ربما يكون قرار المجلس العسكريي بتحديد يوم 3 مارس القادم موعداً لاختيار أو انتخاب لجنة المائة المنوط بها وضع الدستور الجديد خطوة أخري نحو الاستقرار الذي نفتقده ونتوق إليه ولكن المهم هو أن تتفهم القوي السياسية داخل البرلمان بمجلسيه وخارجه وخاصة المتنفذة منها طبيعة المهمة الملقاة علي عاتقي والظروف والملابسات المحيطة بها وبمصر حتي تأتي هذه اللجنة ومن ثم الدستور ذاته تعبيرا حقيقيا عن طموحات هذا الشعب الذي صبر طويلا وضحي كثيرا بعيدا عن فكرة المحاصصة والحزبية والطائفية والمذهبية التي تهدد مستقبل هذه القوي الأساسية ومصر كلها. المؤكد أن الدستور وثيقة يجب أن تكون معبرة عن جموع هذا الشعب بمسلميه ومسيحييه. الممثلين داخل البرلمان الحالي والذين لم يمثلوا داخله وأن يكون هذا الدستور باعتباره القانون الأعلي والأساسي عاما ومحايدا ومجردا وواضحا تماما لا يحتاج فيما بعد إلي شروح أو تأويلات وهو ما لن يحدث إلا إذا كانت اللجنة المنوط بها وضعه وصياغته ممثلة لكل أطياف هذا المجتمع وفقاً لمعايير موضوعية لا علاقة لها بأغلبية ولا بأقلية ولا باتجاه دون اتجاه أو تيار دون تيار حتي لا يبق هذا الدستور عرضة للتغيير إذا تغيرت الأغلبية في أي انتخابات قادته أو ساد تيار أو اتجاه آخر غير السائد الآن في أي وقت كان. ولعل مسألة الدستور بالذات وبالتالي تشكيل اللجنة تكون الاختبار الحقيقي للقوي السياسية المتفاعلة علي الساحة المصرية الآن وخاصة ذات الوزن الثقيل منها. فإما تثبت أمام هذا المحك العملي انها قوي وطنية وقومية وإنسانية فعلاً وإما تثبت انها أنانية تحرص علي استغلال الفرصة الأمنية بشكل انتهازي لن يغفره لها الشعب. وإذا كانت بعض هذه القوي ستتعامل مع تشكيل اللجنة وربما مع الدستور علي أساس نسبة تمثيلها في هذا البرلمان كما حدث مع اختيار هيئات مكتب اللجان النوعية داخل البرلمان مع محاولة وهمية للتجمل بالتنازل عن هذه اللجنة أو تلك فإن هذا الأسلوب سيؤكد رغبتها في الاستحواذ والسيطرة وسيرسخ الاتهامات الكثيرة لها بالانتهازية واستغلال الفرض وسيصممها بصفات لن يمحوها ماء المحيطات علي الكرة الأرضية كلها. فلجان المجلس شيء والدستور شيء آخر لأنه كما هو المفروض فوق الجميع وللجميع ونحن والتاريخ في انتظار أداء هذه القوي في هذا الامتحان الصعب جداً وسنري.