أطرح عليك سؤالاً عجيباً من نوعه.. في رأي حضرتك ما هي القوي السياسية الأقرب إلي مزاج الشعب المصري؟ أراهن أن مثل هذا التساؤل لم يطرح عليك من قبل، لكنه ضروري في هذه الأيام بعدما دارت عجلة الانتخابات حيث تسعي مختلف التيارات السياسية إلي نيل رضاء الناس عنها حتي تدخل الجنة الموعودة علي الأرض!! أو البرلمان الجديد الأول من نوعه بعد الثورة، وهو بلا شك سيكون مختلفاً في كل المجالس النيابية التي شهدتها مصر منذ استيلاء الجيش علي السلطة سنة 1952 وهي الثورة التي أطاحت بالنظام الملكي. وفي رأيى المتواضع أن المزاج العام لأولاد البلد في بلدنا تجتمع فيه صفات قد تبدو لأول وهلة متناقضة، لكنها في النهاية تشكل مزيجاً عجيباً تجعله فريداً من نوعه! فهو متدين ومحافظ، وفي ذات الوقت يحب الحياة والمرح والحرية، ويكره التشدد والتجهم والتفسير الحرفي للدين! ومن هذا المنطلق أري - والله أعلم - أن التيار الإسلامي المعتدل قد يكون الأقرب إلي قلبه! وقبل شرح ما أعنيه فمن حقك أن تعترض قائلاً: يا عمنا أنت فسرت مزاج شعبنا بمزاجك!! لتصل إلي النتيجة سالفة الذكر!! أقول لك: لقد حاولت واجتهدت فإن كنت قد أصبت فخير وبركة وهذا توفيق ربى، وأما لو كنت مخطئاً فهذا تقصير مني، لكن من فضلك لا تظن بي الظنون، وتقول إن خطئي مقصود!! فذلك خطأ منك أرجو أن تتراجع عنه!! وأدخل إلي صميم موضوعي بناء علي كلامي سالف الذكر، قائلاً إنني علي يقين من أن هناك قوتين في بلادي لا مستقبل لهما برغم الاختلاف الواضح بينهما لأنهما يتعارضان مع الشعب المصري الذي يحب الدنيا ويعبد ربنا في ذات الوقت، وتعظيم سلام إلي إمام عصره الشيخ محمد الغزالي - رحمه الله - الذي وصفها قائلاً: «التقاليد الراكدة والوافدة»! يعني إسلامنا الجميل يرفض الرجل الشرقي وقوامه تفكير سي السيد! وفي ذات الوقت لا يقبل بعقلية الخواجة! بل يحب الوسطية والاعتدال، ولذلك أقول مطمئناً نيابة عن ملايين المصريين إن أولاد البلد يرفضون الحكم الديني ولا يرضون بالنظام العلماني الذي يقوم علي فصل الدين عن الدولة، بل مصر تريد دولة مدنية بهوية إسلامية بعيداً عن التطرف العربي الذي لا يعرفه سكان أرض الكنانة والتي نشأت بسببه عقلية الرجل الشرقي بعيداً عن الإسلام الصحيح. واستوطنت بلادنا!! ولذلك أسماها شيخنا الجليل التقاليد الراكدة! وفي ذات الوقت لا نقبل عقلية الرجل الغربي أو التقاليد الوافدة!! ويا سلام علي لغة القرآن الجميلة التي لا يوجد لها مثيل، بدليل أن الفارق هنا ضئيل جداً بين «العربي والغربي» يتمثل في نقطة واحدة فقط توضع فوق العين! لكن كل منهما يحمل مصيبة إذا ضل طريقه!! سيكون محل احترام إذا قدم الوجه المشرق للحضارة التي يحملها! إسلامنا الجميل من ناحية، والديمقراطية التي تقوم علي تداول السلطة. ولاحظت أن نفرا من المثقفين عندنا قاموا بالواجب وزيادة كمان في التحذير من خطر الدولة الدينية، لكنهم سكتوا عن عمد من شرح خطورة البلوي الأخرى المتمثلة في العلمانية، ومن فضلك انتظرني بعد أسبوعين إن شاء الله لأكمل معك الحديث في هذا الموضوع، أما الأسبوع القادم إن كان لنا عمر فسأتحدث مع حضرتك في شأن آخر يتعلق بالصحافة، فلا تنس أنني مرشح في انتخابات نقابة الصحفيين! نقلا عن جريدة الوفد