محمد محمود عبدالرازق قنبلة عنقودية فكرية.. شحن كثيرا بمعاناة المبدعين في هذا الوطن علي مدي نصف قرن قبل رحيله.. ما بين لم الحياة النقدية له..وضيق مساحات الرؤية والضوء أمام إبداعه القصصي والنقدي وأرائه الفكرية العامة.. حتي الجوائز الأدبية.. التي لم يفكر في الجلوس علي موائدها: متطفلا أو مدعوا ولم يحتل موقعا قياديا حتي كثمن لأيام الاعتقال التي عاشها مثله مثل غيره.. مات وهو مازال بريئا نقيا. صافيا. صريحا. صداميا. فإبداعه المتدفق المعبر عن حياته وحياتنا. ورغم انتماء هذا المبدع الذي ولد في 5 مارس 1934 إلي جيل الستينيات إلا أنه لم يتواري وهو يقرر أن هذا الجيل أكذوبة لأنه جيل ضائع وهو الذي مهد للهزيمة في تاريخ مصر.. لأنه كان جيلا مقهورا ونصف مثقفيه في السجون والنصف الآخر خدام السلطة يدافعون عنها ويدعمون قهرها للشعب. وعندما حاول مع بعض الشباب من أقرانه الانفلات من هذه الدائرة بالتعبير عن أنفسهم حوصروا وطردوا خارج البلاد فهاجروا بأقلامهم أو لجأوا إلي الغموض والرمز. هذه الجرأة في الرد ربما جعلت الدولة تضع الكثير من أبناء جيله في مناصب قيادية في حياتنا الثقافية مستبعدة هذا المبدع الكبير.. ولكنه لم ييأس من ذلك وانخرط في إبداعه ويكفيه ما قاله د.الطاهر مكي عنه عندما تقدم بكتابه "فن معايشة القصة" ولم ينل الجائزة التي تقدم لها.. فهمس د.الطاهر أن هذا الكتاب يستاهل أكثر من جائزة ولو يملك لقدمه للجائزة بدلا من الكتب المتهافتة التي لا يوجد بها هوامش ولامراجع ويتشدق أصحابها بأنها كتب ودراسات نقدية. وهذه الشهادة كان جديرا بها محمد محمود عبدالرازق الذي أجاد فن الرواية وأجاد فن كتابة القصة القصيرة وتفوق في النقد ولم يكن يكتب النقد البسيط السهل بل لم يكن ينتر المبدع ليصل إليه.. فكثير ما بحث هو عن المبدعين وقدمهم وحرص عليهم كأب حنون فكتب بعيدا عن الشللية والعلاقات الخاصة وجماعات المصالح والمنافع ممن تعافي منهم الحياة الثقافية وينشرون فيها كالوباء ولأنه كان مؤمن بأن المبدع الذي يؤمن بالروح الجماعية هو الذي يبزغ نجمه لا يلمع وحده وإنما يسطع معه كل من حوله.. كان يحرص علي المشاركة في الندوات واللقاءات الفكرية خاصة قبل أن يشتد به المرض ويقعده بالمنزل لسنواته الأخيرة. ولعل ما جعل محمد محمود عبدالرازق يهتم بالنقد خاصة في سنواته الأخيرة أنه كان يري الناقد قاضيا ولكنه لا يحكم.. بل يحلل ويفسر ويبحث عن الحق والجمال في الابداع. ولعل من أهم القضايا التي عالجها إبداعيا الجوع والخوف الذي عاني منهم المجتمع المصري وخاصة في شرائحه المهمشة.. وكانت القصة البشرية باللغة الشاعرية من أكثر ما ترك لنا الراحل محمد محمود عبدالرازق في علاماته الابداعية.. بل أنه لم يكتف بالقصة البشرية فوصل لما يسميه الوسط الأدي الآن بالقصة القصيرة جدا أو قصة الومضة وقد برع فيها. محمد محمود عبدالرازق الذي رحل عن عالمنا في 12 مارس 2010 أي منذ عامين تاركا رصيدا ضخما من الابداع القصصي والروائي والنقدي ولم يحصل إلا علي جائزة التميز من اتحاد كتاب مصر في نفس العام الذي توفي فيه وقبل رحيله بأشهر قليلة.. مات تاركا رصيدا من الأفكار والابداع.. بل والمبدعين الذين ساعدهم وساندهم.. فهل تذكروه في ذكري رحيله الثاني؟ وهل قدره أن يعيش هامسا ويموت صامتا. وتمر ذكراه في صمت.. رحم الله المبدع والناقد الكبير وأبقي لنا خلود الحرف الكلمة فهي ما يتبقي من المبدع الحقيقي.. ومن بعض ما ترك لنا محمد محمود عبدالرازق: الجرح الغائر. أن تحبوا. بنات الحور. كوبري التاريخ. ساحل الذهبي. ثلاث مجموعات مرهقة. الانسان بين الغربة والمطاردة. الحقول الخضراء. فن معايشة القصة القصيرة. عبدالقادر القط.. المحيط الهاديء. باقة من الثغر الباسم. فتحي الإبياري.. الفطرة والاصرار. أبناء نادي القصة. القصة امرأة.