تعتبر ترعة المحمودية من أهم معالم مدينة الإسكندرية. أطلق عليها قديماً اسم "ملحمة الشهداء". منذ حفرها في 8 مايو 1807. وهي تشبه في هذا الشأن "قناة السويس". حيث استشهد أثناء حفرها نحو 10 آلاف من الفلاحين تم دفنهم علي جانبيها. حيث ذكر المسيو مانجان الذي كان شاهد عيان لحوادث مصر في ذلك العصر أن هناك ما يقرب من 12 ألفا من الفلاحين الذين عملوا علي حفر ترعة المحمودية لقوا حتفهم خلال 10 أشهر ودفنوا علي ضفتي الترعة تحت التراب الذي كانوا يرفعونه من قاعها. وقد أتت هذه الترعة بثمرات عظيمة فمن جهة المواصلات صارت تجري فيها السفن بين الإسكندرية والداخل تحمل حاصلات البلاد أو وارداتها. وكانت سببا في عمران البلاد التي مرت بها في اقليم البحيرة واحياء أراضيها. واتسعت حركة التجارة والعمران فيها. فضلا عن أن مياه الترعة قد ساعدت علي الاكثار من الزرع وغرس الأشجار والحدائق في ضواحي المدينة. فاتسع نطاق العمران. وعندما زار المارشال مارمون هذه الجهات سنة 1834 استوقفه ما شاهده من الحدائق الغناء المنشأة بعد فتح ترعة المحمودية. ورغم الجهد المبذول في شقها وما أحدثته من تقدم وعمران إلا أنه بمرور السنوات بدأ حال الترعة يسوء يوما بعد يوم. حتي أصبحت الترعة مقلباً للقمامة. وامتدت يد الإهمال لتغتال الترعة. التي تحولت إلي مصدر لتعذيب السكان القريبين من الترعة الممتدة من رشيد وحتي مصبها الأخير عند هويس مينا البصل بغرب الإسكندرية فقد تحولت إلي مقلب للقمامة ومأوي للحيوانات الضالة والبلطجية والخارجين علي القانون والحشرات. يقول محسن حماد سكرتير حزب الوفد: تطل شقتي علي ترعة المحمودية بمنطقة الحضرة الجديدة. وكثيرا ما أجد كميات رهيبة من القمامة ملقاة داخلها وعلي جانبيها مما يتسبب في انتشار الباعوض والذباب في كل مكان بالمنطقة. واضطر كثيرا إلي إغلاق النوافذ لحماية طفلتي الصغيرة من الروائح والباعوض والحشرات. تؤكد سماح سامي. "ربة منزل" أن الترعة تعاني من إهمال شديد وخاصة في منطقة كرموز. حيث يتم استخدامها كحمام سباحة للخيول والحيوانات دون وجود رادع أو عقاب لمن يقوم بذلك. كما أنها أصبحت وكرا للخارجين علي القانون ومروجي المخدرات. تضيف حنان بركة عضو المجلس الشعبي المحلي سابقا: في عام 1992 أعلنت الحكومة عن خطة لتطهير الترعة وتطويرها لتصبح الكورنيش الثاني لمحافظة الاسكندرية. وفرحنا جميعا لهذا القرار إلا أن المشروع بدأ ولم يستكمل حتي الآن ولا نعرف أسباب ذلك التوقف. ثم أعلنت محافظة الإسكندرية كعاصمة للسياحة العربية لعام 2010 وأعلن البدء في مشروع المحور المروري علي جانبي ترعة المحمودية في فبراير 2010 بتكلفة تقدر ب 135 مليون جنيه. والذي كان من المفترض أن يخفض الضغط علي الطرق الرئيسية بالمدينة بنسبة 40%. وكان من المتوقع استكمال عمليات تطوير الترعة المتوقفة. خاصة وأنها ستتوازي مع أكبر وأهم الطرق الرئيسية بالإسكندرية إلا أن الواقع كان عكس ذلك لتتحول أحوال الممر المائي من سييء لأسوأ ولتتحول إلي بؤرة تلوث بالإسكندرية..! يشير محمود فهمي موظف إلي أن أهالي كرموز وغيط العنب الواقعتين علي مسطح الترعة غاضبون بسبب استمرار إلقاء القمامة ومخلفات المباني. وتقدموا بعشرات الشكاوي إلي المحافظين المتعاقبين. مطالبين بتنظيف الترعة وجانبيها من تعديات ومغاسل سيارات وأكشاك بنيت للبيع والشراء. وأكشاك بنيت كحظائر للحمير والبغال من أصحاب الكارو. ناهيك عن "الغرز" التي انتشرت بشكل مبالغ فيه. والمشكلة أن المحمودية تتبع أكثر من قسم شرطة مثل: مينا البصل وكرموز ومحرم بك وغيرها. تقول نبوية السيد ربة منزل: نتيجة لوجود الترعة وإهمال تطويرها انتشر بالشارع البلطجية وأصحاب السوابق والمجرمون الذين اعتادوا استخدام الترعة كمأوي لهم حيث يستخدمونها كمخازن لتخزين أسلحتهم والبضائع الممنوعة والمخدرات. لقد وجهنا نداءات إلي مدير أمن الإسكندرية اللواء خالد غرابة. ولكن دون جدوي..!! يضيف كمال محمد من سكان كرموز أن الباعة والتجار قرروا الوقوف بأنفسهم في وجه البلطجية بعد أن يئسوا من تدخل الأمن لحمايتهم. إلا أنهم لم يتمكنوا لكثرة عدد البلطجية والهاربين من أحكام. ويوافقه الرأي كرم شومان موظف مشيرا إلي أن البلطجية اصبحوا يقومون بفرض الاتاوات الباهظة علي كل محل أو تاجر للسماح له بممارسة عمله أو تجارته.