دخل الحواوشي التاريخ بعدما قام فاعل شر وسوء بتوزيع عدد من الأرغفة الساخنة علي المعتصمين حول مقر مجلس الوزراء.. الرواية مبتورة الأطراف حيث سقطت مجموعة من الشباب المعتصم تتلوي من اشتباه في تسمم.. لا أحد يعرف إذا كان فاعل السوء هذا رجلاً أو امرأة.. الروايات متضاربة ورغم ذلك عندما يكتب فيها بعد عن ثورة 25 يناير سيأتي ذكر الحواوشي وتاريخ الثورات في العالم كله ارتبط بعدد من الأطعمة والمشروبات ودعنا نتحدث أولاً عن الحواوشي فهو رغيف أو ساندوتش مليء باللحوم المفرومة لا يهم نوعيتها وعليه خليط من البصل والبهارات انتشرت في القاهرة في نهاية الستينيات وبداية السبعينيات وكان صاحب براءة الاختراع مطعماً صغيراً بلا زبائن عند مدخل منطقة التوفيقية وسط القاهرة وسرعان ما تحول هذا المطعم الفقير إلي مزار للشباب الذي اعتاد ان يأكل علي "الواقف" أو ما سمي بعد ذلك "take away" واذا ببقية المحلات والمطاعم تحاول أن تقلد انتاج هذا الرغيف الشهي. إلا أن الحواوشي تربع علي هذه الصنعة وظل سعر الرغيف لعدة سنوات لا يبارح العشرة قروش في ذلك الوقت. الحواوشي لم يكن الطعام الوحيد الذي ذكر في ثورة يناير. بل سبقه كنتاكي حيث حاول أبواق النظام السابق ايهام الشعب بأن الشباب الذي فجر الثورة يتقاضي يوميا عدة جنيهات ودولارات ووجبات من كنتاكي والحقيقة أن طعام الثورة الحقيقي لم يكن كنتاكي بل كان كشري التحرير الذي حرك حناجر الهتيفة وأبدع أفضل الشعارات. واخفها دماً. الأطعمة والمشروبات من الاساسيات في تاريخ الثورات ويجب ألا ننسي النبيذ الفرنسي الشهير أو ما ذكره تشارلز ديكنز في روايته الشهيرة "قصة مدينتين" حيث انقلبت عربة محملة ببراميل النبيذ واختلط النبيذ بطين الأرض واذا بأحد الثوار يغمس اصبعه في النبيذ ويكتب علي أحد الجدران كلمة "الدم" ايذانا بتفجير الثورة الفرنسية ويذكر ايضا اثناء الثورة كرومويل في بريطانيا وبعد فشلها واصدار احكام بالاعدام علي بعض قادة هذه الثورة كان هناك مشروب غير قادر علي منافسة المشروبات البريطانية الكحولية المعروفة واذا به يحقق انتشاراً واسعا بعد تلك الثورة حيث كان يعطي للمحكوم عليهم كأس واحد من هذا المشروب المسمي "one for all" أي "واحد إلي الابد" حيث كان مشروب النهاية واكتشف البريطانيون بعد ذلك.. الأطعمة والمشروبات جزء اصيل من الثورات واذا كان شباب المعتصمين وبفضل الله الذي حرس الثورة لم يصب احدهم بسوء سوي بعض التقلصات والإعياء. فإن الحواوشي قد دخل التاريخ.. وسيبصق التاريخ علي فاعل السوء والشر الذي وزع هذه الأرغفة.