الغربية تحتفل بذكرى النصر.. المحافظ يضع إكليل الزهور على النصب التذكاري    في الثانية وخمس دقائق.. كنائس الشرقية تدق أجراسها احتفالاً بذكرى نصر أكتوبر    مجلس "الصحفيين" يهنئ الشعب المصري بذكرى انتصارات أكتوبر ويكرم أبطال الحرب    زيادة جديدة ل سعر الدولار الآن.. أسعار العملات اليوم الاثنين 6-10-2025 بالبنك الأهلي    تم رصدها ليلًا.. محافظة الجيزة تضبط وتزيل 4 حالات بناء مخالف بالوراق وكرداسة    أسعار مواد البناء اليوم الاثنين 6 أكتوبر 2025    استقالة لوكورنو تعمق أزمة فرنسا السياسية    6 فيتو أمريكي.. كيف عزلت حرب غزة إسرائيل دبلوماسيًا؟    اللجنة الدولية للصليب الأحمر: مستعدون لتسهيل إيصال المساعدات إلى غزة    زيلينسكي يعلن العثور على قطع غربية في مسيرات وصواريخ روسية    أحمد سليمان يكشف تطورات الحالة الصحية لحسن شحاتة ويقول : " بخير واحنا معه لحظه بلحظه "    مجلس الزمالك يجتمع مساء اليوم لمناقشة أوضاع فريق الكرة والألعاب الأخرى    35 مليون جنيه سنويًا وحملة إعلانية.. شرط حسين الشحات للتجديد للأهلي    نجم تشيلسي يغيب عن منتخب انجلترا أمام ويلز ولاتفيا    ضبط صانعة محتوى لنشر فيديوهات خادشة للحياء بالجيزة    الأرصاد : انخفاض بدرجات الحرارة غدا وشبورة والعظمى بالقاهرة 32 درجة والصغرى 22    8 مصابين في تصادم ميكروباص برصيف كورنيش الإسكندرية    خالد العناني الأقرب لإدارة «اليونسكو».. المنظمة تستعد لاستقبال المدير ال 12    أفلام لا تُنسى عن حرب أكتوبر.. ملحمة العبور في عيون السينما    الوثائقي «السادات والمعركة».. الرئيس الراحل ينعى رحيل جمال عبد الناصر    حواس يكشف مفاجآت وراء سرقة اللوحة الأثارية: رمموا البشر قبل الحجر    «طقوس السطوح» عرض مسرحي يعلو القاهرة ضمن مهرجان «دي-كاف»    «الصحة»: عبدالغفار يشارك في ختام «مهرجان 100 مليون صحة الرياضي»    فالفيردي يغيب عن معسكر منتخب الأوروجواي    رئيس الاتحاد السكندري: نستعد لضم صفقات قوية في الميركاتو الشتوي.. والجمهور درع وسيف للنادى    محافظ المنوفية يضع إكليل زهور على النصب التذكاري للجندي المجهول    ممثلو «خور قندي الزراعية» يشكرون الرئيس لاستكمال صرف مستحقات أبناء النوبة    التوعية والتمكين وتحسين البيئة للعاملين ..أبرز حصاد العمل بالمحافظات    «الداخلية»: ضبط متهم بالنصب على مواطنين بزعم قدرته على العلاج الروحاني    المديريات توجه المدارس بمتابعة تسجيل الطلاب على منصة تدريس البرمجة    الجامعة العربية وبيرو تتفقان على تطوير التعاون المشترك    الرئيس التنفيذي للهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة: شركات التجارة الإلكترونية ساهمت في تطوير التجارة وأثرت إيجابيًا علي الاقتصاد المصري    متخصصون من معرض دمنهور للكتاب: البحيرة تمتلك مستقبلًا واعدًا في الصناعة    مجلس الوزراء: سيناء.. الإنسان محور التنمية ونهضة عمرانية شاملة تحقق حياة كريمة لأبناء المنطقة    خبير بالشأن الأفريقي: حكومة آبي أحمد توظف سد النهضة دعائيًا وتتجاهل القانون الدولي    3 علماء يفوزون بجائزة نوبل في الطب لعام 2025 (تفاصيل)    مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 6 أكتوبر 2025 في المنيا    نجم الزمالك السابق يعتذر لمحمد مجدي أفشة    نائبا رئيس الوزراء يشهدان اجتماع مجلس إدارة هيئة الدواء المصرية.. تفاصيل    بسبب التقصير في العمل.. إحالة الطاقم الإداري لمستشفى كفر الشيخ العام للتحقيق (تفاصيل)    «عبد الغفار» يشارك في ختام «مهرجان 100 مليون صحة الرياضي»    عالم بالأزهر: سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم أوصى بأهل مصر خيرا    «الداخلية» تكشف ملابسات فيديو يُظهر اعتداء على مواطن وأسرته بدمياط    كجوك والخطيب: القطاع الخاص المصرى مرن وإيجابي وقادر على التطور والنمو والمنافسة محليًا ودوليًا    محافظ البحيرة تضع إكليلًا من الزهور على النصب التذكاري للجندي المجهول بمناسبة انتصارات أكتوبر    رئيس الوزراء الفرنسي بعد استقالته: لا يمكن أن أكون رئيسًا للوزراء عندما لا تستوفي الشروط    نائب وزير الصحة يختتم جولته بالدقهلية بتفقد مستشفيات المنصورة والمعهد الفني الصحي    ما حكم وضع المال فى البريد؟.. دار الإفتاء تجيب    دار الإفتاء: الاحتفال بنصر أكتوبر وفاء وعرفان لمن بذلوا أرواحهم فداء الوطن    العالم هذا الصباح.. السعودية: جميع حاملى التأشيرات بمختلف أنواعها يمكنهم أداء مناسك العمرة.. تصرفات ترامب الغريبة تفتح الباب حول حالته الذهنية.. وناشطة سويدية تثير الجدل بعد احتجازها فى إسرائيل    الرئيس السيسى: أوجه التحية للرئيس الأمريكى على مبادرته لوقف الحرب فى غزة    جمهور آمال ماهر يتفاعل مع سكة السلامة واتقى ربنا فيا بقصر عابدين    أسعار الخضراوات والفاكهة بكفر الشيخ الإثنين 6 أكتوبر 2025    ضبط ورشة لتصنيع الأسلحة البيضاء فى إمبابة والتحفظ على أكثر من ألف قطعة    «العناني» يقترب من منصب المدير العام الجديد لليونسكو    سكته قلبية.. وفاة شخص قبل نظر نزاع على منزل مع زوجته وشقيقه بمحكمة الإسكندرية    منتخب مصر يودّع كأس العالم للشباب رسميًا    اعرف مواقيت الصلاة اليوم الأثنين 6-10-2025 في بني سويف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تفسير تاريخي لظاهرة عالمية صعود الدور السياسي للدين
نشر في المراقب يوم 20 - 05 - 2011

بدأت الثورة الديمقراطية بالثورة الفرنسية الكبري ضد مبدأ الحق الإلهي في الحكم للملوك‏,‏
وضد تحالف الملكية والإقطاع والكنيسة, وظلت تكتسح أوروبا بلدا وراء الآخر, حتي اكتملت بسقوط الديكتاتورية في كل من أسبانيا والبرتغال في سبعينيات القرن العشرين, ثم انضمت دول أمريكا اللاتينية تباعا إلي قائمة الدول الديمقراطية طوال عقد الثمانينيات.
أما الثورة القومية فاكتملت في شقها الأول وهو شق التكامل القومي علي مرحلتين كبريين, الأولي هي الوحدة الإيطالية ثم الوحدة الألمانية ثم تفكك الإمبراطورية النمساوية المجرية والإمبراطورية العثمانية ما بعد الحرب العالمية الثانية. وأما في الشق الثاني, وهو شق التحرر الوطني من الاستعمار الأوروبي الذي كان بدوره من منتجات عصر مابعد عصر الايمان, فقد بدأت بثورات البلقان ضد العثمانيين والنمسا في أواخر القرن19 وأوائل القرن العشرين, واكتسبت زخمها في مصر بثورة1919, ثم تبلورت كحركة عالمية باستقلال الهند وثورة الصين, واكتملت باستقلال معظم الدول الإفريقية الحديثة في ستينيات وسبعينيات القرن العشرين وصولا إلي سقوط النظام العنصري في جنوب إفريقيا.
أما الثورة الاشتراكية فقد بدأت كما نعلم في النصف الثاني من القرن19 كمسألة أوروبية, ثم فرضت نفسها بقوة علي بقية العالم, ومن ثم علي حركة التاريخ بقيام الثورة البلشفية في روسيا عام1917, وظل الصراع بين الشيوعية والرأسمالية ممتدا, وبالتالي أساسا راسخا من أسس الهوية والانتماء السياسي داخل الدول, وفيما بين الدول وبعضها البعض حتي سبعينيات القرن العشرين أيضا, ففي بداية ذلك العقد تكرس مبدأ الوفاق والتعايش السلمي بين الكتلتين الشرقية والغربية, ثم بدأت متاعب النظم الشيوعية في الظهور, ومن ثم أخذت جاذبيتها تضعف شيئا فشيئا, وتمكنت دول أوروبا الغربية( بعد الحرب العالمية الثانية مباشرة) من تقديم نموذج بديل أصبح أكثر جاذبية هو دولة الرفاه, أو دولة السوق الاجتماعي, وهو نموذج يجمع بين الديمقراطية والعدالة الاجتماعية, ومن ثم انتصرت الثورة الاشتراكية في شكل هذا النموذج الذي يلهم حتي الليبراليين في الولايات المتحدة الأمريكية نفسها, وجاء انهيار الاتحاد السوفيتي, وانهيار منظومة الدول الشيوعية كلها في أوروبا, ليجعل انتصار نموذج الاشتراكية الديمقراطية أو دولة السوق الاجتماعي انتصارا نهائيا, ويصبح هذا النموذج هو التتويج للنضال الإنساني في تلك القضايا الثلاث الكبري, فدولة السوق الاجتماعي هي دولة وطنية تجسد القومية, وهي دولة ديمقراطية, وهي أيضا دولة اشتراكية.
ربما نحتاج الآن إلي إعادة التذكير بدور تلك الأيديولوجيات الثلاث الديمقراطية والقومية والاشتراكية في تشكيل هويات وعلاقات سياسية تحل محل الهويات والعلاقات الدينية في عصر الإيمان. مثلا في الثورة الديمقراطية كان التصنيف السياسي هو ما بين ديمقراطي ورجعي( أي ملكي أو إقطاعي أو كنسي), وكان كل معسكر من هؤلاء يضم في حالة أوروبا الكاثوليكي والبروتستانتي وغير المنتمين للكنائس, وهكذا الحال في بقية أنحاء العالم, وفي القضية القومية بشقيها الوحدوي والتحرري كان التصنيف السياسي هو ما بين قومي أو غير قومي, فضمت حركة الوحدة الألمانية الكاثوليكي والبروتستانتي اللذين سبق لهما التقاتل في حروب استمرت ثلاثين عاما في عصر سابق, وكذلك كان الولاء السياسي للكنيسة الكاثوليكية في إيطاليا ضد الوحدة القومية موقفا شائكا, وهكذا في بقية أنحاء العالم, ففي ثورة1919 في مصر اتحد المسلم والقبطي من أجل استقلال البلاد... إلخ. وأما في القضية الاشتراكية فكان الفرز السياسي هو ما بين اشتراكي يساري وما بين يميني رأسمالي رجعي, وكانت الهوية السياسية هنا عابرة للأديان والطبقات بل والقوميات في بعض الأحيان.
بإنجاز هذه الثورات الثلاث دار التاريخ دورة كاملة, واكتمل الطور الذي بدأ كما قلنا بعصر النهضة, والكشوف الجغرافية, والمنهج العلمي الحديث, والثورة الصناعية, وهنا وقف الفكر السياسي حائرا, فتحدث المفكر الاستراتيجي الأمريكي( ياباني الأصل) فرانسيس فوكوياما عن نهاية التاريخ, مفسرا نظريته بأنه يعني بنهاية التاريخ(History) نهاية هستيريا الإيديولوجيات, وأن النموذج الليبرالي الديمقراطي في الحكم هو نهاية التطور للمجتمعات الإنسانية, ولن يحل محله أي نموذج آخر للحكم والسياسة. أما صامويل هانتنجتون فتحدث عن صراع الحضارات علي أساس ديني, وتحدث آخرون عن العولمة كاندماج سلمي ديمقراطي بين أسواق متجاورة, ولعل أشهر من بشر بذلك هو الصحفي الأمريكي المعروف توماس فريدمان, لكن أهم من يتبني هذه النظرية علي المستوي الفكري الأصيل هو الفيلسوف الألماني يورجن هابرماس عميد مدرسة فرانكفورت في الفكر الاجتماعي, وهو يشترط أن ترفع وصاية العسكر والشرطة عن هذه العولمة.
لسوء الحظ أن الشواهد في سياق الموضوع الذي نتناوله في هذه السطور تؤكد تفوق نبوءات هانتنجتون علي توقعات فوكوياما وهابرماس, لكن واقع الأمر أن العولمة أيضا مستمرة بفاعلية, وكذلك لا يزال النموذج الديمقراطي الليبرالي للحكم هو الأكثر جاذبية لغالبية البشر في العالم, ولكن المشكلة تبقي في أن كل هذه الأفكار وغيرها لم تتحول بعد إلي تيارات سياسية جماهيرية, في الدول الصناعية نفسها, حتي تصبح مصدرا للإلهام لبقية الإنسانية, ثم إنها باستثناء صراع الحضارات لم تتمخض عن أحداث كبري, ولم تلهم أحداث كبري تثبت جدارتها, ومن ثم قدرتها علي التنظيم والتحريك الجماهيريين, وعليه فإن هناك فراغا أيديولوجيا بالمعني السياسي علي مستوي الجماهير العادية في مختلف أنحاء العالم, وبما أن الطبيعة تأبي الفراغ حتي علي المستويين النفسي والعقلي, وبما أن الجديد لم يثبت بعد قدرته علي ملء هذا الفراغ, فإن القديم أو لنقل الدائم أصبح هو الحل الأسهل, فأعاد الناس في كل مكان اكتشاف هوياتهم الأولية التي عجزت السياسة الجديدة عن تجاوزها أو دمجها.. وهذه هي الحقبة التي تمر بها البشرية حاليا.. فإلي أين سوف تقودنا جميعا؟ الإجابة بالقطع أكبر من طاقة عقل واحد, والدعوة موجهة إلي جميع أصحاب الاجتهادات من قراء العربية لتقديم اجتهاداتهم.
لكننا في حاجة أيضا إلي فهم السياق الخاص الذي تصاعد فيه الدور السياسي للدين في عالمنا الإسلامي ككل.. وفي مصر علي وجه الخصوص, وكذلك نحن في حاجة إلي فهم الخصائص المشتركة بين صعود الدور السياسي للدين في مصر, وصعود هذا الدور للدين كظاهرة عالمية, وفهم الخصائص المستقلة لصعود الدور السياسي للدين في الحياة العامة المصرية.. ولا يدعي الكاتب أنه يملك إجابات, ولكنه يؤمن إيمانا جازما بأن الدين الذي هو فطرة إنسانية وإشباع روحي, كان وسيبقي, من أهم مكونات الحياة العامة, ومن مقومات تماسك المجتمع, وقد كان الوازع الديني هو العاصم الحقيقي للبلاد والعباد من السلب والنهب وسفك الدماء وغيرها من صور انفلات الطبيعة البشرية من قيود الضمير والأخلاق في فترة غياب السلطة والقانون في أثناء ثورة25 يناير وبعدها.. وهي فترة لاتزال ممتدة ببعض آثارها إلي يومنا هذا ولأيام تالية لايعلم عددها إلا الله لنلاحظ أن ماحدث من جرائم وانفلات طوال هذه المدة لايقارن لا كما ولا نوعا بما حدث مثلا في فترة الفوضي التي تلت إعصار كاترينا في الجنوب الأمريكي منذ أربعة أعوام.. أو في لوس أنجلوس بعد انقطاع الكهرباء منذ بضعة أعوام مثلا. غير أن ذلك كله شيء وتمزيق الأوطان وفرض وصاية السلطة السياسية علي الضمائر باسم الدين شئ آخر.
نقلا عن جريدة الأهرام


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.