علي الرغم من ان مصر تعد إحدي الدول النامية التي تمثل المعونات الخارجية لها أهمية كبيرة في تنفيذ الخطط والبرامج التنموية إلا ان تفاقم الأزمة الأخيرة بينها وبين الولاياتالمتحدةالأمريكية والتهديدات بقطع المعونات علي خلفية قضية التمويل الأجنبي للجمعيات ومنظمات المجتمع المدني مصر يثير العديد من التساؤلات حول الآثار المتوقعة لقطع تلك المعونات في حالة حدوثه علي الاقتصاد المصري خلال تلك المرحلة الحرجة وهل يكون غياب المعونة دافعا لانطلاقة جديدة للاقتصاد القومي في ظل اعتراض الرأي العام المصري علي تقبل تلك المعونة بشروط أمريكية قد تكون مجحفة. الجواب يبدو واضحا لدي د. حمدي عبدالعظيم الخبير الاقتصادي والمدير الاسبق لأكاديمية السادات للعلوم الإدارية الذي أكد ان المعونة الأمريكية لمصر ضررها أكبر من نفعها مشيرا إلي انها أثرت سلبيا علي قطاعات اقتصادية واسعة خاصة الزراعة والصناعة. أوضح عبدالعظيم: أمريكا لديها القانون رقم 480 الخاص بمعونات القمح يتحكم سياسيا في الدول التي تتلقي المعونات.. وجعل للأمريكان سلطة علينا في تحديد نوع المحاصيل التي ستتم زراعتها وحجم المزروع منها الأمر الذي تسبب في تدهور الزراعة المصرية بشكل كبير علي مدار عقود ماضية في مقابل التوسع في مجال الاستيراد.. حتي ظهر الإهمال الواضح في توفير عنصر الأمن الغذائي وجعلنا نستورد 60% من غذاء المصريين في ظل اتساع نطاق الفجوة الغذائية التي نمر بها يوما بعد يوم. أضاف ان المعونات الأمريكية كانت تتحكم في شكل وهيكلة الصناعة المصرية حتي أثرت سلبا علي المجال الصناعي خاصة الصناعات التحويلية تحت ذريعة الخصخصة.. حيث ان تلك الصناعات مثل "الغزل والنسيج والمواد الغذائية والصناعات الخشبية والالكترونية والهندسية والكيماوية والسلع المعمرة.. وغيرها" كانت تساهم في تشغيل أكبر قدر من العمالة فضلا عن تشغيل كافة عناصر الانتاج. وبدوره أكد د. صلاح جودة مدير مركز الدراسات الاقتصادية ان المعونة الأمريكية لمصر تكون دائما مشروطة وتحقق مصالح الأمريكان بنفس قدر استفادتنا وربما أكبر وتؤثر سلبا علي الاقتصاد القومي لمصر.. وتستهدف السيطرة علي مقدرات تسليح الجيش المصري لضمان تفوق الترسانة العسكرية الصهيونية علي جيوش دول الجوار العربي ومن ضمنها مصر. أضاف انه في حال تنفيذ الأمريكان تهديداتهم بإلغاء المعونة سوف تتمكن مصر من النهوض الاقتصادي والعسكري وسيكون بإمكانها زراعة القمح بوفرة مما يحقق الاكتفاء الذاتي بالإضافة إلي الأمن الغذائي المنشود. أكد جودة ان الغاء المعونة الأمريكية لا يؤثر علي الاقتصاد المصري بشكل ملحوظ.. لأن المعونة منعدمة الأثر علي الاقتصاد المصري فهي لا تمثل شيئا يذكر في الناتج المحلي الإجمالي لمصر.. حيث لا تمثل سوي 5% من إجمالي الناتج القومي المصري والذي يقدر بنحو 250 مليار دولار سنويا. أشار جودة إلي أن الولاياتالمتحدةالأمريكية أقدمت علي تخفيض معونتها لمصر في عام 1998 من مليار دولار حتي وصلت إلي 250 مليون دولار.. ويتم تقديم المعونة العسكرية لمصر في شكل أسلحة ومعدات وأجهزة عسكرية.. وفي المقابل تحصل اسرائيل علي معوناتها العسكرية والاقتصادية في صورة نقدية وفقا لما تم الاتفاق عليه مع الرئيس الأمريكي جيمي كارتر علي خلفية معاهدة السلام مع مصر عام ..1979 والتي ركزت علي التزام أمريكا بتقديم معونة اقتصادية لمصر تقدر بنحو 1.2 مليار دولار سنويا منها 815 مليون دولار معونة اقتصادية والباقي عسكرية. أوضح جودة ان التبادل التجاري بين مصر وأمريكا في صالح أمريكا منذ عقدين من الزمان.. ولذلك فإن واشنطن حريصة علي عدم قطع المعونة.. فضلا عن ان أصحاب القرار هناك يعلمون جيدا ان قطع المعونة يعني عدم خضوع مصر لهيمنتهم وعدم معرفتهم بمدي قوة تسليح الجيش المصري مستقبلا.. بجانب قدرة مصر علي الاكتفاء الذاتي من القمح ومعظم الصناعات الغذائية بدون أي ضغوط.. فضلا عن ان مصر تستطيع أن تستعين بالتكنولوجيا الواردة من دول شرق آسيا خاصة الصين واليابان وإيران والهند كبديل للتكنولوجيا الأمريكية. كانت فايزة أبوالنجا وزيرة التخطيط والتعاون الدولي قد أكدت ان شعب مصر لن يقبل وصاية أو فرض شروط من أحد ولن يقبل بأي تهديدات أو شروط أمريكية.. موضحة ان المساعدات الأمريكية لمصر ليست هبات ولا منحاً ولكنها مبنية علي المصالح المشتركة بين البلدين.