يعرض مهرجان فينسيا هذا العام 5 أفلام، منها فيلم روائى طويل واحد فى برنامج المخرجين «أيام فينسيا»، وهو الفيلم الفلسطينى «حبيبى راسك خربان»، إخراج سوزان يوسف، وإنتاج فلسطينى هولندى إماراتى أمريكى مشترك فى 78 دقيقة «ديجيتال». سوزان يوسف فلسطينية أمريكية، درست الفنون فى جامعتى فيرجينيا وتكساس، وأخرجت من قبل الفيلم التسجيلى «ممنوع السؤال» عام 2002، وقد كتبت السيناريو واشتركت فى المونتاج مع مان كيت لام، وكل الفريق الفنى وراء الكاميرا من الأجانب ما عدا تصميم الأزياء «حمادة عطاالله»، ولكن كل الممثلين والممثلات من فلسطين. ■ مجنون ليلى فكرة الفيلم جيدة وهى معالجة عصرية لقصة الحب بين الشاعر قيس بن الملوح وحبيبته ليلى التى لم يتمكن من الزواج بها لرفض والدها، ولكنه خلدها فى أشعاره التى عاشت فى شبه الجزيرة العربية منذ مرحلة ما قبل الإسلام وحتى الآن. وهى القصة التى عبر عنها شوقى فى مسرحيته «مجنون ليلى»، وسبق أن قدمت فى الفيلم المصرى «قيس وليلى»، إخراج أحمد ضياء الدين، وتمثيل ماجدة وشكرى سرحان، وفى الفيلم التونسى «ليلى والمجنون»، إخراج الطيب الوحيشى، ولايزال من الممكن تقديم العديد من الأفلام عنها. تدور أحداث الفيلم فى فلسطينالمحتلة اليوم، حيث يلتقى قيس «قيس الناشف» مع ليلى «مايسة عبدالهادى»، وهما يدرسان فى جامعة بير زيت، ويتبادلان الحب، بل ويمارسان الجنس، حيث نراها فى أحد المشاهد تستحم فى «بانيو» وهو يصب لها الماء، ولكن والد ليلى «يوسف أبووردة» يطلب منها عدم استكمال دراستها والعودة للزواج من ورد «رجائى الخطيب»، وهو اسم من تزوج ليلى فى القصة الحقيقية أيضاً.. ولكنه هنا طبيب من أسرة ثرية، درس الطب فى أمريكا، وقرر أن يعود ويمارس الطب من أجل الفلسطينيين الفقراء، كما يقول بكثير من العجرفة. وكما كان السبب فى رفض والد ليلى زواجها من «قيس» فى القصة الحقيقية أنه أساء إلى القبيلة بقصائده فى مدح جمالها، نجد فى المعالجة الفلسطينية نفس السبب بكتابة الأشعار على الجدران فى الشوارع، وكما تبدأ القصائد العربية بالبكاء على الأطلال نجد «قيس» الفسطينى يبكى بدوره على أطلال حقيقية هى ما تبقى من البيوت الفلسطينية بعد القصف الإسرائيلى، ولكن فقر «قيس» له دور فى عدم إتمام الزواج، وليس فقط الشعر. ويتخذ الفيلم موقفاً «حاسماً» ضد التطرف الدينى الإسلامى، والإسلام السياسى، ممثلاً فى «حماس» التى ينتمى إليها «ورد»، بينما تقول له ليلى إنها تنتمى إلى الجبهة الشعبية، ويقترب موقف والد ليلى من حماس أيضاً، ولكن من دون وضوح، وأكثر ما يعبر عن موقف المخرجة كاتبة السيناريو السياسى تحول وليد «جهاد الخطيب» شقيق ليلى من شاب عادى إلى متطرف بعد أن يغسل رجال حماس عقله إثر صدمته فى مقتل صديقه ربيع على يد قوات الاحتلال، ويقولون له ربيع فى الجنة مع الشهداء، وإنه من المهم أن تكون فلسطينياً، ولكن الأهم أن تكون مسلماً حقيقياً من وجهة نظرهم، وينتهى الفيلم بانتحار قيس وليلى معاً غرقاً فى البحر. ■ فشل فى التعبير وبقدر ما تعتبر فكرة الفيلم جيدة، وكذلك موقف صانعته السياسى، تأتى رداءة المعالجة الدرامية، والهزال الشديد فى السيناريو والإخراج والمونتاج والتمثيل وجميع العناصر السينمائية الأخرى، حتى جاء الفيلم تليفزيونياً صغيراً فى كل شىء، وغير مقنع وغير مؤثر. قيس وليلى قصة حب عذرى، ولذلك فالعلاقة الجنسية بينهما فى الفيلم الفلسطينى، والتى نراها بعد دقائق قليلة من بداية الفيلم تجعلنا أمام موضوع آخر، وتجعل كل القصائد التى تكتب على الجدران فى غير محلها، وأداء الممثلة لدور ليلى بالغ البرود وليس فيه وله الحب وجنونه، ولكنه على أى حال أفضل من أداء قيس الناشف لدور قيس، فقد جاء ناشفاً واسماً على مسمى ويستحيل أن تتعاطف معه أو تشعر أن بداخله قلباً يدق، ولا يكفى أن يكون أشعث الشعر لنتعاطف معه، إنها قصة حب لا تصل إلى المتفرج سواء كان يعرف أصلها أو لا يعرف. وليس هناك أى سبب درامى يجعل الفيلم يبدأ بعودة قيس وليلى إلى البلدة، ثم نرى العلاقة بينهما فى عودة إلى الماضى، وألف باء السيناريو والإخراج أن نعرف أين تدور الأحداث، والعلاقات بين الأماكن ولكننا فى هذا الفيلم نسمع عن خان يونس، والتطلع للذهاب إلى الضفة، ثم الذهاب إلى غزة، من دون أن نعرف بالضبط أين نحن، وماذا تمثل هذه الأماكن بالنسبة إلى الشخصيات ولا توجد فى الفيلم لقطة واحدة عامة للطبيعة، وإنما أماكن غامضة، فلا المخيم مخيم، ولا المنازل ولا الشوارع، بل إن هناك مشهداً تذهب فيه ليلى إلى منزل ورد، فلا نعرف هل وافقت على الزواج منه أم لم توافق، وهما يهربان ويرفضان الهرب فى نفس الوقت، فلا تعرف ماذا يريدان من الحياة، والموقف السياسى ضد حماس واضح وصحيح من وجهة نظرى، ولكن رفض حماس ليس موقفاً سياسياً إلا إذا كان هناك موقف آخر، وقول ليلى إنها مع الجبهة الشعبية لا يكفى من دون توضيح ما هو موقف هذه الجبهة الشعبية. ويفترض الفيلم أننا نعرف الصراع الفلسطينى الإسرائيلى، ولكن المتفرج لا يعرف شيئاً إلا إذا قيل له على نحو درامى أو حتى غير درامى. هناك قصف إسرائيلى نسمعه على شريط الصوت، وليس من الضرورى أن نرى مشاهد «حربية»، ولكن من الضرورى أن نعرف لماذا القصف، وضد من، ومن أجل أى غرض، ولا أدرى كيف تمت الموافقة على سيناريو هذا الفيلم من الجهات الداعمة فى أربع دول، وعلام يتم توجيه الشكر إلى شخصيات لها ثقلها مثل هانى أبوأسعد مثلاً، فماذا قدمت للفيلم من مساعدات فنية إلى جانب المساعدات المالية. هذا فيلم مجموعة من «المستشرقين» بالمعنى السيئ الشائع لهذه الكلمة، وليس بمعناها الأصلى الإنسانى العظيم، إنهم يصنعون فيلماً عن ثقافة لا يعرفون عنها إلا القشور السطحية، كما أنهم أقرب إلى الهواة، وذلك بالمعنى السيئ إيضاً، وليس بمعنى حب الفن، أى بمعنى الجرأة على الفن، وعنوان الفيلم «حبيبى راسك خربان» مجرد عنوان مثير من دون دلالة، فلا تقوله ليلى لمن جُنَّ بها طبعاً، ولكن هناك أكثر من رأس خربان فى هذا الفيلم. ■ ملف المهرجانات العربية خصصت «فارايتى» فى نشرتها اليومية ملف عدد الأحد عن مهرجانات السينما العربية التى تعقد كلها فى الخريف، ونشرت أن أحداً لا يستطيع الآن أن يتجاهل هذه المهرجانات، كما كان يحدث فى الماضى، خاصة مهرجانات الخليج (دبى وأبوظبى فى الإماراتوالدوحة - ترايبكا فى قطر). المهرجانات التى عرفت بها الجريدة هى قرطاج فى تونس، الذى يعقد كل عامين، ويعقد دورته الجديدة العام القادم، والقاهرة، الذى لن ينعقد هذا العام بسبب الظروف السياسية فى مصر، وبيروت من 5 إلى 13 أكتوبر، وأبوظبى من 13 إلى 22 أكتوبر، والدوحة - ترايبكا من 25 إلى 29 أكتوبر، ثم مراكش من 2 إلى 10 ديسمبر، ودبى من 7 إلى 14 ديسمبر. وأشارت الجريدة إلى أن أبوظبى يدعم مشروعات الأفلام بنصف مليون دولار أمريكى إلى جانب مليون دولار جوائز، وكذلك يدعم دبى المشروعات، ويقدم جوائز بأكثر من نصف مليون دولار، وأن الدوحة - ترايبكا هذا العام سوف يشهد العرض العالمى الأول لفيلم «الذهب الأسود»، إخراج فنان السينما الفرنسية العالمى جان جاك آنو، الذى اشتركت فى إنتاجه مؤسسة الدوحة للسينما مع المنتج التونسى العالمى طارق بن عمار، ويقوم بالأدوار الرئيسية فيه أنتونيو بانداريس وفريدا بينتو وطاهر رحيم.