سمعنا بعض الأصوات مؤخرا من بين الفلسطينيين و بالذات من بين الفتحاويين تدعوا لوقف مسيرة التوجه للأمم المتحدة بغرض انتزاع اعتراف أممي بالدولة الفلسطينية أو حتى التريث و التفكير بعمق دون إبداء أي سبب لذالك سوى أن الوقت غير مناسب لهذا التحرك , و كلما اقتربنا من أيلول تتضح سلامة النية الفلسطينية و قانونيتها , فلا اعتقد أن ستون عاما أو أكثر عاشها الشعب الفلسطيني تحت الاحتلال لم تعد كافية, فيبدوا أن هناك البعض يرغب بالمزيد أو انه لا يفكر في مخاطر الانسحاب من أيلول و ترك التوجه للشرعية الدولية للحكم على الاحتلال ,و قد لا يعرف البعض أن أيلول معركة حالها كحال أي نضال يخوضه الشعب الفلسطيني وهي معركة كل الشعب الفلسطيني بكل مكوناته السياسية, لكن لكون أيلول معركة سياسية ضارية تخوضها القيادة الفلسطينية الحالية فان البعض يشكك فيها بغض النظر لما تهدف إليه مع العلم أنها تهدف أولا للحصول على اعتراف أممي بالدولة الفلسطينية على حدود العام 1967 و ثانيا تهدف لتعرية السياسة الأمريكية الداعمة و المنحازة لإسرائيل و التي تقوي و تيبس رأسها نحو السلام و بالتالي فان رفض إسرائيل الخوض في المفاوضات الحقيقية مع توقف تام للاستيطان الذي يجعل من الاحتلال أمرا طويلا سببه عدم وجود دور أمريكي ايجابي للضغط على إسرائيل للالتزام بمبادئ السلام العادل و الذي يكفل الأمن و الاستقرار بالمنطقة و هذا بالفعل يعتبر شكلا راقيا من أشكال النضال السلمي سيدركه الشعب الأمريكي في القريب العاجل. مع اقترابنا من استحقاق أيلول وتوالى اعتراف دول العالم الحر بالدولة الفلسطينية و استعداد أكثر من 124 دولة أي ما يقارب ثلثي سكان العالم للاعتراف بفلسطين دولة عربية مستقلة على حدود العام 1967 فان التخلي عن هذا الاستحقاق بات خطرا على المستقبل السياسي الفلسطيني بالكامل, وخطرا على السلام في المنطقة العربية و هو بمثابة استسلام للاحتلال و الاعتراف به و عدم القدرة على مواجهة إسرائيل سياسيا في المستقبل,وعدم القدرة على صد التطرف الإسرائيلي و الدفاع عن الحق الفلسطيني بالكامل , و اعتقد أن التخلي عن أيلول دون استحقاق أممي يعتبر مقدمة لتفكيك السلطة الفلسطينية لان ثقة الشعب فيها ستنهار و بالتالي ستنهار كل مشاريع التحرر التي ستقودها منظمة التحرير الفلسطينية عاجلا أم أجلا ولا يمكن لا احد القبول بمبدأ التخلي عن أيلول حتى ولو كان مقابل اعتراف إسرائيل ذاتها بالدولة الفلسطينية و عاصمتها القدس . قد تكون هذه إجابة للسؤال الرئيس بالمقالة و هو ماذا لو تخلى الفلسطينيين عن استحقاق أيلول..؟ و هنا نضيف أن تخلى القيادة الفلسطينية عن هذا السعي يعتبر بمثابة السم الزعاف الذي سيقضي على ما تبقي من وحدة الفلسطينيين و بما أن المشروع مشروع وطني و يصب في مصلحة الشعب الفلسطيني فان التخلي عن هذا المشروع مقابل وعود فارغة يعتبر خيانة كبيرة لحلم الفلسطينيين اجمع و لو أن كافة المؤشرات تقول أن الولاياتالمتحدة لن تسمع بوصول المشروع إلى الأممالمتحدة و ستسقط المشروع في مجلس و هذا في رأي لن يضر كثيرا بالسعي الفلسطيني و لن يضر إلا بمن استخدم القرار ذاته و سيجعل سمعة أمريكا أمام أكثر من 124 دولة تعترف بفلسطين دولة شرعية على حدود العام 1967 سمعة الدولة المناهضة لحقوق الإنسان و الدولة التي تدعم الاحتلال و الإرهاب السياسي , وهذا بالفعل سيؤدي إلى تضرر مصالح أمريكا بالشرق الأوسط و بالعالم اجمع و عندها ستتنافر كافة الدول المحبة للسلام مع السياسة الأمريكية و تعتبر أن أمريكا دولة لا ترغب أن يسود المنطقة العربية الأمن و الاستقرار بنهاية حقيقية للاحتلال الإسرائيلي البغيض. ولو عدنا إلى الشعوب العربية فان تأثر الشعوب العربية بقرار الفيتو الأمريكي المتوقع سيكون كبيرا و قد تتحرك الشعوب تجاه الحكومات التي مازالت ترمي ببيضها في العش الأمريكي في محاولة للومها على استمرار علاقاتها مع الولاياتالمتحدة فيما هذا قد يتحول إلى فوضي عارمة تنذر باختلال كبير في الشارع العربي , ولا يعنى أن الفيتو الأمريكي المتوقع أن يتنازل الفلسطينيين عن حق التوجه للهيئات الأممية لو قف الاحتلال و تشريع الدولة الفلسطينية بل أن هذا الفيتو سيكون الدافع أمام الفلسطينيين للاستمرار في دعواتهم للسلام الشامل بالمنطقة العربية على أساس حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي على أسس شرعية و دولية , لهذا بات ممنوعا على الفلسطينيين مجرد التفكير أو الاستماع لأي أصوات تقول توقفوا عن التوجه للأمم المتحدة للحصول على دولة فلسطينية لان هذا الصوت هو نفس الصوت الذي ينادي به الإسرائيليين و الأمريكان حتى ولو وافق الإسرائيليين و الأمريكان على مفاوضات على أساس قرارات الأممالمتحدة في ظل وقف تام للاستيطان ,لان هذه الموافقة تكون مفرغة من مضمونها بالاستناد إلى قرار أممي و في نفس الوقت فان التوجه للأمم المتحدة لا يعتبر بديلان المفاوضات الحقيقية بل مكمل لها ليتحقق السلام في تحقيق حلم كل الفلسطينيين . [email protected]