لا يُرضي اللَّه أبداً ما يحدث في التحرير وشارع مجلس الشعب. من يُقتلون ويُصابون من المتظاهرين والمعتصمين هم أولادنا وأشقاؤنا وأهالينا.. وليس من الدين أن تصعد أرواح بعضهم إلي بارئها. وتراق دماء البعض الآخر أنهاراً لمجرد أن لهم مطالب معلنة ومعروفة. ويصرون علي تحقيقها أو أنهم يمارسون حقهم الدستوري والقانوني في التظاهر والاعتصام السلميين.. وليس ذنبهم أن نفراً قليلاً اندس بينهم بفعل فاعل. وأراد استمرار الانفلات الأمني ليؤخذ بعدها العاطل مع الباطل. ومن يُعتَدي عليهم من رجال الجيش والشرطة هم أيضاً أولادنا وأشقاؤنا وأهالينا.. وليس من الدين أن يُهانوا. أو يُضرَبوا من قلة مندسة بين الثوار. لهم ولمن دسهم مآرب شخصية ومصالح في أن تسود الفوضي.. فيعتدي علي هؤلاء الجنود الساهرين علي حماية المنشآت الحيوية التي هي هيبة الدولة. وما يتم إحراقه من مبان حكومية هي منشآتنا التي بنيناها بأقواتنا وأقوات أولادنا.. وليس من الدين أن تُضرَم فيها النيران بهذا الشكل الهمجي والفوضوي من قلة محسوبة علي الثورة. رضينا بذلك أو لم نرض.. ومن المؤكد أن هذه المباني المحترقة سيعاد إصلاحها أو بناؤها علي نفقتنا ومن دمنا مرة أخري. أي ظلم تعيشه البلاد الآن؟!.. ولماذا؟!.. وما هو الثمن؟!.. وكيف ستكون النهاية؟! للأسف الشديد.. لقد سالت وتسيل الدماء أنهاراً منذ فجر الجمعة وحتي كتابة هذه السطور في مشهد مخز. ومحزن. في غياب تام للعقل والمسئولية.. وفي نفس الوقت اختفت كل القوي السياسية وانشغلت بمقاعد البرلمان وما ستربحه من ورائها. أين المرشحون المحتملون للرئاسة وما أكثرهم والذين صدعونا جميعاً ليل نهار بما كان وما سيكون علي أيديهم.. وعند الحاجة إليهم يتبخرون؟!! أين زعماء الكتل السياسية من إخوان وسلفيين وجماعة إسلامية وحركات متعددة أقاموا الدنيا ولم يقعدوها لأتفه الأسباب. وعندما رتبوا "أوراق الشارع".. ارتدوا طاقية الإخفاء؟!! أين رؤساء الأحزاب الذين في كل وادي يهيمون حسب مصلحتهم.. فقد اختفوا مرتين: مرة في عهد النظام السابق تضامناً معه. ثم ظهروا علي استحياء بعد الثورة طمعاً في مقاعد البرلمان. وعندما لم يربحوها عادوا للاختفاء ثانية؟!! وأين النخبة الذين لا هم لهم سوي التسابق علي احتلال شاشات الفضائيات للرغي والدردشة والتنظير والتقعير؟!! للأسف.. كل منهم مهتم بأمره ومصالحه وفي 60 داهية الثورة والثوار.. الثورة التي جعلتهم يخرجون من تحت الأرض. ويصبح لهم صوت مسموع. والثوار الذين فجروا الثورة ثم قفز هؤلاء جميعاً علي أكتافهم وسبحوا في دمائهم ليلتهموا التورتة بمفردهم!! ومادمنا قد وصلنا إلي ما وصلنا إليه من تغييب كامل ومتعمد لأصحاب الثورة الأصليين علي المستوي السياسي والبرلماني. ومادام الثوار يتعرضون بمفردهم للاعتداءات. وحتي لا يستفحل الأمر أكثر من ذلك.. فدعوني أنقل لكم نبض شباب الثورة وطلباتهم الجديدة التي هي طلبات معظم الشعب الآن. إنني لم ولا ولن أدعي مثل غيري أنني من الثوار الذين فجروا الثورة وبذلوا من أجلها أرواحهم ودماءهم.. ولكنني أؤمن بهم إيماناً راسخاً وأتعاطف معهم لأقصي حد.. وأنا هنا مجرد ناقل للأفكار والطلبات كفرصة أخيرة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه: * أولاً.. ضرورة تقليص الفترة الانتقالية المتبقية بحيث تنتهي منتصف فبراير وليس 30 يونيه. * ثانياً.. أن يتم انتخاب رئيس للجمهورية بعد الانتخابات البرلمانية مباشرة.. ثم يتم بعد ذلك وضع الدستور.. فمادام الدستور لم يوضع أولا فسيان وضعه بعد انتخابات البرلمان أو اختيار الرئيس لأن الضمانة واحدة وهي أن أحداً كائناً من كان لن يفرض علي الشعب ما لا يرضاه. نحن لن نخترع "سيارة".. فأمامنا طريقان: إما أن ينتخب رئيس بمدة كاملة طبقاً لتعديل دستوري يمكن إجراؤه الآن. أو رئيس مؤقت ينتخبه البرلمان علي الطريقة التونسية.. ولا خوف من هذا أبداً.. فالتيار الديني التونسي سيطر علي البرلمان لكنه اختار "اليساري" منصف المرزوقي. * ثالثاً.. بعد انتخابات الرئيس.. يعود الجيش إلي ثكناته معززاً مكرماً.. فليس من اللائق أن تلوكه الألسن. أو تشتم قياداته. أو يُعتدي علي أفراده. كما يحدث الآن.. هذه خطيئة. رابعاً.. يمكن إلغاء مجلس الشوري.. فهو كيان "جيلاتيني" أو إجراء انتخاباته بعد وضع الدستور.. إنه مجلس بلا أهمية أو اختصاصات. * خامساً.. علي الجميع أن يعلم جيداً أن الشرعية الوحيدة هي "الشرعية الثورية". حتي مع وجود برلمان ورئيس منتخبين ولن يكون أيهما موازياً لها ومن حقها أن تتدخل في أي وقت لتصحيح المسار.. وهذه حقيقة لا فصال فيها. أرجو الجميع أن يفكروا في هذه الطلبات والأفكار من أجل مصر.