سوف تجري انتخابات مجلس الشعب غداً.. وفي هذا اليوم "يوم الانتخاب" يكرم المرشح أو يذهب بلا إياب!! ستهدأ مصر تماماً بعد غد إلا من احتجاجات هنا أو هناك.. واتهامات بالتزوير.. وندم بعض المرشحين الذين أسرفوا في الدعاية وفي الانفاق ولم يحصدوا إلا الرسوب والفشل. كل الأنظار والاهتمامات مركزة علي النتائج التي ستسفر عنها عملية الاقتراع.. والتكهنات كثيرة.. ولكن هناك اطمئناناً بأن الغالبية والغلبة ستكون للحزب الوطني. والقليل من المقاعد المتناثرة ستكون لعدد من الأحزاب يعد علي الأصابع.. وسوف يخرج الإخوان هذه المرة بصفر كبير. ولو خرجوا بثمانية مقاعد يكون الحظ قد وقف بجانبهم. المهم بعد انتهاء هذا المولد يجب أن نتوجه بكل كياناتنا لما هو أهم. وليس أهم من حياة المصريين.. والنيل هو شريان هذه الحياة بالفعل. ونرجو ألا يكون الوقت قد فاتنا لنحافظ علي هذا الشريان. تصريحات ميليس زيناوي رئيس وزراء أثيوبيا المناهضة لمصر يجب أن نتوقف عندها ولا تمر مرور الكرام.. لم يكن هناك ما يبرر هذا التصريحات وخاصة فيما يتعلق بقوله: إن مصر لن تستطيع أن تربح الحرب ضد أثيوبيا!! فمصر لم تتحدث أبداً ولم تشر من قريب أو بعيد إلي أنها ستلجأ إلي الحرب للحفاظ علي حصتها من مياه النيل.. بل نتحدث عن مفاوضات للوصول إلي حل في ظل اتفاقيات دولية مقررة وموثقة منذ عشرات السنين. مصر التي قادت التحرر الأفريقي من الاستعمار ودفعت الثمن غالياً من خزينتها ومن دماء أبنائها من خلال مؤامرة دنيئة حبكتها ضدها الدول الاستعمارية عام ..1967 لا يمكن لمصر هذه أن تقلب ظهر المجن لشقيقاتها الأفريقيات. لكن في رأيي أن تصريح زيناوي عن الحرب يحمل في طياته الكثير عن دور إسرائيل في منطقة منابع النيل. وفي أثيوبيا بالذات التي ينبع من هضبتها 85 في المائة من مياه النهر. هذا التصريح الغريب له دلالة بأن لإسرائيل دوراً لا يقتصر علي اقامة السدود لتحويل المياه فقط. وإنما تلعب دوراً عسكرياً خطيراً مع أديس أبابا وبتعاون مع أمريكا أو علي الأقل برضاها.. فالهدف محاصرة مصر وخنقها من الجنوب.. وما تفتيت السودان إلا حلقة من حلقات هذه السياسة التآمرية. والسؤال هنا: هل تأخرنا كثيراً في التنبه لهذه المؤامرة؟ هل تلهينا بأمور أقل أهمية عن تلك المشكلة الحساسة؟.. لقد لفت انتباهي تصريح للدكتور بطرس بطرس غالي رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان في برنامج حواري حيث سأله مقدم البرنامج عن الشيء الذي فشل فيه فأجاب: لقد فشلت في اقناع وزارة الخارجية بأن يكون اهتمامها الأول في سياستها الخارجية موجهاً نحو أفريقيا وبالذات دول منابع النيل!! كلام الدكتور غالي يحمل الكثير من المعاني بين السطور. ونرجو ألا تأخذنا مشاكلنا الداخلية عن شريان حياتنا. انتهت الانتخابات ويجب أن نبدأ العمل فنهر النيل أهم من أي حصانة.