أطالب الدكتور محمد بديع المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين أن يدعو لاجتماع مع نائبه أو نوابه وبينهم المهندس خيرت الشاطر والدكتور محمود حسين والدكتور محمد البلتاجي والدكتور عصام العريان وغيرهم.. ويحضره كل أعضاء مجلس شوري الجماعة لبحث إعادة النظر في سياسة الجماعة وتقييم أدائها في الفترة السابقة منذ أن ظهرت علي ساحة الأخداث بقوة بعد ثورة 25 يناير. لقد وقف الشعب إلي جانب جماعة الإخوان وحزب الحرية والعدالة المنبثق عنها وأعطاها ثقته فكان للحزب الأكثرية في مجلسي الشعب والشوري وكانت له الهيمنة علي معظم النقابات المهنية بل والاتحادات الطلابية. وكان من المفروض أن تتحسس الجماعة وحزبها خطاهما فيما بعد النجاح في المجلسين التشريعيين بحيث تتم مراعاة أحاسيس ومشاعر وتوجهات باقي الفصائل السياسية في مصر وما أكثرها عددًا وتنوعًا. ويكون هناك تناغم مع هذه الفصائل يقوم علي التنوع وإثراء الحياة السياسية من خلال الرأي والرأي الآخر ليصل الجميع في النهاية إلي مرفأ الأمان بهذا البلد. يعرف الإخوان يقيناً الأخطاء التي وقعوا فيها علي مدي عام ونصف العام منذ قيام ثورة يناير حتي الآن. وكانت أمامهم فرصة ذهبية يمكن ألا تتكرر لتثبيت أنفسهم كفصيل سياسي فعال يساهم بإيجابية في نهضة هذا الوطن ويعمل باستنارة ضمن منظومة سياسية واسعة لتحقيق مباديء الثورة.. لكنهم أغمضوا أعينهم عن النظر بعيداً وفضلوا المصلحة الآنية.. فهل كان هذا التصرف أو هذه التصرفات شبقاً للسلطة بعد حرمان واضطهاد دام أكثر من 80 عاماً؟ ليسأل الإخوان أنفسهم: لماذا خاضوا معركة ضارية من خلال نوابهم في البرلمان ضد حكومة الدكتور كمال الجنزوري بهدف إقصاء وزارته عن الحكم وتكليف بديل له بتشكيل وزارة جديدة. وبالطبع سيكون لهم في الوزارة البديلة اليد الطولي.. فهل كان القصد أن تتم الانتخابات الرئاسية تحت إشراف حكومة إخوانية؟ لماذا عرقل نواب الإخوان إتمام قرض البنك الدولي لمصر وقدره ثلاثة مليارات و200 مليون جنيه.. مع أن الدولة كانت ومازالت في أشد الحاجة إلي هذا القرض للظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها؟!.. والآن لم تسقط الحكومة ولكن سقط المجلس.. ومن الممكن أن تجدد الحكومة سعيها لاستعادة هذا القرض في غياب نواب الإخوان. لماذا أرادت جماعة الإخوان أن تستحوذ علي اللجنة التأسيسية لوضع الدستور. وأصرت علي تشكيلها من البرلمان. الأمر الذي أدي إلي صدور حكم قضائي ببطلان معايير تشكيلها.. ورغم ذلك فقد وقفت الجماعة ضد الأحزاب وأصرت علي أن يكون لها الأغلبية في تشكيل اللجنة. كما أدخلت ما يقرب من 20 عضواً من أعضاء البرلمان.. والآن لا نعرف مصير هذه اللجنة إن كانت قائمة أو انتهت مع حل البرلمان؟ لماذا أصرت الجماعة علي الدفع بمرشح لها في انتخابات الرئاسة. وأطهرت العداوة والبغضاء للدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح حتي اضطرته إلي إعلان استقالته منها.. وكان في إمكانها أن تفي بوعدها بعدم ترشيح من يمثلها في هذه الانتخابات والاكتفاء بالدكتور أبوالفتوح وحتي ولو لم تدعمه فقد كان يمكن أن يكون رئيس مصر القادم. وهو ليس بعيدا عنهم وعن منهجهم بدليل أنه عاد إليهم بعد الخصام وأعلن تأييده لمرشحهم. الآن.. لم يعد للإخوان شيء.. لا مجلس شعب.. ولا حكومة.. وليس مضمونا نجاح مرشحها الدكتور محمد مرسي في انتخابات الرئاسة.. ولو فرضنا -وأقول فرضنا- أنه لم يوفق. وأعيدت انتخابات البرلمان ولم يحصلوا علي النسبة التي سبق أن حصلوا عليها في البرلمان الذي تم حله.. فماذا يبقي لهم. أليس ذلك كله مبرراً ودافعاً لهم لإعادة النظر في سياستهم وتقييم منهجهم ليرسموا سياسة جديدة تقوم علي المشاركة مع باقي الفصائل السياسية.. فقد أخطأوا واستعجلوا وتعجلوا في وقت كنا نظن أن في صفوفهم من الخبراء والحكماء من يرسم لهم طريقا ممنهجاً للاندماج في المنظومة السياسية دون إشعار الناس أن الإخوان حلوا محل الحزب الوطني الذي كان يستأثر بكل السلطات. لقد طمعوا كثيراً.. حتي انطبقت عليهم الآية الكريمة "كباسطي كفيه إلي الماء ليبلغ فاه وما هو ببالغه" صدق الله العظيم