التظاهر والاعتصام حق كفلته كافة القوانين والدساتير والاتفاقات الدولية في العالم.. ما عدا في مصر. لا يوجد لدينا قانون صريح مثل باقي الدول ينظم هذا الحق.. فقط عناوين صغيرة أو اشارات في دساتير مصر المتعاقبة تؤكد هذا الحق بلا تفصيلات.. تاركة الأمر كله لوجهات النظر والأغراض. الدليل.. اننا إذا اردنا تقييم أي مظاهرة مثلاً.. فسنجد فريقاً يؤيدها ولديه مبرراته وفريقاً آخر يدينها ولديه أيضا مبرراته.. لأن التأييد والادانة لا يستندان إلي قواعد واسس موضوعية واضحة ومحددة. من هنا.. غرقت البلاد في طوفان من المظاهرات والاعتصامات والمليونيات.. ولا أحد يمكنه القول ان المشاركين فيها "خوارج" أو مدانون يجب تطبيق القانون عليهم ومعاقبتهم.. لأنه ببساطة شديدة لا يوجد قانون ينظم حقهم أو يحاسبهم علي أي خروقات. ونظراً لعدم وجود قانون ينظم التظاهر والاعتصام.. فقد استباح الناس كل الأماكن لممارسة حقهم فيها.. بما في ذلك المناطق العسكرية رغم علم الجميع بمنع الاقتراب منها أو التصدير.. فما بالك وهذه المنطقة المستهدفة بالتظاهر والاعتصام هي وزارة الدفاع التي تضم القيادة العامة للجيش وغرفة عمليات القوات المسلحة التي تدار منها الحروب؟! إذا اعتبرنا التظاهر والاعتصام امام وزارة الدفاع خطأ كبيراً لطبيعة المكان ولتضرر الناس من غلق شارع الخليفة المأمون الحيوي.. فاننا ندين وبشدة قيام بعض المتضررين باصلاح هذا الخطأ الكبير بخطيئة اكبر في صورة مجازر واراقة دماء مصريين ارادوا التعبير عن رأيهم ومطالبهم بشكل خاطئ خاصة ان منع التظاهر والاعتصام امام المناطق العسكرية لا يوجد سوي في القانون العسكري الذي لا يعني أي مواطن عادي وان غلق الطرق يتكرر في العديد من المحافظات دون عقوبة تذكر. الحل.. ان يكون لدينا قانون مدني ينظم التظاهر والاعتصام.. قانون يحدد حقوقي وواجباتي.. أين أتظاهر وأعتصم في كافة المحافظات. وكيف. والتأكيد علي دور الشرطة في تأميني. وحقي في ان يستمع حكام البلاد من رئيس وحكومة إلي "صرختي" ودراسة طلباتي واتخاذ قرار فيها بالتنفيذ أو الرفض. وما هي الأماكن المحرم فيها ممارسة هذا الحق. والاجراءات والعقوبات التي يمكن اتخاذها ضدي إذا خالفت القانون.. وهكذا. نريد قانوناًً يجيب علي أي سؤال يعن في ذهن المتظاهر أو المعتصم مثل باقي بلاد الدنيا التي تحترم مواطنيها حتي يكون حق التظاهر والاعتصام "ثقافة" يمارسها الشعب وليس "هبة" يمنحها الحاكم وقتما شاء ويمنعها وقتما اراد.. الآن.. بعد كل ما حدث امام وزارة الدفاع علي مدي الأيام الماضية وسقوط قتلي وجرحي... وتصعيد علني مرفوض تماما سواء من المرشح المستبعد حازم صلاح أبوإسماعيل وانصاره. أو من نواب الإخوان الذين علقوا اعمال البرلمان دون سند قانوني وبأسلوب ديكتاتوري فج في سابقة خطيرة ودون أي اعتبار لأغلبية النواب الرافضين لهذا التعليق. أو ايضا من بعض الليبراليين الذين لا يدركون خطورة هذا التصعيد والاهداف الخبيثة للتحركات علي الأرض وفي الغرف المغلقة بمبني ارشاد الإخوان بالمقطم... بعد كل هذا.... اصبح ضرورياً ان يكون لدينا قانون لتنظيم حق التظاهر والاعتصام مع أنه لن يعجب التيار الإسلامي عامة والإخوان خاصة وسيحاولون وأده مثلما فعلوا مع المرسوم بقانون خلال حكومة عصام شرف. واجب الحكومة الآن ان تبادر باعداد هذا القانون فوراً وان تنشره عبر كل وسائل الاعلام المقروءة والمرئية والمسموعة كما اعدته.. ثم يوقعه المجلس العسكري ويقدمه للبرلمان بأقصي سرعة ليناقشه كما يشاء ويقول فيه رأيه كما يريد ويوافق عليه أو لا يوافق وليتحمل مسئولياته كاملة في ذلك امام الشعب حتي يعلم كافة المواطنين من الذي يريد الديمقراطية والاستقرار ومن الذي يريد الفوضي ويسعي إليها وما هي مصلحته منها بالضبط. حفظ الله مصر وشعبها