قترب من استجلاء الحقيقة في أحداث ستاد بورسعيد.. وكلما اقتربنا من هذه اللحظة التي يترقبها الجميع. حتي تهدأ المشاعر وتسود العدالة. ويذهب الجناة وراء القضبان.. كلما اقتربنا من هذه اللحظة زادت نعرة التهديد والوعيد من نواب بورسعيد. ومن الفئات المختلفة. بأن بورسعيد لن تقبل أن يعاقب المصري بالهبوط إلي القسم الثاني. وإن الدنيا ستقوم وتهيج مرة أخري إذا تجرأ اتحاد الكرة باتخاذ هذه العقوبة. استناداً إلي قرار الاتهام من النيابة العامة. لتحديد الجرم الذي ارتكبته العناصر القاتلة.. وهي عقوبة متوقعة وسبق أن أشرت إليها في "المساء الأسبوعي" قبل اسبوعين. لأنها عقوبة واردة في لوائح الفيفا. وليس في لوائح الاتحاد المصري.. وما يعتمده الفيفا ملزم لكل الاتحادات الوطنية. وأتعجب لهؤلاء النواب المحترمين الذين يهيجون ويتوعدون.. ونسوا أن هناك 74 شهيداً وعشرات المصابين سقطوا بأيدي مجرمة في ستاد بورسعيد.. ورأيي الشخصي أنهم يتاجرون بالقضية علي أبناء بورسعيد أنفسهم ويعرضونهم للخطر الشديد. بأحاديثهم المثيرة للنعرات وزيادة العصبية. وغير منتبهين أن أحاديثهم تلك ستكون سبباً للمزيد من الضحايا في المستقبل. سواء عادت مسابقة الدوري لتستكمل هذا الموسم. أو ألغيت لتعود مع الموسم الجديد.. فعقوبة الهبوط إلي القسم الثاني فيها نجاة للمصري وجماهيره معاً.. فكيف ذلك؟! فوجود المصري في نفس المسابقة مع الأهلي. مثل وجود البنزين بجوار النار الملتهبة فنزيدها لهيباً واشتعالاً.. فتلك الأحداث لن تنسي بمجرد صدور قرار الاتهام من النيابة ومحاكمة بعض العناصر المتهمة. وستظل الرغبة الانتقامية موجودة لدي الشباب المتحمس من هؤلاء أو هؤلاء.. فكيف سيلتقي الأهلي مع المصري مرتين في الموسم. ومن الذي يضمن للمصري الأمان في أي ملعب آخر. حتي لو كان الأهلي ليس الطرف الآخر في نفس المباراة.. فجماهير الأهلي موجودة في الإسكندرية والمحلة والمنصورة ودمياط والشرقية وكل محافظات الصعيد.. فهل يمكن ضمان الأمن للمصري وجماهيره في نفس المسابقة.. كما أن حجم الكارثة الدامية يستوجب عقوبة مناسبة. لمسئولية المصري عن تنظيم المباراة. حتي لو كان هناك قصور أمني نشهد به جميعاً.. وقد عوقب نادي الزمالك عن موقعة "الجلابية" رغم أن لاعبي الزمالك لم يرتكبوا أي خطأ في مباراتهم مع الأفريقي.. مع الفارق الرهيب. لأن موقعة الجلابية لم يسقط فيها قتيل واحد. بينما سقط في ستاد بورسعيد 74 قتيلاً وعشرات المصابين. أرجو أن يهدأ نواب بورسعيد. ويعلموا أن صياحهم تحت القبة وفي أبواق الإعلام المختلفة يؤذي مدينتهم وشعبهم أكثر مما يفيد. لأن هذا الصياح يجعل الجميع في حالة تربص واحتقان. مثل قولهم إن إعلام جمهورية الأهلي يريد أن يذبح المصري وبورسعيد.. وليتركوا الأمر لأصحاب القرار في اتحاد الكرة والفيفا ليقولوا كلمتهم. ولديهم بعد ذلك لائحة الانضباط في الفيفا والمحكمة الرياضية الدولية. كي يعترضوا علي أي قرار لا يرونه عادلاً.. أما القول بأن التهديد بتصرفات هوجاء وعرجاء لو وقعت أي عقوبة علي المصري. فإن في مثل هذا الكلام تأكيد علي أنهم يريدون أن تمر الجريمة بلا محاسبة ولا عقاب.. وتلك في حد ذاتها جريمة ضد المجتمع كله. لأن ماحدث في ستاد بورسعيد اهتز له وجدان كل المصريين. وكان له صداه في كل انحاء العالم. أهدأوا أكرمكم الله.. وأعلموا أن دوركم الوطني أهم بكثير من انتمائكم الإقليمي. وأن اللعب علي ملامح العنصرية والعصبية. ستكون عواقبه وخيمة جداً.. ولنتذكر أن ما حدث كان في مباراة كرة قدم. ولا تريد للمأساة أن تتسع. ولآلامنا أن تدمي من جديد.. فهبوط المصري. ليس هو القضية. إنما القضية في القصاص لهؤلاء الشهداء الذين غدر بهم في ستاد بورسعيد. وأيضاً في حالة الاحتقان. التي اتوقع أن تبقي حتي تصدر أحكام عادلة ضد كل الجناة. وتثبت براءة شعب بورسعيد. والمدينة الحرة. وليسوا في بورسعيد وحدها.. ولكن هناك من يتحدثون باسم الأهلي أو جماهيره أو الالتراس بغير عقل. ويؤكدون أن القصاص ليس هو هدفهم وإنما الانتقام من المجتمع كله.. ومثل هذه النغمة يجب أن تتوقف ويتصدي لها العقلاء. لأن "شوية عيال" لن يسقطونا في مأساة أخري تبكينا وتدمينا. واتقوا الله في الوطن والناس.