وزير التعليم يبحث مع مدير مكتب التربية العربي لدول الخليج تعزيز التعاون التربوي    جامعة حلوان تستقبل وفد «مستقبل الأرض بأفريقيا» و«البحوث الوطنية» (تفاصيل)    محافظ قنا يبحث مع نواب مجلسي الشيوخ والنواب ملفات التنمية وتعزيز التعاون المشترك    التعليم العالي:مصر والجزائر تتعاونان في الأبحاث البترولية والتنمية المستدامة    وزير الاتصالات: إتاحة 180 خدمة حكومية عبر منصة مصر الرقمية    اختتام فعاليات مؤتمر تنظيم الاتصالات لمنطقة الشرق الأوسط وأفريقيا بالقاهرة    أخبار الكويت اليوم.. وزير الدفاع: تدشين الاستراتيجية الدفاعية 2025 - 2030    لدخول السوق الرئيسي.. بدء اكتتاب زيادة رأسمال بريمير هيلثكير في البورصة    أوكرانيا تتهم موسكو بانتهاك الهدنة الروسية أكثر من 700 مرة    تقرير: ضغوط أمريكية على المنظمات الإنسانية لدعم خطة المساعدات الإسرائيلية بشأن غزة    قائد نيوكاسل يطالب بالدعم الجماهيري أمام تشيلسي    بيسيرو يخرج عن صمته: "الزمالك رقم 6 في مصر"    رغم اهتمام الهلال السعودي.. ماركو سيلفا سعيد في فولهام    نيوم يدخل على خط المنافسة لضم سعود عبد الحميد.. والاتحاد يتصدر السباق    السجن 13 عاما لمتهم بترويع شاب بكلاب شرسة والتعدي عليه في الإسكندرية    إقبال متوسط على شواطئ الإسكندرية للهروب من ارتفاع درجات الحرارة الشديدة    موعد بداية ذي الحجة 1446.. متى تحل وقفة عرفات وعيد الأضحى 2025 في مصر؟    سهير رمزي تتصدر "التريند".. ما علاقة ياسمين صبري؟    لكل عريس وعروسة.. 10 نصائح من سماح عبد الفتاح تجعل حياتكم الزوجية سعيدة    «لو صاحبك من الأبراج دي أوعى تحكيله سرك».. أبراج لا تعرف كتم الاسرار    "محمد الفاتح".. دراما تاريخية تُعيد أمجاد الفتوحات على الشاشة التركية    جامعة كفر الشيخ تطلق قافلة طبية توعوية شاملة لقرية الرصيف    وزارة الصحة تنظم مؤتمرا عالميا لتشخيص وعلاج الربو الشعبى ومكافحة التدخين    مصر أكتوبر: نثمن تحرك الحكومة لمعالجة الإيجار القديم    16 أستاذ جامعيا يتقدمون لرئاسة جامعة بني سويف    غموض حول اختفاء فتاة ببنها.. والأسرة تناشد الأمن مساعدتها في العودة    الفنان محمد عبد السيد يعلن وفاة والده    بيتر ميمي يروج ل"المشروع X" ويعلق: "مختلف جدًا"    في 11 ثانية.. فقط من يتمتع برؤية حادة يعثر على القلم المخفي    "10 دقائق من الصمت الواعي".. نصائح عمرو الورداني لاستعادة الاتزان الروحي والتخلص من العصبية    أزعجتهم خلال علاقة محرمة.. سيدة وعشيقها يقتلان رضيعة في الهرم    رفع درجة الاستعداد بمدارس البحيرة استعدادا لاستقبال امتحانات الفصل الدراسي الثاني    مطار مرسى مطروح الدولي يستقبل أولى رحلات الشارتر من التشيك    تصاعد دخان أسود من الفاتيكان في اليوم الثاني لمجمع الكرادلة المغلق |فيديو    كرة يد - الاتحاد يكرم باستور علي هامش مواجهة مصر الودية ضد البرازيل    الهلال السعودي يرصد 160 مليون يورو لضم ثنائي ليفربول    الكرملين: الحوار بين روسيا والولايات المتحدة مستمر    عضو بالنواب: مصر تتحرك بثبات ومسؤولية لرفع المعاناة عن الفلسطينيين    وزير قطاع الأعمال يبحث مع سفير إندونيسيا فرص التعاون الاقتصادي والاستثماري    محافظ الفيوم يتابع أنشطة فرع الثقافة في أبريل    محافظ مطروح يتفقد تصميمات الرامبات لتيسير التعامل مع طلبات ذوي الهمم    بغرض السرقة.. الإعدام شنقًا للمتهمين بقتل شاب في قنا    انخفاض عمليات البحث على "جوجل" عبر متصفح سفارى لأول مرة لهذا السبب    نائب وزير الصحة يتفقد وحدتي الأعقاب الديسة ومنشأة الخزان الصحية بأسوان    أطعمة فائقة التصنيع مرتبطة بزيادة الإصابة بباركنسون    مراكب وورد ومسيرات طلابية في احتفالات العيد القومي لمحافظة دمياط    خالد بيبو: كولر ظلم لاعبين في الأهلي وكان يحلم بالمونديال    اختناق 4 أشخاص في حريق بمكبس كراتين خردة بسوهاج    وزير الصحة يستقبل نقيب التمريض لبحث تطوير التدريب المهني وتعميم الأدلة الاسترشادية    أمين الفتوى يكشف عن 3 حالات لا يجوز فيها الزواج: ظلم وحرام شرعًا    ميدو يفجّرها: شخص داخل الزمالك يحارب لجنة الخطيط.. وإمام عاشور الأهم وصفقة زيزو للأهلي لم تكن مفاجأة    الإسماعيلي ضد إنبي.. الدراويش على حافة الهاوية بعد السقوط في مراكز الهبوط    موعد إجازة المولد النبوي الشريف لعام 2025 في مصر    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 8-5-2025 في محافظة قنا    الكرملين: محادثات بوتين وشي جين بينج في موسكو ستكون مطولة ومتعددة الصيغ    الجيش الباكستاني يعلن إسقاط 12 طائرة تجسس هندية    سبب إلزام النساء بارتداء الحجاب دون الرجال.. أمين الفتوى يوضح    اليوم.. «محامين المنيا» تعلن الإضراب عن محاكم الاستئناف رفضًا لرسوم التقاضي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تقرير علمي (7) كيف دخلت عقيدة "ألوهية المسيح"
نشر في المصريون يوم 28 - 12 - 2009

أما تعلق القائلين بألوهية المسيح – عليه السلام – بما جاء في بعض الأناجيل من وصفه بأنه « الابن » أو ابن الله .. « يدعى ابن الله » لوقا 1 : 35 .. فإِن البنوة هنا مجازية .. لاتعنى الألوهية .
لقد زعمت اليهود والنصارى أنهم أبناء الله :
{ وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ } [ المائدة : 18 ] .
ولم يزعم واحد منهم أن هذه النبوة تعني ألوهيتهم مع الله ، أو من دون الله .. وفي المأثور الإِسلامي : الخلق عيال الله ، وأحب الخلق إِلى الله من أحسن إِلى عياله .
ومثل ذلك مصطلح « الرب » الذي يطلق « حقيقة » على الله الواحد الأحد .. بينما يطلق « مجاز » على رب البيت وسيده .. ولقد قال يوسف – عليه السلام – عن سيده ورب البيت الذي يعيش فيه :
{ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ } [ يوسف : 23 ] .
فاستخدم مصطلح « الرب » بمعناه المجازي .. لكنه استخدمه بمعناه الحقيقي عندما قال :
{ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ } [ يوسف : 98 ] .
وغريب – وعجيب – أن يقود الخلط بين الحقيقة والمجاز إِلى الشرك بالله العلي العظيم .
* * *
ولن يغني هؤلاء نفعا محاولات التلفيق بين « التعدد » وبين « التوحيد » ، عن طريق المثل الذي يكررونه ، فيقولون : إِن الثلاثة : الآب .. والابن .. والروح القدس ، إِله واحد ، مثلما أن ضوء الشمس ، وحرارتها هما – مع الشمس – واحد .
ذلك أننا نسألهم :
- ولماذا الوقوف عند الثلاثة أقانيم ؟
إِن الشمس – مع الحرارة .. والضوء – لها – أيضا – استدارة .. ولمعانا .. وخصائص كثيرة أخرى .. فلم لا نفتح الباب للمزيد من العدد في الأقانيم ؟ ! .
ثم .. إِن الأقنوم إِذا كان صفة استحال انتقاله من الذات إِلى الآخر .. وإِن كان ذاتا لزم التعدد ، وانتفى التوحيد ، كما سبق وأوردنا كلام الإِمام الفخر الرازي .
.. والحل إِنما يكمن في نقاء التوحيد .. والتنزيه للذات الإِلهية ، عن مشابهة المحدثات .. فالله – سبحانه وتعالى – ليس كمثله شيء .. وكل ما خطر على بالك فالله ليس كذلك – كما هو الحال في عقيدة الوحدانية والأحدية والتنزيه في عقائد الإِسلام .. التي هي العقيدة في دين الله الواحد ، من آدم إِلى محمد ، عليهم الصلاة والسلام .
وإِذا كانت عقيدة المسيحيين في الخطيئة – أي خطيئة آدم ، عليه السلام – بأكله من الشجرة ، تقول إِن البشرية كلها قد حملت لعنة هذه الخطيئة – بأجيالها المتعاقبة من آدم إِلى المسيح – وأن فداء البشرية وخلاصها من هذه اللعنة قد اقتضى أن يقدم الآب ابنه – المسيح – ليموت على الصليب فداء وخلاصا للبشرية من هذه اللعنة وهذه الخطيئة .
فإِن هذه العقيدة المسيحية – في الخطيئة .. ولعنتها – إِنما تصل القمة في الظلم ، والذروة في اللاأخلاق ! .. بينما لا يتصور عاقل أن يقوم دين على أنقاض العدل والأخلاق .
فحتى لو افترضنا جدلا أن خطيئة آدم لم تتم توبته منها ، وغفران الله له ذنبه ، فإِن العدل الإِلهي يقتضي أن يكون الوزر – ومن ثم العقاب – على آدم ، الذي اقترف الوزر ، وارتكب الخطيئة .. وليس من العدل – حتى الإِنساني .. فضلا عن الإِلهي – أن تتحمل البشرية – بأجيالها المتعاقبة – اللعنة لوزر لم ترتكبه وخطيئة لم تكتسبها .
ثم .. أليس الله – سبحانه وتعالى – وهو التواب الرحيم – بقادر على أن يغفر الذنوب ويتجاوز عن الخطايا ، دون أن يضحى بابنه الوحيد ؟ ! .
إِن القرآن الكريم يضع موازين العدل الإِلهي عندما يقول : { مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى } [ الاسراء : 15 ] .
وعندما يقول : { ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ } [ الأنعام : 164 ] ، { لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ } [ البقرة : 286 ] ، { الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لا ظُلْمَ الْيَوْمَ } [ غافر : 17 ] .
ثم .. ألم يهلك الله – في طوفان نوح ، عليه السلام – كل العصاة .. وكتب النجاة للأبرار .. فما المبرر لبقاء لعنة الخطيئة عالقة بالبشرية – البريئة – حتى تحتاج إِلى صلب وقتل وفداء ؟! .
بل إِن في بعض نصوص الكتاب المقدس – بعهديه القديم والجديد – ما يشهد للعدل الإِلهي ، الذي لا يحمّل أي نفس إِلا ما كسبت – ومن ثم تنفى هذه النصوص الأسس اللاأخلاقية التي قامت عليها عقيدة الخطيئة والصلب والفداء وتأليه المسيح وبنوته لله .
ففي سفر التثنية 24 : 16 « كل إِنسان بخطيئته يُقتل » ..
وفي حزقيال 18 : 20 « النفس التي تخطئ هي تموت » ..
وفي إِنجيل متى 12 : 36 ، 37 « لا لأنك بكلامك تتبرر وبكلامك تدان » .
فهذه النصوص – مع القرآن الكريم – مع العدل والمنطق – تنسف الأسس اللاأخلاقية التي أقام عليها المسيحيون عقيدة الخطيئة .. والتي رتبوا عليها عقائدهم في ألوهية المسيح وبنوته لله .. والصلب والفداء والخلاص .
ثم .. أليس غريبا وعجيبا – بل ومريبا – أن يُعتمد في العقيدة الأم – الألوهية – على إِنجيل تحف به الكثير من الشبهات ؟ .. فضلا عن شذوذه ، في تأليه المسيح ، عن غيره من الأناجيل ؟ ! .
لقد قال الأب روجى – في كتابه « مقدمة إِلى الإِنجيل » - عن هذا الإِنجيل – إِنجيل يوحنا :
« إِنه عالم آخر !! .. فهو يختلف عن الأناجيل الأخرى في ترتيب واختيار المواضيع والروايات والخطب ، كما فيه اختلافات في الأسلوب والجغرافيا والتعاقب الزمني للأحداث ، وفي متنه أكثر من عنوان معارض ، وزيادة على ذلك فإِن فيه اختلافا في الآفاق اللاهوتية – كما يقول « أ . كولمان » : « إِلى درجة أن أقوال المسيح تساق بشكل مختلف لدى كل من يوحنا والمبشرين الآخرين .. » ..
فهو الوحيد الذي يذكر حضور أم يسوع لصلبه .
وهو ينكر أن تكون أم المسيح اسمها مريم !! .. ويقول إِن مريم هي أخت أمه وزوجة كلوبا ! .
وهو وحده الذي يذكر وجود يوحنا – الحواري – واقفا عند يسوع وقت صلبه .. ثم يعود فيقول إِنه كان مختبئا مع سائر تلاميذ المسيح ! .
كما ينفرد بجعل مريم المجدلية تقف مع أم يسوع وخالته – مريم – وتلميذه يوحنا عند الصلب .
وينفرد بأن مريم المجدلية هي الوحيدة التي شهدت بأنها رأت يسوع بعينيها وتكلمت معه بعد قيامته من الموت ، وهو بعد عند قبره لم يصعد إِلى السماء .
ويعتقد « أ . كولمان » أن الإِصحاح 21 من هذا الإِنجيل هو من عمل أحد التلاميذ ، الذي أضاف – أيضا – بعض اللمسات إِلى متن الإِنجيل .
وهناك اتفاق على أن الفقرات من الإِصحاح 7 : 53 إِلى الإِصحاح 8 : 11 « هي نص مجهول الأصل » ، ألحق فيما بعد بهذا الإِنجيل .
كما أن هذا الإِنجيل – وياللدهشة – لم يذكر شيئا عند رواية تأسيس القربان – والذي أصبح ركنا من أركان الطقوس الكنسية « القداس » .. (28) .
كما امتلأ هذا الإِنجيل – إِنجيل يوحنا – بالتناقضات ..
ففي 7 : 6 تعليم المسيح ليس من عنده .
وفي 10 : 30 التعليم من عنده .
وفي 3 : 22 ، 26 أن المسيح تُعَمَّد .
وفي 4 : 1 – 3 المسيح لا يُعَمَّد .
ولأن هذا هو حال الإِنجيل .. فلقد قالت عنه « دائرة المعارف البريطانية » - وهي أكثر موسوعات الغرب المسيحي موضوعية ومصداقية .. والتي تصدرها دولة ملكتها هي ريئسة الكنيسة فيها .. قالت : « إِن إِنجيل يوحنا هو الإِنجيل الوحيد الذي نص بكل صراحة على ألوهية المسيح ، حيث نقل عنه أنه قال : « أنا والأب واحد » 10 : 30 و « الذي رآني فقد رأى الآب » 14 : 9 و « أنا في الآب والآب فيّ » 14 : 10 .
ويتعارض هذا الإِنجيل مع الأناجيل الأخرى في أمور مهمة جدا وحاسمة :
فهو يذكر أن المسيح صلب يوم 14 نيسان « أبريل » بينما يفهم من بقية الأناجيل أن الصلب كان يوم 15 نيسان .
ولا يذكر يوحنا في إِنجيله تفاصيل رواية القربان المقدس ، أو العشاء الأخير ، التي أصبحت فيما بعد شعيرة من شعائر المسيحية .
ولا يذكر أن المسيح تعمّد بواسطة يوحنا المعمدان .
وفي حين يفهم من إِنجيل يوحنا أن رسالة المسيح استغرقت ثلاثة أعوام ، فإِنه يفهم من الأناجيل الأخرى أنها استغرقت عاما واحدا .
ويوحنا هو الوحيد الذي ذكر أن المسيح أخبر تلاميذه قبل صلبه أنه سيرسل « الفارقليط » .
ولقد أوردت الموسوعة البريطانية قول الأسقف « بابياس » - المتوفى سنة 130 م – أي المعاصر لمرحلة كتابة الأناجيل – عن وجود أكثر من يوحنا – يوحنا بن زبدى ، الحواري .. ويوحنا آخر هو الكاهن في « أقسس » (29) .. وفي داخل الإِنجيل – إِنجيل يوحنا – يفهم أنه كتب بواسطة حواري مجهول الاسم .
وبما أن الشواهد الداخلية والخارجية مشكوك فيها ، فإِن الفرضية المطروحة لهذا العمل هي :
« أن إِنجيل يوحنا ورسائله حررت في مكان ما في الشرق ، ربما في أقسس ، كإِنتاج لمدرسة أو دائرة متأثرة بيوحنا في نهاية القرن الأول الميلادي » (30) .
* * *
تلك هي الحقائق حول إِنجيل يوحنا .. الحقائق التي تطرح السؤال المنطقي :
هل هناك منطق يبرر أخذ العقيدة الأم – عند الكنائس النصرانية – عقيدة ألوهية المسيح – عن مثل هذا الإِنجيل ، الذي لا علاقة له ولا لكاتبه بعصر المسيح .. ولا اتساق بينه وبين غيره من الأناجيل – المعتمدة منها .. فضلا عن غير المعتمدة – التي ترفض وتنقض تأليه المسيح – عليه السلام ؟ ! .
إِن في أناجيل أخرى – غير إِنجيل يوحنا – نصوصا تشهد على التوحيد .. وتعلن أن المسيح – عليه السلام – سيتبرأ – يوم الحساب – من الذين ألهوه وعبدوه واستعانوا به ، بدلا من عبادة الله الذي في السموات .
ففي متى 7 : 21 – 23 « ليس كل من يقول يارب يدخل ملكوت السموات ، بل الذي يفعل إِرادة أبي الذي في السموات ، كثيرون سيقولون لي في ذلك اليوم : يارب يارب ، أليس باسمك تنبأنا وباسمك أخرجنا شياطين وباسمك صنعنا قوات كثيرة ، فحينئذ أصرح لهم : إِني لم أعرفكم قط ، اذهبوا عني يا فاعلي الإِثم » .
ففي هذا النص يعلن المسيح براءته من الذين توسلوا باسمه بدلا من اسم الله الواحد الذي في السماء ..
ونحن عندما نتأمل هذا النص نتذكر على الفور ما جاء في القرآن الكريم :
{ وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ * مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ * إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ } [ المائدة : 116 - 118 ] .
* * *
تلك هي قصة السقوط المسيحي في تأليه المسيح ، والكفر بالوحدانية والأحدية .. واستبدالهم التثليث بالتوحيد .. وهذا هو المصدر الوحيد – إِنجيل يوحنا – الذي انفرد – صراحة – بتأليه المسيح .. وهذا هو حال هذا الإِنجيل ومكانه من المصداقية في هذا الأمر الخطير .
الأمر الذي يطرح هذا السؤال ، الذي ندعو عقلاء المسيحيين إِلى التفكير الجدي في الإِجابة عليه .. لأن القضية قضية دين .. وليست عصبية للباطل .. وقضية آخرة وحساب وجزاء .. وجنة ونار .. وليست مغالبة على حطام الدنيا الفانية – التي لا خير فيها ولا قيمة لها إِذا لم تكن وعاء لطاعة الإِله الواحد الحق .. والسبيل إِلى السعادة الأبدية في يوم الدين .. يوم لا ينفع الناس ولا يغني عنهم شيئا أحد من الأحبار الذين ضلوا وأضلوا .
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيراً مِنَ الْأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ } [ التوبة : 34 ] ، { وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ * اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهاً وَاحِداً لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ * يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ * هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيراً مِنَ الْأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ } [ التوبة : 30 – 34 ] .
هوامش:
28 جعفر حسن عتريس « التوراة والإنجيل والقرآن بين الشهادات التاريخية والمعطيات العملية » ص 163 – 180 طبعة دار الهادي – بيروت سنة 1424 ه 2003 م .
29 مدينة قديمة في آسيا الصغرى ، على بحر إيجة .. من عواصم المسيحية في القرون الأولى .
30 « الموسوعة البريطانية » المجلد الثاني ص 955 .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.