في أول تصريح للدكتور شاكر عبدالحميد وزير الثقافة ركز الوزير علي مسألة تطوير قصور الثقافة وتحويلها إلي خلايا نحل ليل نهار. كلام الوزير الذي لم يكن يوماً غريباً علي قصور الثقافة. يعكس مدي إيمانه بأهمية الدور الذي تلعبه هذه الهيئة خاصة في الأقاليم التي تكاد تكون محرومة من كل شئ ولا يجد أبناؤها سوي بيت أو قصر الثقافة لممارسة أنشطتهم الثقافية. علي أن هناك معوقات كثيرة تواجه هذه القصور والبيوت. منها حالتها الإنشائية المتردية. لا نطالب بترميمها أو إعادة بنائها كلها هكذا دفعة واحدة. علي الأقل نطالب بالإسراع في إنهاء أعمال التطوير الجارية الآن في بعضها. والاستعاضة عن المواقع غير الصالحة بمراكز الشباب والمدارس. معوق آخر في قصور الثقافة يتمثل في فصيل من الموظفين الذين يرون في النشاط الثقافي مضيعة للوقت وإهداراً للمال العام. وهؤلاء تحدث عنهم ذات مرة د. عماد أبوغازي وزير الثقافة السابق حينما ذكر أن أهم مشكلات قصور الثقافة هم أولئك الذين لا يريدون أن يعملوا. أمر هؤلاء الموظفين غريب حقاً فإذا كانوا يرون أن النشاط الثقافي مضيعة للوقت وإهداراً للمال العام. فلماذا هم باقون في مواقعهم. ثم أن دور الهيئة هو إقامة النشاط الثقافي. فإذا توقفت عن هذا الدور فما فائدة وجود موظفين بها.. وما فائدة الهيئة أصلاً. أعرف أنها تركة ثقيلة ليس مسئولاً عنها رئيس الهيئة الحالي الشاعر سعد عبدالرحمن ولا رئيسها السابق د. أحمد مجاهد ولا الأسبق د. أحمد نوار.. لكنها تراكمات عندما كان عضو مجلس الشعب من الحزب الوطني يدخل علي رئيس الهيئة أو وزير الثقافة حاملاً مئات الطلبات للتعيين. فتم تعيين الآلاف ممن لا علاقة لهم بالثقافة.. لا أطالب بالاستغناء عنهم طبعاً. ولكن علي الأقل يجب إعادة تأهيلهم وهو أعلن عنه سعد عبدالرحمن عند توليه رئاسة الهيئة ولا أعلم هل بدأ في هذا المشروع المهم أن هناك معوقات تحول دون تنفيذه. المعوق الأكبر الذي يحول دون انطلاق الهيئة بالشكل الذي ننتظره منها. هو ميزانية الهيئة التي يجب أن تتضاعف حتي تستطيع أداء دورها علي الوجه الأمثل. فقد تم تخفيض الميزانية هذا العام حوالي 25% وهو أمر بالغ الخطورة إذا وضعنا في الحسبان أهمية وضرورة الدور الذي تلعبه قصور الثقافة في الواقع الثقافي المصري. قد يقول البعض إن الدولة مثقلة بأعباء مالية ضخمة وأن الإنفاق علي الثقافة في هذا الظرف نوع من الترف. وهو قول حق يراد به باطل. فالإنفاق علي الثقافة لا يقل أهمية عن الإنفاق علي دعم رغيف العيش أو تسليح الجيوش.. لا تنمية حقيقية ولا تقدم دون ثقافة قوية فاعلة. اهتموا بهذه المؤسسة وطالبوا بزيادة ميزانياتها وكذلك بتعاون الوزارات المعنية معها ومؤسسات المجتمع المدني وغيرها من الجهات التي يجب أن تتضافر جهودها للنهوض بهذا الكيان الذي لو انهار أو قُلمت أظافه لعانت مصر من كوارث الله أعمل بها. أثق أن د. شاكر عبدالحميد سيعمل بكل ما أوتي من قوة علي دعم هيئة قصور الثقافة لأنها أكثر مؤسسات وزارة الثقافة احتكاكاً برجل الشارع الذي يحتاج الكثير منها قبل أن يبتلعنا الطوفان.. وقد بدأت علاماته تلوح في الأفق.. وربنا يسترها مع الجميع!