صدق أو لا تصدق.. أسعار قيراط المباني داخل القري رغم عشوائيتها وحرمانها من معظم المرافق الأساسية. أصبحت تناطح الأسعار داخل عواصم المحافظات حتي تفوقت عليها. ففي قنا علي سبيل المثال تباع قطعة الأرض بالمتر ورغم ذلك تجد أن القطعة داخل القري والتي تباع بالقيراط سعرها يفوق الأسعار بالمدن لاسيما القري المتاخمة لكردون المدينة. ونتيجة لاختناق المدن القديمة وما بها من كثافة سكانية. زاد الإقبال للشراء داخل تلك القري من أجل توفير مسكن ملائم. لتجد أن الأسعار تجبرك علي شراء مساحات صغيرة للبناء عليها وهذا ما جعل مكاتب الاستشارات الهندسية تنتعش قليلاً بعد لجوء المواطنين إليها لتوفير تصميمات تضمن استغلال كل شبر بعيداً عن المقاولين الذين لا يتقنون الرسومات الهندسية بل ويستهلكون ضعف ما يحتاجه المسكن من مواد بناء. لتبرز في قنا مبان ذات طراز حديث ربما تجده داخل عواصم المدن. ومن المعروف أن العادات والتقاليد داخل محافظة قنا. كان لها تأثير في ارتفاع أسعار الأراضي حيث لا تجد قرية واحدة علي مستوي المراكز ال 9 تقيم عمارات سكنية لتأجير ما بها من وحدات وهذا ما جعل الأسعار تشتعل مع مرور الأيام. فلم يسجل تاريخ العقارات في قنا قيام أحد المواطنين بتأجير شقة لمغترب داخل منزله لاسيما أن القري تتمسك حتي وقتنا هذا ببيت العائلة الذي يجمع كل أفراد الأسرة ولا مجال لدخول غرباء للإقامة به. كما أن الحالة الاقتصادية لقاطني القري كان لها أثر كبير في ارتفاع الأسعار لتجد أن قري بهجورة والرحمانية بنجع حمادي تأتي في المقدمة لما لها من نشاط تجاري واقتصادي وكذلك القري التي تعرف بأنها "الخليج المصري" نظراً لتواجد أعداد كبيرة من أبنائها في دول الخليج العربي وما ترتب علي ذلك من نمو في الحالة الاقتصادية الذي انعكس بطبيعة الحال علي سوق العقارات. وفي هذا التحقيق ترصد "المساء" الأسباب التي أدت إلي زيادة أسعار قيراط المباني داخل قري قنا. والحلول التي طرحها المواطنون لمواجهة الزيادة التي تقفز لأعلي بين الحين والآخر. يقول منتصر خضري إن ازدحام المدن بالسكان جعل المواطنين يتجهون نحو القري المتاخمة لكردون المدن لضمان عدم الابتعاد عن العاصمة ولهذا السبب تجد أن سعر قيراط الأرض المباني قفز لأعلي حتي إنه أصبح يفوق سعر القيراط بالمتر داخل المدن ذاتها. وإن كان من ميادين القري التي تقع علي نواصي الشوارع الرئيسية أو أنها بمثابة امتداد عمراني للمدينة. ففي قري "الأشراف" و"الشيخ حسين" و"الترامسة" التابعة لمركز قنا تجد أن سعر القيراط يتراوح بين 100 و110 آلاف جنيه طبقاً لموقع المساحة المعروضة للبيع.. مشيراً إلي أن المدينة السكنية المزمع إقامتها بحاجر "الترامسة" ساهمت قليلاً في خفض الأسعار هناك بعد أن بيعت لشركة "أوراسكوم للإسكان التعاوني" برخص التراب. حيث انعكست عملية البيع علي سوق العقارات المحلية وانخفضت الأسعار لتجدها داخل القري لا تتجاوز 80 ألف جنيه للقيراط علي عكس المساحات الواقعة في نواصي الشوارع الرئيسية. يشير معتز عوض إلي أن أعلي الأسعار علي مستوي محافظة قنا تتركز داخل قري "بهجورة" و"الرحمانية" و"أولاد نجم قبلي" بمركز نجع حمادي حيث وصل القيراط بها إلي 200 ألف جنيه بينما تتراوح الأسعار بقري شرق المدينة بين 170 إلي 190 ألف جنيه بسبب الرواج التجاري للمدينة الذي انتقل للقري إلي جانب زيادة أسعار مواد البناء ويلي نجع حمادي قري مركز فرشوط التي تتميز بالرواج التجاري لقربها من مدينة نجع حمادي وإن كانت لا تصل إلي أسعار بهجورة وأولاد نجم والرحمانية حيث تثبت الأسعار بباقي قري مراكز شمال محافظة قنا في الوقف ودشنا وأبوتشت بين 60 إلي 70 ألف جنيه. يؤكد أحمد كمال جبر أن قريتي "الخطارة" و"المنشية" بمركز نقادة تمثلان القمة في أسعار أراضي البناء حيث تلاصقان كردون المدينة وإن كان سعر القيراط لا يتجاوز 110 آلاف جنيه رغم انها بلا خدمات حيث لا يوجد بها صرف صحي ولا وحدات صحية. أضاف أن "الخطارة" في سباق متسارع بسوق العقارات ربما لوجود أعداد كبيرة من أبناء القرية في الخارج إلي جانب قربها من العاصمة حيث لا يفصلها سوي عدة كيلو مترات. حتي إن الأطباء بدأوا في الاتجاه لشراء مساحات من الأراضي بتلك القري لبناء عيادات خاصة علي مساحات ضيقة. يقول مبارك حنفي أحد أبناء مدينة قوص إن زيادة أسعار الأراضي فرض علي المواطنين ضرورة اللجوء إلي مكاتب الاستشارات الهندسية لتصميم رسومات تضمن استغلال كل شبر من المساحة المباعة بعيداً عن المقاولين ولتقليص بناء زيادات أصبحت في حكم "الكماليات". إلي جانب سعي المواطنين لشراء مساحات من الأراضي لتوفير مساكن لأبنائهم خاصة أن مشكلة كثرة الإنجاب ألقت بظلالها علي الأسر القنائية لتجد أن كل أسرة لديها 13 فرداً ولا يملكون أراضي للبناء عليها ليجدوا أنفسهم مضطرين للشراء بأسعار باهظة للغاية. أكد محمود صابور أحد الشباب أن العوامل الاقتصادية تلعب دوراً كبيراً في زيادة أسعار أراضي البناء. ففي قرية "المحروسة" بمركز قنا رغم أنها تبعد عن المدينة نحو 14 كيلو متراً إلا أن الأسعار بداخلها تواصل القفز لأعلي نتيجة تحسن الحالة الاقتصادية هناك لتجد أن 70% من أبنائها يعملون بالخارج في دول الخليج حتي أصبح يطلق عليها قرية "الخليج المصري" مما أدي إلي وصول سعر القيراط هناك إلي أكثر من 110 آلاف جنيه. طالب أحمد فهمي عبدالحق بأن توفر الدولة برامج غير عقيمة لمواجهة مشكلة ارتفاع الأسعار في أراضي البناء ومنها التوسع في استخدام الظهير الصحراوي لإقامة الوحدات السكنية.. مشيراً إلي أن هناك مشاريع مماثلة بقريتي "كرم عمران" بمركز قنا و"حاجر دنفيق" بنقادة منذ عدة سنوات ولم يتم الانتهاء منها حتي الآن وقد أخطأت المحافظة في اختيارها لموقع قرية "كرم عمران" التي تقع في قلب مخرات السيول وسبق أن تعرضت المنطقة لسيول أدت إلي خسائر فادحة. ويشاركه الرأي محمد عطية محمد الذي يطالب الدولة بأن تقوم بشراء أراض وبيعها للشباب المقبل علي الزواج حتي يتم تفعيل دور مديرية الإسكان بمحافظة قنا التي لم نسمع أنها قامت بأي نشاط داخل القري لمواجهة أزمة الإسكان بل إن كل عملها يتركز علي عواصم المدن.