أعم إنجاز أفريقي وعربي حدث في القرن الماضي وربما الكثير من الشباب لا يعرف حجم هذا الانجاز العربي الافريقي وهو مشروع بناء السد العالي.. هذا الطراز المعماري الفريد وكذلك السياسي والتنموي والذي نقل مصر نقلة حضارية أخري وأدي إلي زيادة الرقعة الزراعية والنهضة الصناعية الكبري في مصر في مطلع الستينيات من القرن الماضي.. ولأن الثورات دائما ما تأتي بالخير للشعوب فثورة 23 يوليو أتت بإنجازات لا تحصي فإننا في انتار خيرات ثورة 25 يناير التي سوف تحقق طموحات الشعب المصري.. وإذا كان الشباب الذين بلغوا سن الأربعين لا يعرفون شيئاً عن تحديات بلادهم فسوف نلقي الضوء علي أكبر تحد حدث في ذلك القرن. فكرة البناء جاءت تلك الفكرة عندما قرر مجلس قيادة الثورة في 8 أكتوبر 1952 بقيادة الرئيس الراحل جمال عبدالناصر في بلورة دراسة وتنفيذ مشروع السد العالي وشكلت لجنة دولية تضم مجموعة من أكبر الأساتذة والخبراء العالميين المتخصصين في تصميم السدود وتنفيذها لتدرس امكانيات ومتطلبات المشروع وسلامته. في عام 1958 تمت بلورة الدراسات وعمل الأبحاث والتصميمات كمشروع ودبرت له امكانيات فنية واستثمارية وبشرية وفي 15 مايو 1964 تم تحويل التصرف الكامل لمياه النيل إلي قناة التحويل بالبر الشرقي وغلق مجري النهر في منطقة جسم السد حتي منسوب 5.132 متر. في 15 يناير 1971 تم الاحتفال بالانتهاء من إنشاء السد ومحطة الكهرباء الملحقة به. دراسات المشروع اشترك في الدراسات الاستكشافية الأولية والنهائية للمشروع مجموعة من أعم الخبراء العالميين المعروفين في بناء السدود من مهندسي وزارة الأشغال العمومية وبعض أساتذة الجامعات والقوات المسلحة المصرية.. من الخبراء الدولتين "هارزا" وستيل والبروفيسور كارل ترزاكي ودكتور لورانس ستراوب وهم من كبار خبراء السدود بأمريكا وكذلك سامتو من السويد وجاليولي من إيطاليا وأندريه كوين الخبير الفرنسي والهر ماكس بروس الخبير الألماني. هذا بالإضافة إلي مجموعة من الشركات والمؤسسات الدولية ذات الخبرة في أعمال السدود الكبري مثل شركة هوختيف الألمانية شركة "VBB" السويدية شركة كيرا الألمانية البيت الهندسي البريطاني "الكسندر جيب وشركاه" شركة سوجريا الفرنسية. تمويل المشروع قدرت التكاليف المبدئية الإجمالية للمشروع بمبلغ 416 مليون جنيه منها 35% نقداً أجنبياً لاستيراد المعدات اللازمة للإنشاء ومهمات محطة الكهرباء وخطوط نقل الطاقة والمساعدة الفنية.. عرض المشروع علي البنك الدولي للإنشاء والتعمير للمساهمة في المكون الأجنبي اللازم للتنفيذ ووافق البنك علي التمويل بعد أن قام خبراؤه بدراسات مستفيضة للمشروع أثبتوا سلامته من النواحي الفنية والاقتصادية وأهميته بالنسبة لبرامج التنمية في مصر ثم فجأة سحب البنك عرضه في 19 يوليو 1956 لأسباب سياسية وايديولوجية.. وفي 26 يوليو من نفس العام أعلن الرئيس الراحل جمال عبدالناصر تأميم شركة قناة السويس حتي يمكن الاستفادة من عائدها الذي يبلغ آن ذاك 100 مليون جنيه سنوياً كمصدر لتمويل المشروع وقد ترتب علي ذلك العدوان الثلاثي علي مصر في 29 أكتوبر .1956 في 27 ديسمبر 1958 عرض الاتحاد السوفيتي تمويل المرحلة الأولي للمشروع.. وتم توقيع اتفاقية قدم بمقتضاها قرضاً مقداره 8.34 مليون جنيه مصري لتمويل المرحلة علي أن يسدد القرض علي 12 سنة اعتباراً من 1964 بفائدة سنوية مخفضة 5.2% وفي 27 أغسطس 1960 تم توقيع اتفاقية أخري بين البلدين بقرض آخر مقداره 4.78 مليون جنيه لإتمام المرحلة الثانية علي أن يسدد القرض علي 12 قسطاً سنوياً اعتبارا من سنة 1970 بنفس شروط القرض الأول.. وقد تم سداد هذه القروض الميسرة في موعدها عن طريق تبادل الصفقات المتكافئة. تم تنفيذ المشروع علي مرحلتين أساسيتين: المرحلة الأولي: بدأ تنفيذ المشروع في 9 يناير 1960 حيث فجر الرئيس الراحل جمال عبدالناصر أول شحنة من المتفجرات لشق قناة التحويل. قناة التحويل تقع قناة التحويل في الضفة الشرقية للنيل وتتكون من قناة أمامة وقناة خلفية يصل بينهما الأنفاق الرئيسية الستة المحفورة في الصخر تحت الجناح الأيمن للسد ويبلغ الطول الكلي لقناة التحويل 1950 متراً منها 1150 طول القناة و485 متراً طول القناة الخلفية و315 متراً طول الأنفاق ومحطة توليد الكهرباء.. تسمح قناة التحويل بإمرار تصرفات من المياه قدرها مليار متر مكعب سنوياً. الأنفاق ولما كان قاع الأنفاق علي نفس مستوي قاع قناتي التحويل فقد أنشيء نفق للنقل طوله 603 أمتار وعرضه 10 أمتار وارتفاعه 5.7 متر متقاطعاً مع مجري الأنفاق الرئيسية الستة.. لاستخدامه كوسيلة مساعدة في حفر النصف العلوي من هذه الأنفاق. محطة الكهرباء بدأ تشييد محطة الكهرباء في 9 يناير 1963 وقد قام بتدشين أعمال صب الخرسانة المسلحة جمال عبدالناصر وفي الوقت الذي تم فيه تحويل مجري النهر عبر قناتي التحويل كان مبني محطة الكهرباء قد ارتفع 5.40 متر عن سطح الأساسات. بناء جسم السد بدأ ردم الصخور في جسم السد في 9 يناير 1963 أيضا واستخدام في أعمال نقل وردم الصخور مجموعة من الصنادل ذات حمولات تتراوح ما بين 250 إلي 500 طن ومن خلال محطات فرز الصخور أمكن الحصول علي الصخور المفرزة الأحجام المطلوبة أما الكثبان الرملية فكانت تنقل من شاطئ النيل الغربي بالتجريف الهيدروليكي إلي منطقة التشوين أو الردم مباشرة.. هذه بعض ما قدمته ثورة 23 يوليو من انجازات كثيرة نريد أن نري انجازات ثورة 25 يناير أن تعيد أمجاد مصر في الصناعة والبناء لا نريد تعطيل الانتاج ووقفات احتجاجية نريد عملاً بمعني الكلمة لنتفرغ من اليوم لبناء مصر الجديدة بعيدا عن العواطف.