بسم الله الرحمن الرحيم.. هذا خير ما نبدأ به الاحتفال بمرور العام الأول علي ثورة الشعب المصري التاريخية ضد الظلم والطغيان والديكتاتورية.. علينا أن نتفاءل. ونوقن أن الغد سيكون أفضل من اليوم بإذن الله.. علينا أن نثق في قدراتنا نحن الشعب. وندرك أن الحرية التي بدأنا نتنسم هواءها سوف تثمر عملا خلاقا ومبدعا لنعيد مصر إلي مكانها الطبيعي.. دولة بناءة معطاءة تنشر الخير لكل الأشقاء. حتي لو تنكروا لها في الأيام الصعبة. أثق أن غيامات الانتهازية التي تتناثر في سماء حياتنا الآن سوف تنقشع. وأن الزبد الذي يطفو فوق مياهنا سوف يذهب جفاء وأن جدية العمل سوف تحل محل الفوضي التي تمارس تحت غطاء الثورية.. وأن كفة الميزان سوف تعتدل لتقريب الفوارق بين الطبقات.. وأن المستقبل يحمل إلينا بشريات كثيرة بشرط أن نضع أهدافنا نصب أعيننا ونقضي علي كل المعوقات التي تقيد حركتنا. هذه امنياتنا التي نبني تفاؤلنا عليها.. وهذا يعني أن ننبذ من حياتنا كل التصرفات الشاذة.. لا يمكن لشعب أن ينهض اذا اقتحم أفراد أو جماعات منه مقر المحافظ يوجهون شتائم وسبابا إليه ويقذفونه بالأحذية ويشهرون الأسلحة البيضاء في وجهه.. هذا تشويه للثورة التي حررتنا من جبروت فرد وزمرته.. ليست هذه ثورة ولا تصرفا يليق بشعب له تاريخ وله حضارة.. هذه التصرفات همجية بمعني الكلمة تعيدنا للخلف سنوات وسنوات. لا يمكن لشعب أن يحقق مبتغاه اذا لم يكن تفكيره عقلانيا لا عاطفيا.. الشعارات التي يرفعها البعض منا براقة لكنها في مضمونها جوفاء.. هناك دعوات باسم الثورة لتسليم السلطة إلي مجلس مدني مكون من أشخاص محددين ومعروفين.. هؤلاء الذين يرفعون هذا الشعار لا يسندهم أي منطق ولا أية حجة.. هو مجرد طلب يعبر عن وجهة نظرهم فقط في الوقت الذي يتجاهلون فيه رأي ثمانين في المائة علي الأقل من أبناء الوطن!! كيف يتم نقل السلطة إلي مجلس رئاسي مدني لمدة ثلاثة أشهر. ثم بعد ذلك ينتهي دوره بانتخاب رئيس جديد للجمهورية؟! ماذا سيفعل هذا المجلس خلال هذه الفترة الصغيرة.. سوف تكون فترة معدومة الأثر في حياتنا لا تخلف غير البلبلة والاضطراب.. مطلب- كما قلت- ليس له منطق ولا حجة. ولا هدف له إلا الظهور الاعلامي وخطف الثورة من مفجريها الحقيقيين!! نريد في هذه الفترة أن نعقل ونتعقل.. نريد أن نضع أقدامنا علي أرض ثابتة لنسير في طريق مرسوم وممنهج منهجا علميا مدروسا يوصلنا إلي الهدف الذي يرضينا ويحقق أمانينا. انني بصراحة أتساءل: أين هم الآن صناع الثورة الحقيقيون.. أنا متأكد لأنهم ثوار حقيقيون قد لزموا أعمالهم ولأنهم ثوار حقيقيون يدركون أن أهداف الثورة كلها لا يمكن أن تتحقق بين عشية وضحاها.. بل لابد من خطوة أولي تتبعها خطوات.. وبرنامج ينفذ علي مراحل.. الذين يملأون الساحة الآن ضجيجا باسم الثورة ليسوا هم الثوار الحقيقيين.. انهم شراذم خطفوا الشعلة من مشعليها ليثبتوا لأنفسهم حقا ليس مستحقا لهم. لو أراد الله سبحانه وتعالي أن يخلق السماوات و الأرض وما بينهما في لحظة واحدة "كن فيكون" لفعل.. ولكنه جل شأنه اراد أن يعلمنا كيف نفكر.. ويسبق تفكيرنا عملنا فخلقهما في ستة أيام. نحن نريد الآن أن يعلو الصوت العاقل لا الصوت الزاعق..لا نريد أن نكون "كمثل الذي ينعق بما لا يسمع إلا دعاء ونداء صم بكم عمي فهم لا يعقلون". صدق الله العظيم