إذا كان شر البلية ما يضحك فإن الأحداث الأخيرة أمام مجلس الوزراء تذكرني بسلسلة حلقات "توم وجيري" للرائعين الراحل جوزيف باربيلا وشريكه وليام حنا.. وفكرة الحلقات كما نعلم جميعاً تدور حول فخاخ متواصلة يصنعها الفأر جيري الضعيف للقط "توم" الأكثر قوة وشراسة.. وفي كل مرة يسقط "توم" في الشرك دون أن يتعلم من الدروس السابقة. المشهد السياسي الراهن يبدو وكأنه بسير علي نهج "توم وجيري". فالأوضاع اختلفت وقواعد اللعبة تغيرت عقب الثورة. لكن بعض المسئولين ما زالوا يتعاملون مع الأحداث بنفس الريتم التقليدي دون إدراك لحجم التحول الذي حدث أو قراءة الواقع الجديد بصورة متأنية ودقيقة ووضع حلول للإشكاليات القائمة تواكب التطلعات وتمنع الصراع الدائر بين أنصار الفكر القديم والشباب الرافض لإدارة شئون البلاد بصورة نمطية تفتقر للرؤية المبدعة الخلاقة. المصيبة الكبري التي تدمر أي محاولات للتواصل بين مختلف الأطراف أن هناك إصراراً علي إلصاق أي حادث عنف أو خروج علي الشرعية بالثوار. وكأن هناك من يريد توصيل رسالة للمجتمع مفادها أن الثورة أضاعت مصر وأحرقتها. رغم أن المعتصمين هم أول من طالبوا بتفعيل القانون ضد البلطجية والهاربين من السجون وتعرضوا للاعتداء مرة من الباعة الجائلين وأخري علي يد مجهولين ..دار حوار بيني وبين عدد من شباب الثورة علي موقع الفيس بوك وأقسموا لي أن من قاموا بحرق المجمع العلمي المصري وارتكبوا العديد من حوادث ترويع المواطنين ليسوا إلا صبية مأجورين من بعض فلول الحزب الوطني المنحل ويحصلون علي مبالغ مالية نظير إشاعة الفوضي ومن ثم إجهاض الثورة. مستغلين حالة الضجر التي أصابت الكثيرين من الإنفلات الأمني. ثم وجهوا لي سؤالاً: هل نظرت إلي وجوههم وطريقة كلامهم التي تعبر عن ثقافتهم ومستواهم التعليمي.. هل هؤلاء يمتون للثورة بصلة؟! والحقيقة أن فكرة وجود طرف ثالث يندس بين المتظاهرين السلميين ورجال الأمن ليست جديدة فقد ظهرت بصورة جلية في أحداث ماسبيرو. عندما تم إطلاق الرصاص الحي علي الجانبين في آن واحد ثم تكرر المشهد بنفس الأسلوب والسيناريو. الخطأ أو الخطيئة التي نقع فيها كل مرة أننا نتخذ قراراتنا دائماً في التوقيت والمكان الخطأ. فنعطي البلطجية والهاربين من السجون الفرصة للتواجد بالتحرير وغيره من الأماكن الحيوية.. ثم عندما تشتعل الأحداث يختلط أمامنا الحابل بالنابل ونكيل الإتهامات هنا وهناك دون تفرقة بين المظاهرات وهي حق مشروع والبلطجة المرفوضة من الجميع. تعلموا من أخطاء "توم" وابحثوا عن الطرف الثالث الذي يشعل الفتنة في كل مرة حتي نتجاوز هذا المخاض الصعب ونتمكن من نقل السلطة إلي ربان ماهر ذي رؤية خلاقة يقود سفينة الوطن إلي بر الأمان.