في موكب جنائزي حزين اتشح بالسواد وغمرته الدموع ودع اهالي الوفائية بمركز الدلنجات شهيد الواجب بالقوات المسلحة العريف سمير انور اسماعيل الكيال الذي نال الشهادة اول امس في احداث محيط وزارة الدفاع بالعباسية وهو يؤدي واجبه الوطني. تقدم الجنازة المهندس مختار الحملاوي محافظ البحيرة وقيادات الجهاز التنفيذي ولفيف من القيادات المختلفة بالقوات المسلحة. توافدت الجموع من جميع بقاع محافظة البحيرة للوصول لمسقط رأس الشهيد حتي يشهدوا لحظات مواربة الجثمان الثري واقتربت الحشود التي شاركت في تشييع الجنازة لحوالي 50 الف شخص وبرغم ما حمله المشهد من معاني نبيلة الا انه ترك دروساً مستفادة حتي قبل ان يصل الجثمان وسوف تأتي ثمار هذه الجهود خلال الفترة القادمة. اعلنت الحشود رفضها لممارسات فصيل بعينه يتفاني في جر الوطن إلي حروب اهلية وكل همه الاستحواذ علي مفاصل الدولة ومقدراته. واكد الجميع ممن شاركوا في جنازة شهيد الواجب ان الغشاوة التي كانت علي اعينهم ذهبت بغير رجعة والفضل يعود للشهيد الذي كشف لهم سعي هذا الفصيل السياسي الذي يتخذ الدين الاسلامي الحنيف ستاراً او بوابة عبور لتحقيق اهدافه. ولولا حكمة العقلاء الذين تواجدوا لحدث ما لايحمد عقباه. اصر الاهالي علي طرد نواب هذا الفصيل من الجنازة لان الاهالي يعتبرون حضورهم غير مرغوب فيه وعلت اصوات العديد منهم عندما قالوا "صحيح يقتلوا القتيل ويمشوا في جنازته" وردد عدد آخر "اللي اختشوا ماتوا" وحاول العقلاء السيطرة علي موجات الغضب العارمة قبل وصول الجثمان الذي ما ان شاهده الاهالي حتي تدافعوا صوب سيارة الاسعاف التي كانت تحمله في محاولة لكل منهم ان يجذبه ناحيته. وذرف الجميع الدموع بغزارة وظل الجثمان معلقاً بين الاهالي حوالي ساعة من الوقت لدرجة انه لم يكن هناك موطيء لقدم بين هذه الحشود الغاضبة يقف فيه وتعطي الفرصة لمن يؤم الاهالي للصلاة علي الجثمان مما ادي باحد الاهالي ان يحمل امام صلاة الجنازة علي كتفيه ومن امامه النعش المسجي فيه شهيد الواجب الذي يحمله زملاؤه من القوات المسلحة والذي ظل معلقا علي اكتافهم لحين أداء الصلاة. الشهيد سمير انور اسماعل الذي اغتالته رصاصات الغدر من المأجورين والخونة الذين حولوا الوطن لذبيحة يقتطع كل منهم ما يحلو له منه. كان يقوم باعداد عش الزوجية الذي سيجمعه مع شريكة عمره اميرة احمد الشاذلي احد ملائكة الرحمة التي تعمل بمستشفي طنطا الجامعي والذي عقد قرانه عليها منذ عدة اشهر وكان ينوي الاحتفال بزفافه في عيد الفطر. الا ان القدر غير وجهته إلي طريق آخر سيكون فيه مع الصديقين والانبياء بعد ان نال الشهادة في ميدان الواجب. تصف خطيبته اميرة الشاذلي صفاته الحسنة وخصاله الطيبة فتقول كان حنوناً وعطوفاً وكثيراً ما تحدث معي عن شرف القوات المسلحة ولا انسي ذات يوم عندما قال لي انني سوف اتزوج من اثنين وعندما قلت له من هما اجاب فوراً انت والقوات المسلحة. مؤكدة انه كان عاشقاً لتراب وطنه. احتبس صوتها لحظات وسال الدمع من عينيها وهي تقول: قمت بالاتصال به يوم الجمعة اول امس عقب صلاته بمسجد النوروبعد ان شاهدت الاحداث في التليفزيون اوصيته بان يحطاط لنفسه لاني محتاجة له وطمأنني قائلاً ماتخافيش العمر واحد والرب واحد. لو الموت ناداني انا فدا مصر وعندما لاحظ انني سوف ابكي عاد ليقول لي ما تخافيش ادعيلي واللي فيه الخير يقدمه ربنا. وتساءلت اميرة هل هناك مسلمون وموحدون بالله يفعلون هذا باخوانهم. وعادت لتبكي بحرقة من جديد وهي تقول "ذنبه ايه- عشان يجراله كل اللي حصل" واكدت ان عينها لن تري النوم ولن يرتاح الشهيد في قبره الا بعد القصاص من الجاني. والد انور اسماعيل الكيال كان شارداً من هول الصدمة وكل الكلمات التي ظل يرددها "الحمد لله ولا حول ولاقوة الا بالله" ورفض الحديث وبعد فترة وجيزة من خروجه من مسجد القرية بعد ان توضأ لاداء الصلاة علي نجله الشهيد قال "الكلام لاينفع- ضاع مني السند والولد". مشيراً إلي ان روحه معلقة بروح الشهيد مطالبا بالقصاص لنجله الذي لم يقترف ذنبا حتي يفارق الحياة بهذا الحادث الاجرامي الخسيس. وتروي خالته سعاد عبدالعزيز عفيفي 58 سنة آخر لقاء جمعها به فتقول: كان هذا يوم الثلاثاء الماضي عندما جاء إلي الحقل حاملاً الطعام لعمال الزراعة اثناء حصادهم محصول القمح وجلسنا سوياً نتذكر ايام صباه خاصة وانني الذي قمت بتربيته وتنشئته عقب وفاة والدته منذ 11 سنة حتي حصل علي الثانوية الازهرية وقرر التطوع بالقوات المسلحة. وتشير خالته إلي انه كان يتحسس الموت وهو معي بالحقل المجاور لمقابر القرية عندما قال لها "بكرا يا خالة هنيجي هنا" في اشارة منه للمقابر ولم يمض يومان عقب كلامه حتي فاضت روحه الطاهرة. شقيقه الاكبر "خالد" فيقول: نحمد الله ان شقيقي نال الشهادة علي تراب وطنه مشيراً إلي ان اخيه ستكون وفاته هي الشرارة التي ستولد الصحوة لدي جماهير شعبنا ليعيدوا حسابتهم من جديد حتي يتساقط كالقطيع لحساب فصيل كل همه السلطة حتي لو علي جثث المصريين. قرر المهندس مختار الحملاوي محافظ البحيرة صرف 10 آلاف جنيه اعانة عاجلة لاسرة الشهيد ووعد والد الشهيد باداء فريضة الحج. شهيد الواجب له 8 اشقاء هم خالد ويعمل بالري واسماعيل بالطب البيطري ورأفت بالتعليم الابتدائي وعلاء حاصل علي ليسانس الشريعة والقانون ورمضان طالب بالاعدادي ورجاء وبشري واسماء وجميعهن متزوجات.