من أقدموا علي جريمة إحراق المجمع العلمي المصري. بما يحويه من مخطوطات وكتب ووثائق. هي جزء مهم من تاريخنا وذاكرتنا القومية.. هل كانوا يدركون بشاعة الجريمة التي أقدموا عليها؟ البنايات في المنطقة كثيرة. فلماذا أصروا علي إحراق هذه البناية. حتي اطمأنوا إلي تدميرها تماماً. بل إنهم كما أثبتت أقوال الشهود رفضوا كل المحاولات التي استهدفت إيقاف الخطر. بعيداً عن الاتهامات المتبادلة حول الأحداث التي شهدتها المنطقة ما بين مجلس الوزراء وميدان التحرير. فإن تدمير المتحف العلمي المصري يفوق في بشاعته وخسته ما لحق بتاريخنا القومي من إساءات وتشوهات. لقد نالت الحرائق خلال العقود الماضية والماس الكهربائي. أو المجهول. هو الفاعل في كل مرة من مواقع ووثائق تاريخية قيمتها خارج التقديرات المادية.. أهمها مبني بورصة الإسكندرية الذي أعلن جمال عبدالناصر من شرفته تأميم قناة السويس. مبني دار الأوبرا القديم الذي توالت عروضه منذ أوبرا فردي تقدم فنون الأوبرا والأوبريت والمسرحية. وحتي الأغنية الفردية. في أبرز تجلياتها. المسرح القومي الذي أنقذ بمعجزة من بشاعة التدمير. مبني مجلس الشوري القديم الذي يعود إلي بدايات التمثيل النيابي في بلادنا.. والأمثلة للأسف كثيرة. من السهل أن ننسب جريمة إحراق المجمع العلمي إلي مجموعة من المندسين بين شباب التحرير. فعلوا ما حصلوا علي مقابله من جهات ممولة. سواء في الداخل أو الخارج.. لكن أصابع الاتهام يجب أن توجه إلي الإهمال واللامبالاة. بحيث نحتفظ بأهم كنوزنا التاريخية في مبني قديم يخلو من وسائل الأمن الحقيقية. وأيضا إلي الجهات المحرضة التي أشار إليها الجميع المجلس العسكري والوزارات المعنية ووسائل الإعلام. وحتي من ألقي القبض عليهم في توالي الأحداث السلبية. بداية من موقعة الجمل وحتي الآن. إذا كانت الجهات المسئولة قد حملت الماس الكهربائي مسئولية إحراق العديد من البنايات التاريخية. فإن مبني بورصة الإسكندرية تحول إلي موقف للسيارات. وأنشئت دار أوبرا جديدة. وأعيد ترميم مجلس الشوري والمسرح القومي. لكن ذلك لن يعوض معالم تاريخية مهمة. تدمير المتحف العلمي ومحفوظاته يشير إلي محرض يستهدف تاريخنا القومي وذاكرتنا الوطنية. وقد شاهدنا مذهولين شهادات المتهمين بأنهم تقاضوا مبالغ مالية مقابلاً لما حدث. ظني أن محاولات طمس الذاكرة الوطنية. وكل ما يتصل بحضارتنا وتاريخنا. لن تتوقف ما لم نردف إلقاء القبض علي الفاعلين. حرص علي كشف المحرضين. وتقديمهم إلي المحاكمة العلنية. ولعلنا نذكر أن أول ما شهدته العاصمة العراقية يوم دخول قوات الغزو هو تدمير متحفها الوطني. فضلاً عن سرقة أهم ما كانت تضمه من كنوز حضارية وتاريخية. لا تهبوا الفرصة لمن يفتقد الحضارة والتاريخ. كي يخترع هوية قومية علي حساب تدمير ذاكرتنا. فضلاً عن أن ينسب إلي نفسه كما يحدث في فلسطين حضارة الآخرين!