لاتزال قضية إعادة الجمال إلي قطاع الفنون هي قضية لا يجب ان تتعرض للنسيان. وقد طرحتها "ألوان وتماثيل" منذ أكثر من عشرين عاما. فالتسمية التي تنادي بها هي عودة الي الاسم الصحيح الذي كان يطلق علي "مراقبة الفنون الجميلة" عند انشائها عام 1928 وكانت تتبع وزارة المعارف.. ثم تحولت إلي مراقبة عامة ثم إدارة عامة للفنون الجميلة حتي مارس عام ..1966 وقد نقلت إلي وزارة الثقافة عند إنشائها عام ..1959 وفي مارس عام 1966 ضمت "إدارة الفنون الجميلة" إلي ادارة المتاحف وصدر قرار لتسميتها الادارة العامة للفنون الجميلة والمتاحف. وفي عام 1972 تكونت الهيئة العامة للفنون والآداب وكانت تضم أكاديمية الفنون بالهرم وإدارة الاداب وإدارة التفرغ إلي جانب الإدارة العامة للفنون الجميلة والمتاحف.. لكن اسم الفنون الجميلة اختفي عندما تولي الفنان الراحل "عبدالحميد حمدي" رئاسة الهيئة العامة للفنون والآداب بدرجة وكيل وزارة.. وفي عام 1980 تم إلغاء وزارة الثقافة.. وكمرحلة انتقال تحولت إلي وزارة دولة للثقافة تابعة لرئاسة الجمهورية. وقام الرئيس السابق أنور السادات بإلغاء المجلس الأعلي لرعاية الفنون والآداب وأصبح يسمي "المجلس الأعلي للثقافة" وهرب معظم المثقفين إلي الخارج. في هذه المرحلة تم إلغاء اسم الفنون الجميلة من الإدارات الحكومية ليحل مكانها اسم الفنون التشكيلية "الذي لا ينطبق عليها" في الجهاز المشرف علي الفنون الجميلة في مصر.. مع ان التسمية الانجليزية والفرنسية هي الفنون الجميلة وليست التشكيلية. وعادت وزارة الثقافة مرة أخري في التشكيل الوزاري التالي. لكن الهيكل التنظيمي والتسمية المبهمة استمرت كما هي.. ومعروف ان الفنون التشكيلية الغامضة بالنسبة للجمهور تشمل إلي جانب الرسم والنحت "أي الفنون الجميلة" رسوم الأطفال ومختلف فروع الفن التطبيقي والحرف الشعبية وصياغة الحليّ وغيرها من المهن التي تتعامل مع الأشكال مثل "طباعة المنسوجات والحرف اليدوية والنجارة وتشكيل المعادن وما إلي ذلك".. من هنا يتضح انها تسمية صعبة بالنسبة للجمهور وتحتاج إلي شرح طويل. ولم يستوعبها الناس رغم الإلحاح في محاولة فرضها علي الجمهور مع أن "الفنون الجميلة" هي تسمية أدق وأقرب إلي الأذهان.. وإذا كان قطاع الفنون الجميلة يشرف علي ترقية بعض الحرف في وكالة الغوري والفسطاط وحلوان فهو بهدف اضافة الجانب "الجمالي" وتأكيده. وليس من زاوية رعاية الحرف من الناحية الصناعية. فهذه مهمة وزارة الصناعة. التي قد تطلع بها بطريقة أفضل من وزارة الثقافة. لهذا ننادي بأن يعود اسم الفنون الجميلة إلي قطاع الفنون لإزالة آثار الفترة الطاردة للثقافة والتي ساد فيها الاتجاه لإلغاء الجمال والتخلي عن كل اشكال الجمال مع التغاضي عن القبح والشخبطة. البعض يري ان التسمية هي مسألة شكلية لا تؤثر علي مضمون أو دور قطاع الفنون الجميلة تأثيرا كبيرا.. لكن حقيقة الأمر أن الفنون الحديثة من رسم ونحت اصبحت تفتقد الجمال وتصور في كثير من الأحيان القبح. باعتبارها أعمالا تشكيلية. مثل اللوحات التي تصور ما يلقي في قاع النيل من قاذورات وتمنح جائزة كبري من بينالي الاسكندرية.. أو اللوحات التي تظهر شخبطة وتنافر في الخطوط والألوان.. إنني أري انتشار هذا القبح من أسبابه اختفاء تسمية الجمال والتوقف عن اعلانه في المواقع الإدارية التي توجه الفنون وترصد حركتها.