في يوم 8 ديسمبر سنة ..1948 توجه حسن البنا. مرشد جماعة الإخوان المسلمين إلي ديوان وزارة الداخلية. حيث استقبله عبدالرحمن عمار بك وكيل الوزارة.. وقال إنه علم أن الحكومة أصدرت قراراً بحل جماعة الإخوان المسلمين. أو هي علي وشك إصدار هذا القرار.. ولهذا فإنه يريد أن يبلغ محمود فهمي النقراشي باشا رئيس الوزراء أنه قد عقد العزم علي ترك الاشتغال بالشئون السياسية. وأنه كفيل بتوجيه رجاله في كافة الجبهات بالسير علي مقتضي هذا الاتجاه.. أي أن يتركوا الاشتغال بالسياسة.. وأبدي رغبته في مقابلته لإزالة الجفوة.. التي أثارها الوشاة. ثم جعل يبكي بكاءً شديداً وقال: إنه سيعود إلي مقره في انتظار تعليمات دولة رئيس الوزراء. وكان عبدالرحمن عمار قد سبق له أن قدم عدة مذكرات للنقراشي حول وقائع عديدة جاء في إحداها أن هناك اتهاماً بأن جماعة الإخوان قامت بتأليب أهالي منطقة كفر البرامون وتحريضهم علي التحرك للمطالبة بأجور أعلي وبإيجارات معتدلة. وحض العاملين بقرية مملوكة لوزارة الزراعة للإضراب من أجل الاستجابة لمطالبهم بتملك هذه الأرض. وتضمنت المذكرات الأخري اتهام الجماعة بنسف بعض المنازل في حارة اليهود رداً علي مذبحة دير ياسين في فلسطين. ونسف محل شيكوريل وأركو بشارع فؤاد. "26 يوليو حالياً".. وقد تضمنت مذكرة أخري اتهامات عديدة للإخوان باغتيال سليم حسن حكمدار القاهرة. وبإخفاء قنابل وذخيرة وأسلحة في المقطم. وكانت مجموعة من شباب الإخوان يتدربون في هذه المنطقة.. وقيل وقتها إنها من أجل فلسطين.. وكذلك اغتيال القاضي أحمد الخازندار الذي سبق له أن حكم بالسجن علي أحد الإخوان.. وقد بلغت مجموع الاتهامات 13 اتهاماً وعلي رأسها تهمة السعي إلي الوصول إلي الحكم وقلب النظم المقررة في البلاد بالقوة والإرهاب. وذلك كما جاء في كتاب "النقراشي" للدكتورة هدي شامل أباظة أستاذة الأدب الفرنسي بكلية الآداب جامعة عين شمس.. وذلك علي خلفية لبعض الوثائق والمستندات والرسائل التي كتبها النقراشي باشا. وبناءً علي هذه المذكرات الأمنية أصدر النقراشي باشا يوم 8 ديسمبر 1948 بصفته حاكماً عسكرياً أمراً بحل جماعة الإخوان المسلمين وشعبها وغلق الأمكنة المخصصة لنشاطها وضبط أوراقها ووثائقها وسجلاتها ومطبوعاتها ومصادرة أموالها.. وفور صدور هذا الأمر الذي صدر في الساعة الحادية عشرة مساء قام البوليس بمحاصرة المركز العام للإخوان وتم القبض علي كل من كان موجوداً بداخله. فيما عدا المرشد العام. وتم تعيين مندوب خاص من وزارة الداخلية لإدارة ممتلكات الجماعة لصالح وزارة الشئون الاجتماعية. وكان النقراشي علي يقين بأن القتل سيناله. وبالفعل تصاعدت موجات العنف بصورة لم تشهدها البلاد من قبل!! وفي صباح يوم الثلاثاء 28 ديسمبر 1948 تم اغتيال النقراشي وهو يتأهب لدخول وزارة الداخلية. حيث أطلق عليه أحد أعضاء الإخوان الرصاص. وكان متخفياً في زي ضابط بوليس.. فأرداه قتيلاً. وقال القاتل وهو طالب بكلية الطب البيطري.. إنه تلقي تعليمات من الجهاز الخاص بتنفيذ عملية اغتيال رئيس الوزراء رداً علي قراره بحل جماعة الإخوان المسلمين. وسجل التاريخ أن النقراشي هو أول من حل جماعة الإخوان. وجعل تواجدها غير قانوني ونشاطها محظوراً. ويقول أحد المستشرقين "ميتشيل" في دراسته لجماعة الإخوان إن حسن البنا كان يتفحص وجوه مستمعيه وهو يلقي خطبه. فيلاحظ أن أكثرهم قد تأثر بكلامه. وقالت الدكتور هدي في كتابها.. الذي صدر من أكثر من خمس سنوات.. "إننا نسمع اليوم أصواتاً تنادي بوجوب دفع الجزية بالنسبة للأقباط.. والغريب أننا سمعنا مؤخراً أن أحد أعضاء مجلس الشعب الأخير قدم اقتراحاً بإلغاء تدريس اللغة الإنجليزية!!