجعين من درس القرآن".. أب يتخلص من طفليه بسلاح أبيض في المنوفية    أمين الفتوى يحذر من إهمال الزوجة عاطفياً: النبي كان نموذجًا في التعبير عن الحب تجاه زوجاته    الأزهر يتضامن مع قطر ويطالب باحترام استقلال الدول وسيادتها    طريقة عمل الزلابية الهشة في البيت أوفر وألذ    مهيب عبد الهادي ل محمد شريف: «انت خلصت كل حاجة مع الزمالك».. ورد مفاجئ من اللاعب    عصام سالم: الأهلي صرف فلوس كتير وودع المونديال مبكرًا    مطران نيويورك يوجّه رسالة رعائية مؤثرة بعد مجزرة كنيسة مار إلياس – الدويلعة    مصرع وإصابة 8 أشخاص في حادث تصادم بالطريق الدائري الأوسطي في حلوان    أجمل رسائل تهنئة رأس السنة الهجرية 1447.. ارسلها الآن للأهل والأصدقاء ولزملاء العمل    عاجل.. بيراميدز يفاوض لاعب الأهلي وهذا رده    مهمّة للنساء والمراهقين.. 6 أطعمة يومية غنية بالحديد    أبرزها اللب الأبيض.. 4 مصادر ل «البروتين» أوفر وأكثر جودة من الفراخ    محافظ الفيوم يشهد الاحتفال بالعام الهجري الجديد بمسجد ناصر الكبير.. صور    طارق سليمان: الأهلي عانى من نرجسية بعض اللاعبين بالمونديال    من قلب الصين إلى صمت الأديرة.. أرملة وأم لراهبات وكاهن تعلن نذورها الرهبانية الدائمة    ندوة تثقيفية لقوات الدفاع الشعبي في الكاتدرائية بحضور البابا تواضروس (صور)    ميل عقار من 9 طوابق في المنتزة بالإسكندرية.. وتحرك عاجل من الحي    غدا.. إجازة رسمية بمناسبة رأس السنة الهجرية للقطاع العام والخاص والبنوك بعد قرار رئيس الوزراء    لا تدع الشكوك تضعف موقفك.. برج العقرب اليوم 25 يونيو    غفوة النهار الطويلة قد تؤدي إلى الوفاة.. إليك التوقيت والمدة المثاليين للقيلولة    وزير الصحة: ننتج 91% من أدويتنا محليًا.. ونتصدر صناعة الأدوية فى أفريقيا    رسالة أم لابنها فى الحرب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تقرير علمي (7) كيف دخلت عقيدة "ألوهية المسيح"
نشر في المصريون يوم 28 - 12 - 2009

أما تعلق القائلين بألوهية المسيح – عليه السلام – بما جاء في بعض الأناجيل من وصفه بأنه « الابن » أو ابن الله .. « يدعى ابن الله » لوقا 1 : 35 .. فإِن البنوة هنا مجازية .. لاتعنى الألوهية .
لقد زعمت اليهود والنصارى أنهم أبناء الله :
{ وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ } [ المائدة : 18 ] .
ولم يزعم واحد منهم أن هذه النبوة تعني ألوهيتهم مع الله ، أو من دون الله .. وفي المأثور الإِسلامي : الخلق عيال الله ، وأحب الخلق إِلى الله من أحسن إِلى عياله .
ومثل ذلك مصطلح « الرب » الذي يطلق « حقيقة » على الله الواحد الأحد .. بينما يطلق « مجاز » على رب البيت وسيده .. ولقد قال يوسف – عليه السلام – عن سيده ورب البيت الذي يعيش فيه :
{ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ } [ يوسف : 23 ] .
فاستخدم مصطلح « الرب » بمعناه المجازي .. لكنه استخدمه بمعناه الحقيقي عندما قال :
{ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ } [ يوسف : 98 ] .
وغريب – وعجيب – أن يقود الخلط بين الحقيقة والمجاز إِلى الشرك بالله العلي العظيم .
* * *
ولن يغني هؤلاء نفعا محاولات التلفيق بين « التعدد » وبين « التوحيد » ، عن طريق المثل الذي يكررونه ، فيقولون : إِن الثلاثة : الآب .. والابن .. والروح القدس ، إِله واحد ، مثلما أن ضوء الشمس ، وحرارتها هما – مع الشمس – واحد .
ذلك أننا نسألهم :
- ولماذا الوقوف عند الثلاثة أقانيم ؟
إِن الشمس – مع الحرارة .. والضوء – لها – أيضا – استدارة .. ولمعانا .. وخصائص كثيرة أخرى .. فلم لا نفتح الباب للمزيد من العدد في الأقانيم ؟ ! .
ثم .. إِن الأقنوم إِذا كان صفة استحال انتقاله من الذات إِلى الآخر .. وإِن كان ذاتا لزم التعدد ، وانتفى التوحيد ، كما سبق وأوردنا كلام الإِمام الفخر الرازي .
.. والحل إِنما يكمن في نقاء التوحيد .. والتنزيه للذات الإِلهية ، عن مشابهة المحدثات .. فالله – سبحانه وتعالى – ليس كمثله شيء .. وكل ما خطر على بالك فالله ليس كذلك – كما هو الحال في عقيدة الوحدانية والأحدية والتنزيه في عقائد الإِسلام .. التي هي العقيدة في دين الله الواحد ، من آدم إِلى محمد ، عليهم الصلاة والسلام .
وإِذا كانت عقيدة المسيحيين في الخطيئة – أي خطيئة آدم ، عليه السلام – بأكله من الشجرة ، تقول إِن البشرية كلها قد حملت لعنة هذه الخطيئة – بأجيالها المتعاقبة من آدم إِلى المسيح – وأن فداء البشرية وخلاصها من هذه اللعنة قد اقتضى أن يقدم الآب ابنه – المسيح – ليموت على الصليب فداء وخلاصا للبشرية من هذه اللعنة وهذه الخطيئة .
فإِن هذه العقيدة المسيحية – في الخطيئة .. ولعنتها – إِنما تصل القمة في الظلم ، والذروة في اللاأخلاق ! .. بينما لا يتصور عاقل أن يقوم دين على أنقاض العدل والأخلاق .
فحتى لو افترضنا جدلا أن خطيئة آدم لم تتم توبته منها ، وغفران الله له ذنبه ، فإِن العدل الإِلهي يقتضي أن يكون الوزر – ومن ثم العقاب – على آدم ، الذي اقترف الوزر ، وارتكب الخطيئة .. وليس من العدل – حتى الإِنساني .. فضلا عن الإِلهي – أن تتحمل البشرية – بأجيالها المتعاقبة – اللعنة لوزر لم ترتكبه وخطيئة لم تكتسبها .
ثم .. أليس الله – سبحانه وتعالى – وهو التواب الرحيم – بقادر على أن يغفر الذنوب ويتجاوز عن الخطايا ، دون أن يضحى بابنه الوحيد ؟ ! .
إِن القرآن الكريم يضع موازين العدل الإِلهي عندما يقول : { مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى } [ الاسراء : 15 ] .
وعندما يقول : { ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ } [ الأنعام : 164 ] ، { لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ } [ البقرة : 286 ] ، { الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لا ظُلْمَ الْيَوْمَ } [ غافر : 17 ] .
ثم .. ألم يهلك الله – في طوفان نوح ، عليه السلام – كل العصاة .. وكتب النجاة للأبرار .. فما المبرر لبقاء لعنة الخطيئة عالقة بالبشرية – البريئة – حتى تحتاج إِلى صلب وقتل وفداء ؟! .
بل إِن في بعض نصوص الكتاب المقدس – بعهديه القديم والجديد – ما يشهد للعدل الإِلهي ، الذي لا يحمّل أي نفس إِلا ما كسبت – ومن ثم تنفى هذه النصوص الأسس اللاأخلاقية التي قامت عليها عقيدة الخطيئة والصلب والفداء وتأليه المسيح وبنوته لله .
ففي سفر التثنية 24 : 16 « كل إِنسان بخطيئته يُقتل » ..
وفي حزقيال 18 : 20 « النفس التي تخطئ هي تموت » ..
وفي إِنجيل متى 12 : 36 ، 37 « لا لأنك بكلامك تتبرر وبكلامك تدان » .
فهذه النصوص – مع القرآن الكريم – مع العدل والمنطق – تنسف الأسس اللاأخلاقية التي أقام عليها المسيحيون عقيدة الخطيئة .. والتي رتبوا عليها عقائدهم في ألوهية المسيح وبنوته لله .. والصلب والفداء والخلاص .
ثم .. أليس غريبا وعجيبا – بل ومريبا – أن يُعتمد في العقيدة الأم – الألوهية – على إِنجيل تحف به الكثير من الشبهات ؟ .. فضلا عن شذوذه ، في تأليه المسيح ، عن غيره من الأناجيل ؟ ! .
لقد قال الأب روجى – في كتابه « مقدمة إِلى الإِنجيل » - عن هذا الإِنجيل – إِنجيل يوحنا :
« إِنه عالم آخر !! .. فهو يختلف عن الأناجيل الأخرى في ترتيب واختيار المواضيع والروايات والخطب ، كما فيه اختلافات في الأسلوب والجغرافيا والتعاقب الزمني للأحداث ، وفي متنه أكثر من عنوان معارض ، وزيادة على ذلك فإِن فيه اختلافا في الآفاق اللاهوتية – كما يقول « أ . كولمان » : « إِلى درجة أن أقوال المسيح تساق بشكل مختلف لدى كل من يوحنا والمبشرين الآخرين .. » ..
فهو الوحيد الذي يذكر حضور أم يسوع لصلبه .
وهو ينكر أن تكون أم المسيح اسمها مريم !! .. ويقول إِن مريم هي أخت أمه وزوجة كلوبا ! .
وهو وحده الذي يذكر وجود يوحنا – الحواري – واقفا عند يسوع وقت صلبه .. ثم يعود فيقول إِنه كان مختبئا مع سائر تلاميذ المسيح ! .
كما ينفرد بجعل مريم المجدلية تقف مع أم يسوع وخالته – مريم – وتلميذه يوحنا عند الصلب .
وينفرد بأن مريم المجدلية هي الوحيدة التي شهدت بأنها رأت يسوع بعينيها وتكلمت معه بعد قيامته من الموت ، وهو بعد عند قبره لم يصعد إِلى السماء .
ويعتقد « أ . كولمان » أن الإِصحاح 21 من هذا الإِنجيل هو من عمل أحد التلاميذ ، الذي أضاف – أيضا – بعض اللمسات إِلى متن الإِنجيل .
وهناك اتفاق على أن الفقرات من الإِصحاح 7 : 53 إِلى الإِصحاح 8 : 11 « هي نص مجهول الأصل » ، ألحق فيما بعد بهذا الإِنجيل .
كما أن هذا الإِنجيل – وياللدهشة – لم يذكر شيئا عند رواية تأسيس القربان – والذي أصبح ركنا من أركان الطقوس الكنسية « القداس » .. (28) .
كما امتلأ هذا الإِنجيل – إِنجيل يوحنا – بالتناقضات ..
ففي 7 : 6 تعليم المسيح ليس من عنده .
وفي 10 : 30 التعليم من عنده .
وفي 3 : 22 ، 26 أن المسيح تُعَمَّد .
وفي 4 : 1 – 3 المسيح لا يُعَمَّد .
ولأن هذا هو حال الإِنجيل .. فلقد قالت عنه « دائرة المعارف البريطانية » - وهي أكثر موسوعات الغرب المسيحي موضوعية ومصداقية .. والتي تصدرها دولة ملكتها هي ريئسة الكنيسة فيها .. قالت : « إِن إِنجيل يوحنا هو الإِنجيل الوحيد الذي نص بكل صراحة على ألوهية المسيح ، حيث نقل عنه أنه قال : « أنا والأب واحد » 10 : 30 و « الذي رآني فقد رأى الآب » 14 : 9 و « أنا في الآب والآب فيّ » 14 : 10 .
ويتعارض هذا الإِنجيل مع الأناجيل الأخرى في أمور مهمة جدا وحاسمة :
فهو يذكر أن المسيح صلب يوم 14 نيسان « أبريل » بينما يفهم من بقية الأناجيل أن الصلب كان يوم 15 نيسان .
ولا يذكر يوحنا في إِنجيله تفاصيل رواية القربان المقدس ، أو العشاء الأخير ، التي أصبحت فيما بعد شعيرة من شعائر المسيحية .
ولا يذكر أن المسيح تعمّد بواسطة يوحنا المعمدان .
وفي حين يفهم من إِنجيل يوحنا أن رسالة المسيح استغرقت ثلاثة أعوام ، فإِنه يفهم من الأناجيل الأخرى أنها استغرقت عاما واحدا .
ويوحنا هو الوحيد الذي ذكر أن المسيح أخبر تلاميذه قبل صلبه أنه سيرسل « الفارقليط » .
ولقد أوردت الموسوعة البريطانية قول الأسقف « بابياس » - المتوفى سنة 130 م – أي المعاصر لمرحلة كتابة الأناجيل – عن وجود أكثر من يوحنا – يوحنا بن زبدى ، الحواري .. ويوحنا آخر هو الكاهن في « أقسس » (29) .. وفي داخل الإِنجيل – إِنجيل يوحنا – يفهم أنه كتب بواسطة حواري مجهول الاسم .
وبما أن الشواهد الداخلية والخارجية مشكوك فيها ، فإِن الفرضية المطروحة لهذا العمل هي :
« أن إِنجيل يوحنا ورسائله حررت في مكان ما في الشرق ، ربما في أقسس ، كإِنتاج لمدرسة أو دائرة متأثرة بيوحنا في نهاية القرن الأول الميلادي » (30) .
* * *
تلك هي الحقائق حول إِنجيل يوحنا .. الحقائق التي تطرح السؤال المنطقي :
هل هناك منطق يبرر أخذ العقيدة الأم – عند الكنائس النصرانية – عقيدة ألوهية المسيح – عن مثل هذا الإِنجيل ، الذي لا علاقة له ولا لكاتبه بعصر المسيح .. ولا اتساق بينه وبين غيره من الأناجيل – المعتمدة منها .. فضلا عن غير المعتمدة – التي ترفض وتنقض تأليه المسيح – عليه السلام ؟ ! .
إِن في أناجيل أخرى – غير إِنجيل يوحنا – نصوصا تشهد على التوحيد .. وتعلن أن المسيح – عليه السلام – سيتبرأ – يوم الحساب – من الذين ألهوه وعبدوه واستعانوا به ، بدلا من عبادة الله الذي في السموات .
ففي متى 7 : 21 – 23 « ليس كل من يقول يارب يدخل ملكوت السموات ، بل الذي يفعل إِرادة أبي الذي في السموات ، كثيرون سيقولون لي في ذلك اليوم : يارب يارب ، أليس باسمك تنبأنا وباسمك أخرجنا شياطين وباسمك صنعنا قوات كثيرة ، فحينئذ أصرح لهم : إِني لم أعرفكم قط ، اذهبوا عني يا فاعلي الإِثم » .
ففي هذا النص يعلن المسيح براءته من الذين توسلوا باسمه بدلا من اسم الله الواحد الذي في السماء ..
ونحن عندما نتأمل هذا النص نتذكر على الفور ما جاء في القرآن الكريم :
{ وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ * مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ * إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ } [ المائدة : 116 - 118 ] .
* * *
تلك هي قصة السقوط المسيحي في تأليه المسيح ، والكفر بالوحدانية والأحدية .. واستبدالهم التثليث بالتوحيد .. وهذا هو المصدر الوحيد – إِنجيل يوحنا – الذي انفرد – صراحة – بتأليه المسيح .. وهذا هو حال هذا الإِنجيل ومكانه من المصداقية في هذا الأمر الخطير .
الأمر الذي يطرح هذا السؤال ، الذي ندعو عقلاء المسيحيين إِلى التفكير الجدي في الإِجابة عليه .. لأن القضية قضية دين .. وليست عصبية للباطل .. وقضية آخرة وحساب وجزاء .. وجنة ونار .. وليست مغالبة على حطام الدنيا الفانية – التي لا خير فيها ولا قيمة لها إِذا لم تكن وعاء لطاعة الإِله الواحد الحق .. والسبيل إِلى السعادة الأبدية في يوم الدين .. يوم لا ينفع الناس ولا يغني عنهم شيئا أحد من الأحبار الذين ضلوا وأضلوا .
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيراً مِنَ الْأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ } [ التوبة : 34 ] ، { وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ * اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهاً وَاحِداً لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ * يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ * هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيراً مِنَ الْأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ } [ التوبة : 30 – 34 ] .
هوامش:
28 جعفر حسن عتريس « التوراة والإنجيل والقرآن بين الشهادات التاريخية والمعطيات العملية » ص 163 – 180 طبعة دار الهادي – بيروت سنة 1424 ه 2003 م .
29 مدينة قديمة في آسيا الصغرى ، على بحر إيجة .. من عواصم المسيحية في القرون الأولى .
30 « الموسوعة البريطانية » المجلد الثاني ص 955 .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.