لم اكن أبداً اتوقع واستعد لأن تسبقني أمي وتعود إلي الله.. وتلك ارادة الله العلي القدير.. فقد كنت دائما اطلب من الله أن اكون أنا الأسبق منها إليه.. ولكن أنت تريد.. وأنا أريد.. والله يفعل ما يريد. لقد عاشت أمي استاذي الأولي ومعلمتي ومانحة السعادة الأسرية والإنسانية ونهر العطف والحنان منذ وعيت علي الدنيا فقد كان والدي رحمه الله جاداً وطيباً في آن واحد.. كانت أمي هي الموجهة الأولي والمشجعة الأولي لي وكانت تدفعني دائماً للامام والنجاح وإلي تحقيق آمالي وطموحاتي في الحياة أذكر أنها كانت تشتري لي مجلة سمير وميكي وبسببها احببت الصحافة.. أذكر أنها عندما كانت تجدني اتابع الراديو في الخمسينيات اخذتني إلي ماسبيرو من أجل المشاركة مع أبلة فضيلة. كانت دائما تدفعني لكل ما هو ناجح حتي أول مرة اغادر فيها المحروسة إلي بيروت عام 1974 كانت هي السبب.. كان أبي حريصاً علي السير قدما نحو النجاح والسير في الطريق السليم.. ومثلما كان أبي الذي رحل وأنا في بداية مرحلة الشباب كانت أمي.. كان همهما الأول أن أكون مبعث سعادة وافتخار واطمئنان لهما. لم اكن اتوقع أبداً أن اصحو يوما ليقولوا لي البقية في حياتك.. أو البقاء لله.. أبداً لم اكن اتوقع.. ولكن ذلك اليوم المبارك الجمعة وكنت معها الأربعاء وقبلتها وقلت لها ادعي لي.. لم اكن ادري أنني لن أراها بعد الآن.. قمت بتصويرها بالمحمول ولم اكن ادري أنها الصورة الأخيرة لروحي في الحياة قبل أن تصعد إلي بارئها.. ايقظوني الجمعة في التاسعة علي الخبر الأليم وكان شقيقي الأكبر عبدالفتاح قد نقلها إلي المستشفي الخميس لتفيض روحها الطاهرة إلي بارئها وتتركني وحدي اهيم علي وجهي ما بقي من عمري بدونها. اعذروني.. إنها الماء والهواء لقد كسر ظهري الذي استند عليه.. دائما كانت تدعو إلي دائما كانت تنصحني بأن أكون قريبا من الله فكانت هي أقرب مني.. اعذروني فقد رحل القلب الطيب الحنون.. رحلت الابتسامة والدعابة رحلت الدعوات.. قبل عيد الأم الذي دائما مع عيد مولدها كنت دائماً اقدم لها ابياتا من الشعر تفاجأ بها تحت وسادتها كانت تنتظر مني الهدية.. كلمات بسيطة اقدمها لها بدون أي هدايا اشتريها.. كانت تلك الكلمات تنتطرها في العام مرتين.. أما وقد بدأ العام الجديد فلم يمهلني القدر أن أكتب لها شعراً في عيد الأم.. ولكن سأقول لربي.. اللهم ادخلها فسيح جناتك.. واعطها بكرمك وانر عليها ظلمات القبر.. وارض عنها وعنا.. و"إنا لله وإنا إليه راجعون" "يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلي ربك راضية مرضية فأدخلي في عبادي وادخلي جنتي" صدق الله العظيم واقرأوا لها الفاتحة.