الدكتور شاكر عبدالحميد وزير الثقافة قال في حوار صحفي تعقيباً علي حالة الفوضي التي خلفها ميراث النظام السابق إن الوزير في هذه المرحلة أصبح "الحيطة المايلة". حيث يتلقي الانتقادات والهجوم من الجميع!! مضيفاً: انها مرحلة يصعب فيها إرضاء أي شخص. ومن السهل جداً أن يكون سلوك الناس عنيفاً وأن يتم توجيه السباب والاتهامات علي المواقع الإلكترونية لأي مسئول. والوزير كان يتحدث فقط عن توصيف الوضع الثقافي في البلاد. ولكن ما قاله في الواقع كان توصيفاً لحالة مصر كلها. حيث لم يعد الوزير فقط هو "الحيطة المايلة" ولكن كل مسئول أيضاً في أي موقع وفي كل مكان!! فالناس تريد حالياً مسئولاً يجيب بنعم فقط. وإن أجاب بالرفض تجمعوا وتظاهروا ضده وأخرجوا تاريخه وماضيه وعوراته. ولعنوه صباحاً ومساءً. وأجبروه علي أن ينحني وأن ينصاع لرغباتهم وليس مهماً من سيدفع الثمن!! وما يحدث في بلادنا حالياً لا علاقة له بالثورة أو التغيير. بقدر ما هو نوع من غياب الوعي الذي انتاب المجتمع كله. فتحولنا جميعاً إلي مجموعة من الغوغائيين الذين يتحدثون دون الاستماع للآخرين والذين غاب بينهم صوت العقل والحكمة. واختفي أصحاب الخبرة والعقول الواعية بينما تسيد المشهد أصحاب الحناجر والشعارات والباحثين عن الشهرة والنفوذ. ويقيناً فإنها ليست مرحلة العطاء والإبداع. بقدر ما هي مرحلة تصفية الحسابات وإفراغ مخزون الكبت والإحباط الذي ظل كامناً في النفوس عشرات السنين. ولأنهما مرحلة التنفيس. فهي مرحلة الفوضي الشاملة والاضطراب بكل معانيه. واختلاط الأوراق والمفاهيم وغياب كل معاني الحق والخير والعدل لأن أحداً لا يسمع إلا صوته. وأحداً لا يعتقد إلا في العدالة كما يراها. وأحداً لا يريد أن يهدأ وأن يعترف بأنه علي خطأ في تصوراته وأفكاره!! ولهذا لم يعد الوزير وحده هو "الحيطة المايلة". أصبح كل من يتصدي للفوضي وللبلطجة وللانحراف هو من يدفع الثمن. وهو من يتم التضحية به لإرضاء الأغلبية التي في كثير من الأحيان لم تعد علي الحق دائماً!! وكان رجال الأمن وما تعرضوا له من إهانات واعتداءات وسخرية جزءاً من هذا الواقع الجديد المؤلم. فالناس لم تدرك في بداية الأمر أن سقوط رجال الأمن وانهيارهم هو سقوط للمجتمع ككل. وهو ما يعني أن حياتهم في خطر. وأعراضهم في خطر. والوطن كله في خطر!! ولأن الناس أدركت ذلك متأخراً. فإنهم وقفوا ضد سقوط المؤسسة العسكرية أيضاً. وضد تشويه رجالاتها. وضد انهيار معنويات أفرادها. وكان الناس في ذلك علي قناعة بأن وجودهم أفضل مهما كانت أخطاء بعض السياسات ومهما كانت درجة الاختلاف. فأحداً لم يرد أن ينكسر الجيش أيضاً كما حدث للشرطة. فبلد بلا جيش ولا شرطة يصبح بلداً بلا وجود!! ولكن الناس مازالت في غيبوبة الفوضي المجتمعية. تتحدي القانون والنظام. وتمارس كل أنواع الانتهاكات الصارخة في حق الشارع والحي والوطن!! وإذا كان هناك من صورة لهذا الواقع العبثي الذي نحياه الآن فإنها صورة ميدان "الأوبرا". وقد كان ميداناً جميلاً براقاً. فاحتله الآن بائع البطاطا وبائع الخس. وسائقو الميكروباصات والسوزوكي وبائع الذرة المشوية.. وعربة اللب والسوداني. والباعة الجائلون الذين افترشوا أرض الميدان والشوارع المحيطة بهم. وانضم إليهم وافد جديد قبل عدة أيام بعربة برتقال يبيع ويقدم عصير البرتقال الطازج ويلقي بأكوام من "قشر" البرتقال بجواره. وكل واحد يفعل ما يحلو له.. وفوضي.. فوضي حتي النصر!! ولم يكن ميدان "الأوبرا" إلا مثالاً بسيطاً لتجاوزات أكثر وأعم وأشمل في المناطق والأحياء الشعبية التي صارت فيها أكوام القمامة تلالاً وجبالاً!! ويصبح السؤال: وماذا بعد؟!.. من يجرؤ علي تصحيح المسار. ومن يعيد للقانون هيبته واحترامه؟ إن كل حملة تقوم بها الشرطة لتحقيق الانضباط وإزالة الإشغالات والمخالفات تواجه بمقاومة عنيفة من الأهالي والمخالفين. ويسقط فيها ضحايا من رجال الشرطة الذين وصل عدد شهدائهم منذ الثورة إلي الآن أكثر من مائة شهيد في مواجهات مع البلطجية والخارجين علي القانون!! ولأن الشرطة قد أصبحت أيضاً من حزب "الحيطة المايلة" فإنها لا تستطيع استخدام القوة "المفرطة" لتنفيذ القانون. وتكتفي بالقوة "الرحيمة" خوفاً من المساءلة ومن لجان حقوق الإنسان الذين يبحثون ويتبنون دائماً حقوق الجناة. ويتجاهلون حقوق الضحايا وخاصة إذا كانوا من رجال الشرطة!! إننا في حاجة إلي أن نستيقط من الغفوة التي طالت وأن ندير حواراً حول إنقاذ الوطن قبل حوار الدستور. وأن نعيد هيبة ومكانة الدولة قبل انتخاب رئيس في هذه الأجواء لن يكون وضعه أفضل من الوزير. فلن يكون إلا رئيساً لحزب "الحيطة المايلة"!! ملحوظة أخيرة: البحري الجلاصي رئيس أحد الأحزاب التونسية طلب من المجلس التأسيسي لوضع الدستور التونسي أن يتضمن الدستور نصاً يحق بموجبه لكل تونسي اتخاذ جارية له إلي جانب زوجته وإلغاء أي قانون يجرم ذلك!! والشعب يريد جارية لكل مواطن.. ولن يتحقق هذا في دستورنا إلا إذا أصبح سعد الصغير رئيساً.. ودينا نائباً للرئيس!!