في مشهد وطني رائع غير مسبوق أقبلت الجماهير علي اختيار رئيس للجمهورية في اقتراع سري تحت إشراف قضائي. وأيا كان الرئيس الذي يتولي المسئولية لمدة 4 سنوات. فإن الأمانة تقتضي أن نرتضي هذه النتائج التي أسفرت عنها عمليات فرز الأصوات بعدالة ونزاهة ووسط رقابة من كل الجهات. وأيا كانت هذه الشخصية التي تم اختيارها فإن احترام رغبات الناخبين تحتم الأنصياع إلي هذا الاختيار. تحقيقاً لضوابط الديمقراطية التي نسعي جميعاً للالتزام خاصة في هذه المرحلة التي نريد الانتقال منها والانطلاق نحو آفاق مستقبل مشرق بإذن الله. ولاشك أن المواطن البسيط يتطلع إلي تحقيق طموحاته في حياة ينعم فيها بالرخاء والاستقرار ويتمتع بالأمن والأمان بعيداً عن البلطجية واللصوص الذين استشرت جرائمهم بصورة اثارت الرعب والفزع بين المواطنين. كما أنه يأمل أن يجد لابنائه من الشباب فرصة في عمل يتناسب مع إمكانياتهم. في إطار مبادئ تحفظ له حريته وكرامته. وأن يحصل علي رغيف العيش دون معاناة في طوابير تستغرق وقته وتستنزف جهده يومياً بصفة دائمة. بالإضافة إلي أن الأسعار لكل السلع قد تجاوزت الأرقام الفلكية. ويتعين اتخاذ إجراءات تكفل وضع حد لهذا الانفلات الجنوني الذي ألهب كاهل الجميع. ويكفي ما تعرض له رجل الشارع من غلاء وجشع. حقيقة يتعين أن نقف بجوار الرجل الذي تم اختياره ومساعدته في عبور الأزمات التي تحيط بمصر من كل جانب. وأن يلتزم كل منا بالدور المنوط به في إطار الواجب الوطني. وأن يكون الإخلاص والصدق والعزيمة التي لا تعرف اليأس هو الأساس الذي يجب أن يكون شعار هذه المرحلة الدقيقة التي تجتازها بلادنا بعد 60 عاماً من المعاناة والحرمان من الحرية والديمقراطية. في إطار نظام فاسد كان مسخراً لخدمة الأقلية وحرمان الأغلبية من حقوقها. لقد واتتنا الفرصة في مناخ ديمقراطي حر لم نشهدها من قبل فيجب أن نتكاتف لكي نحقق أمالنا في كل المجالات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية وغيرها. وأن تكون عيوننا متفتحة للمستقبل وعدم الالتفاف للخلف بأي صورة من الصور. وأن نكون في منتهي الوعي لاغتنام تلك الفرصة وعدم الاستماع أو الاستجابة لدعوات التمرد أو الوقفات الاحتجاجية التي تعيدنا إلي نقطة الصفر من البداية. وطالما أننا أرتضينا هذا الأسلوب فقد أصبح الالتزام به واجباً لا يمكن الفكاك منه تحت أي ظرف من الظروف. الوطن في أشد الحاجة للعمل الجاد وإعادة بنائه علي أساس متين لا يتعرض لأي هزة أو رغبات جامحة لا تريد لبلادنا أن تنعم بالاستقرار ونتخطي هذه المرحلة بكفاءة واقتدار. والتصدي لهذه الأهواء ومنعها من بث سمومها مهمتنا جميعاً بلا استثناء. وليكن حرصنا هو المشاركة في عمل بناء يستهدف نهضة بلادنا لأننا نحتاج لكل يد تبني. والسعي بكل قوة لاستغلال طاقة كل فرد من أبنائنا في عمل بناء وفق إمكانياته ورغباته. الأكثر أهمية أن نمضي في إطار منظومة تشتمل علي كل جوانب حياتنا والأولوية لإرساء نظام تعليمي يبدأ من الحضانة وأن تمتد المرحلة الإلزامية حتي الانتهاء من المرحلة الإعدادية وأن يتم إعداد المناهج التعليمية لكي تتمكن من تنمية مهارات الأجيال مع التركيز علي الفهم والاستيعاب بعيداً عن التلقين والحفظ. وأن تتواكب الحركة التعليمية وفقاً لمتطلبات سوق العمل. وإعداد أجيال تستطيع استيعاب علوم العصر بكل مكوناتها التقنية والتكنولوجية. وأن يتم التركيز علي التعليم الفني بكل تخصصاته ووضع برامج يتم إعدادها بواسطة أساتذة الجامعات ورجال التعليم وخبراء من الفنيين مع تأهيل دور التعليم الصناعي وتزويدها بالمعدات والأدوات التي تواكب عصر التكنولوجيا لكي يتم تدريب الطلاب بصورة تضمن استيعابهم لأي تخصص من التخصصات التي يتم اختيارها. نريد صناعاً مهرة بحيث يتوافر لدينا فنيون في كل المجالات يجري توزيعهم علي المصانع ويتلهف القطاع الخاص علي هذه النوعية من الخريجين الذين يستطيعون إدارة المصانع بكفاءة. كما أن بناء مصر لا يقتصر علي تلك اللمحات التي أشرت إليها في مجال التعليم العام أو الفني وإنما كل جوانب حياتنا تتطلب جهوداً مخلصة. وعزيمة رجال لا يعرفون التقاعس أو اليأس. ولدينا بحمد الله كفاءات في كل النواحي ولا ينقصنا سوي الاستفادة بكل الامكانيات. وليتنا ندرك أن الثروة البشرية هي من أغلي الكنوز التي يجب الحفاظ عليها. واتخاذ التدابير لإتاحة الفرصة للكل في استغلال مواهبه في إطار الامكانيات التي يتمتع بها. فلسنا أقل من تلك الدول التي استطاعت تخطي العقبات وبناء أجيال قادرة علي قيادة الوطن وتحقيق أعلي معدلات في التنمية وتشييد القلاع الصناعية وغيرها. ولعل دول جنوب شرق آسيا أبلغ دليل. وهناك جمهورية الصين التي وصلت أعدادها إلي نحو مليار وأكثر من مليار من البشر ولكل واحد عمل وتخصص يجيده بامتياز. يا أبناء مصر نريد أن نمضي إلي الأمام دون الالتفات إلي الماضي المليء بالكثير من المآسي. لا نريد أن ترجع العجلة للوراء. كفانا وقفات ومليونيات. الأولوية لبناء الوطن ويتعين أن تكون في بؤرة اهتمام كل منا. لقد اخترنا الديمقراطية طريقاً ويجب أن نتكاتف للانطلاق نحو المستقبل بكفاءة وطاقة تقهر المستحيل.