- استطاع المايسترو "أحمد الصعيدي" أن يقدم برنامجاً في ليلة الكريسماس يتناسب مع هذه المناسبة ويستثمر من خلالها امكانيات فرقتي السيمفوني والكورال ومهارات عدد من العازفين السوليست المتميزين وأيضا بعض نجوم الغناء الاوبرالي وذلك من خلال أعمال ليست ذات قيمة في الموسيقي الدينية فقط وإنما تعد من عيون التراث العالمي مما جعل هذا الحفل من حيث القيمة الفنية من أهم حفلات عيد الميلاد الكثيرة التي قدمتها دار الاوبرا في الآونة الاخيرة. الموسيقي لها قداسة في الكنيسة الكاثوليكية في أوربا ومنها كان التطور الموسيقي حيث كان الموسيقيون يلحقون بالعمل هناك ويبدعون أعمالا موسيقية خصيصا لها وكانت البداية تعتمد علي الاصوات البشرية فقط "الاكابيلا" ثم بدأت تظهر آلات موسيقية مع هذه الاصوات وتطور الامر علي مر العصور وأصبح كبار الموسيقيين يبدعون الموسيقي الدينية لاوركسترات كبري وانتقلت من مجرد العزف في الكنائس لمصاحبة الترانيم إلي تقديمها في قاعات الكونسير حيث قدرتها التعبيرية أصبحت تخاطب مشاعر انسانية عامة تنادي بها معظم الاديان. "عيد الميلاد" المايسترو الصعيدي في هذا الحفل قدم لنا عملين بدأهما بقداس عيد الميلاد للمؤلف الألماني يوهان سبيستيان باخ "1685-1750" الذي يعد من اعلام الباروك. كان الموسيقار الفذ التي مهدت ابداعاته المتطورة للعصور التي تليه الكلاسيكي والرومانسي وهذا القداس "الاوراتوريو" كتبه عام 1734 في 6 اجزاء مستقلة ليقدم في فترة عيد الميلاد الجزء الاول يوم 25 ديسمبر والثاني يوم 26 والثالث يوم 27 والرابع في أول يوم في العام الجديد والخامس في الاحد الاول بعد العام الجديد والسادس في عيد الغطاس "طبقا لتقويم الكنيسة الغربية". اختار الصعيدي الجزء الاول الذي جاء مناسبا حيث تم عزفه في ليلة الكريسماس كما انه من اجمل المقطوعات تعبيرية ومبهجة حيث يصور ميلاد السيد المسيح.. كما انه من الاعمال التي تتميز بتنوع جميل اداه الفريق بجمال بداية من العمل بالافتتاحية المهيبة الذي يؤديها الكورال مع آلات الايقاع والترومبيت وبغناء نجمة الاوبرا جولي فيظي التي كانت مفاجأة أدائها الواعي الملئ بالاحساس وحرصها علي طبقة "الألتو" مع جمال صوتها لقد شعرت انهاأحد النجوم العالميين. أيضا كان أشرف سويلم "الباص" اختياراً رائعاً فهو ذو خبرة كبيرة وأداؤه علي درجة عالية من الدقة والاتقان وأيضا حلاوة الصوت والجميل ان الاثنين التزما بطبيعة الغناء الديني الهادئة ذات الاداء في الطبقات المنخفضة. أما التينور الشاب هشام الجندي أري انه من ايجابيات هذا الحفل حيث اننا نفتقد هذه الطبقة والمغنين الذين يغنون فيها لايأخذون فرصتهم مثل هذا الشاب الذي شدا لنا يشكل جيد يجعلنا نشكر المايسترو الصعيدي انه اعطاه الفرصة لنتعرف عليه ويمثل اضافة للساحة الاوبرالية. هذا العمل يميزه ايضا عزف بارز وهام ومعبر لآله الفاجوت التي برع فيها العازف الشاب لمثقف تامر فهمي وأيضا آلة التشيللوا الذي عزف عليها ببراعة العازف محمد صلاح. هذا العمل مثل معظم الاعمال الدينية الكورال بطل متوج وعليه عبء كبير وقد نجحت مايا جيفنيريا في تدريبه وجاء الأداء جيدا رغم انه يقدم هذا العمل الضخم لأول مرة أما الاوركسترا سبق له تقديمه مع كورالات أجنبية وهذا الحفل يمثل عودة حميدة للأعمال الجادة ذات القيمة الفنية الراقية التي يؤديها هذا الكورال بعد ان استخدموه كثيرا في الاعمال الخفيفة.. وعلي فكرة هذا الكورال من أهم الانجازات ويجب ان يوضع علي الخريطة وتكون له حفلات خاصة به.. "هاندل في ثوب موتسارت" العمل الثاني في البرنامج كان مقتطفات من اوراتوريو المسيح لموسيقار عصر الباروك أيضا ج. ف. هاندل "1685- 1759" ويعد من الاعمال الشهيرة والذي قدم عدة مرات في حياة مؤلفة كان أخرها عام 1750 وهذا العمل من الاعمال ذات القيمة الموسيقية العالية تناوله العديد من الموسيقيين في العصور التالية بإعادة الصياغة وكان من أولي هذه المحاولات إعداد موتسارت "1756- 1791" الذي قدمه تحت قيادته عام 1789 في المكتبة الامبراطورية بفيينا والتي قدمها الصعيدي في هذا الحفل والتي يتم عزفها في مصر لأول مرة. هذه النسخة حاول موتسارت إعطاءها طابع الفترة الكلاسيكية فحذف "الباص المتصل" وأضاف عددا من آلات النفخ الخشبية والنحاسية والوتريات والتيمباني وهذه الاضافات واضحة في الافتتاحية وفي حركة "السينفونيا الرعوية" وفي الجزء الختامي وقد نجح موتسارت في الاحتفاظ بمعالجة هاندل الدرامية والتي تعد من ميزات العمل الاصلية. العمل أختار منه الصعيدي 11 جزءاً تمثل أجزاء هامة ومعظمها أداء منفرد للألتو والباص وجاء الاداء بشكل عام طيب يستحق عليه الجميع التحية والتقدير..