علي غرار ما حدث في مذبحة ستاد بورسعيد من عمليات قتل احترافية عن طريق الذبح من الرقبة كذبح الحيوانات. تكررت العملية في ميدان العباسية ومحيط وزارة الدفاع. تبين أن من بين القتلي الذين قيل انهم سبعة أو 11 أو 17 وجود قتيلين مذبوحين من الرقبة.. الأول طالب بكلية طب عين شمس هو أحمد أبوالحسن. والثاني كان مصاباً حملته سيارة اسعاف إلي المستشفي لكن المجرمين المحترفين أبو ألا أن يجهزوا عليه فذبحوه داخل سيارة الاسعاف ويدعي عاطف الجوهري. الإقدام علي ذبح المتظاهرين من الرقبة يدل علي أن مرتكب هذه الجريمة ليس شخصاً عادياً حتي ولو امتلأ قلبه حقداً ضد القتيل.. ولكنه يدل علي أنه قاتل محترف متمرس في الإجرام يقبل علي هذا الفعل بدم بارد دليلاً علي أنه تجرد من إنسانيته ليصبح آلة قتل بلا قلب أو عقل أو ضمير. ما ذنب شاب يافع ونابه ونجيب أهلته نجابته ليكون طالباً بإحدي كليات القمة. وزميله الشاب الذي لم نعرف مهنته أن يلقيا حتفهما بهذه الطريقة البشعة اللاآدمية؟! كيف تستقبل أسرتا الشابين الخبر. وكيف يكون وقعه علي الأم والأب والإخوة؟! لقد خرج الشابان ضمن من خرجوا للتعبير عن مطالب يرونها من وجهة نظرهم ضرورية لإصلاح مسار الثورة.. خرج الشابان عاريين من كل سلاح إلا سلاح الإيمان بأحقيتهما في التظاهر. لكن شياطين الجن ومردة الإنس أبو ألا أن تسيل دماؤهما لتروي أرض الحرية فتنبت المزيد من أشجار الثورة لتؤتي ثمارها عزة وكرامة لهذا الشعب. يؤلمني ويغيظني أن كل من يطفو فوق سطح السياسة الآن استنكروا بشدة المذابح التي جرت خلال اليومين الماضيين في ميدان العباسية ومحيط وزارة الدفاع.. الدكتور سعد الكتاتني رئيس مجلس الشعب أعلن أن هذه الأحداث لن تمر مرور الكرام. وحمل الحكومة والأجهزة التابعة لها المسئولية. المرشحون لرئاسة الجمهورية والأحزاب والقوي السياسية جميعهم أدانوا هذه المذابح.. وأعضاء مجلس الشعب.. وبعض المرشحين علقوا حملاتهم الانتخابية احتجاجاً علي قتل المتظاهرين. ولم يبق أحد من كل هذه الزعامات والتيارات سواء أكانوا أفراداً أو جماعات إلا رفع صوته بالإدانة والاستنكار والولولة!! ورأيي أن جميع هؤلاء مدانون.. وهم السبب الرئيسي في وقوع هذه المذابح وتكرارها.. لقد حرضوا جميعاً علي التظاهر. وأشعلوا نيران الغضب بين الشباب. وشجعوا علي المليونيات وحشد المواطنين من كل حدب وصوب للتوجه إلي ميدان العباسية ووزارة الدفاع بدلاً من التجمع في ميدان التحرير.. كل هذا بقصد إشعال نار فتنة بين الجيش والشعب ودفعهما إلي الصدام الدموي. إنهم جميعاً يفعلون الفعلة عن عمد وقصد ثم يتبرأون منها وينفضون يدهم من آثارها.. ثم يلعنون المتسبب.. وهم أصلا المتسببون والمحرضون والقتلة.. لأن منافعهم الشخصية وأهواءهم غلبت وتغلبت علي مصلحة الوطن. المجلس الأعلي للقوات المسلحة والشرطة أيضا مدانان.. كل منهما ترك الفريقين المتقاتلين يتصارعان ووقفا يتفرجان دون إرادة بالتدخل لحقن الدماء.. علي غرار ما كان موجوداً قبل الثورة عندما كان يتم الاتصال بشرطة النجدة لفض مشاجرة بين فريقين.. فترد الشرطة: لن نأتي إلا بعد أن تنتهي المعركة ويقع قتلي وجرحي من الجانبين!! لقد ذكرت الأنباء أن الجيش والشرطة أوقفا الاشتباكات بين المعتصمين ومجهولين!! بعد إيه؟! بعد أن سالت الدماء أنهاراً وتلبدت سماء مصر بغيوم تنذر بعواصف عاتية تأتي علي الأخضر واليابس؟! الأوراق مكشوفة منذ زمن بعيد.. والأغراض والأهواء لم تعد خافية.. الكل يتقاتل ليفوز بغنيمة الحكم.. وتباً لها من غنيمة تكون مصر ضحيتها أولاً وأخيراً.