يقول د.ثروت بدوي - أستاذ القانون الدستوري بجامعة القاهرة - بالتأكيد هناك مشاكل وقضايا كبري تواجه الرئيس القادم ولكن المشكلة الأكثر تعقيدا في رأيي هي عدم وجود دستور يحكم علي أساسه فهذا شيء في غاية الأهمية لكي يحدد للمسئول الأول بالدولة اختصاصاته وحدود مسئولياته ومدي قدرته علي اتخاذ القرار وكذلك علاقته بسلطات الدولة الأخري التشريعية والقضائية. أضاف ان مسألة وجود دستور ينظم كيان الدولة ليس بالشيء الهين بل أنه القضية الأكثر إلحاحا في هذه الفترة حتي يعرف الرئيس طبيعة منصبه بكل دقة خاصة وان هناك نظم للحكم تختلف فيما بينها فهناك فرق بين النظام الرئاسي والبرلماني والمختلط فالمسئوليات وشكل العلاقة بين السلطات الثلاثة تختلف. تساءل علي أي أساس أو نظام سيمارس الرئيس القادم صلاحياته وهل ستتوقف أمور الدولة ويظل بمثابة "واجهة" فقط حتي يتم وضع دستور دائم ففي هذه الحالة من الأفضل أن يتم إعداد إعلان دستوري جديد يحدد الصلاحيات التي علي أساسها يمارس الرئيس صلاحياته بكل دقة. أشار إلي أننا أضعنا فرصة ذهبية لاقرار الدستور الدائم بالخلافات التي ظهرت عند تشكيل اللجنة التأسيسية حيث كان أمامنا فترة زمنية كافية منذ اندلاع الثورة ولكننا سرنا فيها ببطء شديد وحتي عندما فكرنا كانت البداية خاطئة باختيار لجنة معظم أعضائها من السلطة التشريعية وهذا غير منطقي بالمرة فكيف لسلطة من السلطات الثلاثة ان تضع الدستور؟! د. مصطفي كامل السيد أستاذ العلوم السياسية وعضو اللجنة المستقلة للتحول الديمقراطي قال لم يعد منصب الرئيس لدينا مجرد وجاهة واتخاذ ما يحلو له من قرارات دون ان يجد مناقشة من الآخرين أو موقف من شعبه فهذا الأمر تغير كثيراً بعد ثورة 25 يناير وسار الرئيس مطالب بتحقيق طموحات وامال الثورة التي هي في النهاية مطالب الشعب. أضاف: القضايا كثيرة ومتشعبة وذات ارتباط فيما بينها ولكن مطلوب من الرئيس حتي يحقق النجاح المنشود ان يستعين بجهاز قوي من المعاونين الاكفاء القادرين علي ادارة الأمور وهنا لابد ان يكون الاختيار وفقاً لقواعد ونظم تؤدي في النهاية إلي اختيار أصحاب الكفاءة وليس الثقة فهم القادرون علي العطاء. أوضح ان الملف السياسي يحتاج إلي جهد كبير من الرئيس القادم فقد عشنا لسنوات طويلة نعاني من العشوائية في الحياة السياسية واختلالها ما بين حزب ليس له علاقة بالجماهير ومع ذلك يتم تزوير رغبتها ويتصدر هذا الحزب المشهد ويحصل علي أعلي نسبة ممكنة في أي انتخابات وبين احزاب ولدت من رحم الحزب الحاكم وادواته التي انشأها مثل لجنة شئون الاحزاب وهذه الاحزاب ايضاً ليس لا ارتباط حقيقي بالجماهير وتحولت إلي مجرد ديكور لاستكمال الصورة الديمقراطيه لا أكثر ولا أقل. استطرد قائلاً وفي وسط هؤلاء تقف الاغلبية من المواطنين مغلوبة علي أمرها لا تستطيع ان تعبر عن رأيها ولاتجد من يعبر عنها وتغير هذة الصورة السلبية ليس بالأمر الهين ولكن يحتاج إلي جهد ومثابرة من الرئيس ولكن عليه ان يبدأ وهو يحتاج إلي ما يشبة المعجزة لتعديل هذه السلبية الكبري. د. أحمد عبدالوهاب أستاذ الاقتصاد بجامعة الأزهر يري أن الملف الاقتصادي هو الملف الأصعب والأخطر في مواجهة الرئيس القادم ويحتاج إلي معجزة فعلية لإصلاحه وتعديله سواء لمواجهة التراجع الشديد الذي حدث بعد الثورة أو للنهوض اقتصادياً واحتلال المكانة التي نستحقها ولأنه يرتبط في الاساس بلقمة عيش الواطن التي لن يقبل فيها بأي تقصير خاصة بعد ان تحمل الكثير طوال العقود الماضية وزادت معاناته بعد الثورة من ارتفاع جنوني في الأسعار واحتكار واختفاء السلع الضرورية له. أضاف ان مشكلة الملف الاقتصادي أنه يرتبط بقضايا عديدة أخري فليس من الممكن النهوض اقتصادياً في ظل وضع أمني متدهور أو عدم وجود تشريعات أو بنيه اساسية تساعد رجل الاعمال ان يستثمر وينتج وهنا ايضاً يهمني ان اؤكد ان تشجيع رجال الاعمال لا يجب ان يكون علي حساب المواطن البسيط بحيث لاتزيد الهوة ونصل إلي مرحله الصراع الطبقي. أوضح ان الرئيس القادم لكي يحقق النهضة الاقتصادية ويحسن من الاوضاع كما ينتظر المواطن عليه مهام واعباء ثقيلة فعليه ان يجذب استثمارات اجنبية وعربية وداخلية وهذا لكي يتحقق يحتاج إلي المتطلبات السابقة مثل الأمن والبنية الاساسية ويضاف اليها بشكل اساسي القضاء علي الفساد الذي من المعروف أنه يدفع بشكل كبير من تكلفة الفرصة الاستثمارية ونفقات أي مشروع جديد أو قائم ومن ثم يهرب المستثمر في حاله وجود فساد والشئ الثاني المهم القضاء علي الروتين والبيروقراطية اللذين يعيقان أي مشروع. أضاف ان هذه المتطلبات التي ذكرناها علي عجالة قد يعتقد البعض ان تحقيقها في الواقع سهلاً وهذا بالتأكيد غير صحيح فهي تحتاج إلي جهد كبير سواء من حيث القوانين أو سلوكيات البشر لتنفيذ هذه القوانين وبحيث نصل لتوفير الحياة الكريمة مادياً ومعنوياً للمواطن. د. أسامه علما استاذ ادارة الاعمال باكاديمية السادات قال الرئيس القادم حتي ينجح في اداء مهمته الثقيله ويجعل الناس تشعر بان الثورة بدأت تؤتي ثمارها عليه ان يتبع الأسلوب العلمي في الادارة بعيداً عن العشوائية في اتخاذ القرار والتسرع في اقامة مشروعات تكلف الدولة ملايين بل مليارات الجنيهات وفي النهاية يكون العائد صفراً فمن يتحمل هذه المبالغ الطائله الشعب وليس الرئيس. أضاف لابد ان يكون هناك دراسة كاملة لأي مشروع يتم اقامته ولن يقوم بهذه المهمة الرئيس نفسه ولكن كل مسئول عن عمله في موقعه وفي النهاية يتم تقييم العمل. أوضح ان أي قرار يتعلق بالمواطن يجب ان يشارك فيه حتي يتحمل نتائجة أيا كانت هذه النتائج من خلال ممثلية في الأجهزة المختلفة حتي لايفاجأ المواطن بقرارات ومشروعات لا يعلم عنها شيئاً ثم يطالب بان يساهم فيها ويتحمل اثارها. ايضاً يجب ان يكون هناك تحديد للاولويات بمعني ان تكون البداية بالأهم فالمهم وهكذا فمثلاً رغم أهمية الجوانب الثقافية والترفيهية لايجب ان تكون علي حساب لقمة عيش المواطن أو العلاج أو فرصة العمل أو التعليم. د. محمد أبو العلا رئيس الحزب الناصري يري ان مهمة الرئيس القادم علي قدر كبير من الصعوبة الشديدة لأنه يرث تركة ثقيلة وفي نفس الوقت حجم الطموحات الملقاة علي عاتقه من جانب المواطنين كثيرة. أضاف ان الرئيس في النهاية بشر له امكانيات وحدود وبالتالي لا يستطيع ان يفعل كل شئ بنفسه ولذلك عليه الامساك بكل الخيوط في يدة مع إعطاء صلاحيات لمعاونية الذين يتميزون بالاخلاص للوطن وليس لشخص الرئيس وخبرة وكفاءة في مجال عمله. أوضح ان الرئيس يواجه ملفات ضخمة ومتخمة مابين امني وسياسي واقتصادي ويجب الا يركز في جانب علي حساب الآخر حتي لا يفلت الزمام من بين يديه بل عليه أن يسير في كل هذه الملفات بالتوازي وايضاً لأن كلها مرتبط ببعضها البعض فلا يمكن مثلاً الاهتمام بالجانب الاقتصادي دون توفير الامن أو السعي لتحقيق العدالة الاجتماعية.