رغم أن محافظة قنا التي تمتد من أبوتشت شمالاً وحتي قوص جنوباً التي يطلق عليها "الدارالبيضاء" تعد واحدة من المحافظات الفقيرة إلا أن أسعار الشقق بداخلها تقفز لأعلي بين الحين والآخر حتي أصبح الشباب المقبل علي الزواج غير قادر علي توفير "عش الزوجية" في الوقت الذي عجزت فيه الدولة عن إتاحة فرص عمل للخريجين كما فشلت في التصدي لأباطرة مواد البناء من الحديد والأسمنت. تبدأ المعاناة في قنا مع السعي لشراء قطعة أرض للبناء عليها بعد ارتفاع أسعارها حيث وصل سعر المتر الواحد إلي ثلاثة آلاف جنيه ببعض المناطق وخمسة آلاف بمناطق اخري وفقاً للحالة الاقتصادية لكل منها ففي المدن الصناعية والتجارية مثل نجع حمادي وقفط وقوص ودشنا بما تمتلكه تلك المراكز من مصانع ومنشآت حيوية تتزايد أسعار الأراضي والوحدات السكنية لتجد أن الشقة بتلك المراكز "تمليك" يصل سعرها إلي ما يقرب من 140ألف جنيه ومتر الأرض قد يتجاوز 6 آلاف جنيه بينما في نقادة والوقف وفرشوط وأبوتشت باعتبارها مراكز فقيرة تجد أن سعر الوحدة السكنية لا يتجاوز 95ألف جنيه ومتر الأرض يتراوح ما بين 3 إلي 5آلاف جنيه فقط. أما في مدينة قنا عاصمة المحافظة حيث جامعة جنوبالوادي التي يفد إليها الطلاب من مختلف المحافظات وكذلك كليات فرع جامعة الأزهر بالإضافة إلي المستشفيات المتخصصة فتجد أن الأسعار تتباين بها من منطقة لاخري ففي وسط البلد إن وجدت وحدات للايجار فقد يتجاوز الإيجار الشهري 1500جنيه بينما في منطقة "المساكن" تتراوح الأسعار بين 600 إلي 900 جنيه. الغريب في قنا هو توقف تسليم الوحدات السكنية رغم الانتهاء من تجهيزها خاصة داخل مدينة قنا. ففي منطقة "المساكن" تم الانتهاء من إنشاء أكثر من 500 وحدة سكنية. إلا أنها لم تسلم لأصحابها رغم اجراء القرعة عليها. "المساء" رصدت صورة واقعية لسوق العقارات ومشاكل الوحدات السكنية داخل محافظة قنا. حيث يقول عبدالرازق فهمي ليسانس حقوق الحالة الاقتصادية داخل محافظة قنا تلعب دوراً كبيراً في تحديد أسعار أراضي البناء والوحدات السكنية. فكلما توافرت عوامل الثراء ازدادات الأسعار. وكذلك موقع الأرض أو الوحدة السكنية حتي وإن كانت في أحد المراكز الفقيرة لتجد أن قطعة أرض علي الشارع بطريق المستشفي في مركز نقادة الذي لا يمتلك مصانع أو منشآت تجارية حكومية يتجاوز سعرها المليون ونصف المليون رغم أن مساحتها لا تزيد علي 4 قراريط. أضاف أحمد كمال عبدالماجد صاحب شركة مستلزمات طبية كنا نظن أن أسعار الوحدات السكنية ستشهد انخفاضاً في أعقاب ثورة 25يناير إلا أن ثبات أسعار الحديد والأسمنت جعل الأسعار تواصل ارتفاعها في ظل عجز الشباب للحصول علي أي سكن خاصة أن أغلب المقبلين علي الزواج يعانون من البطالة الطاحنة مما أدي إلي ارتفاع نسبة العنوسة داخل شتي مدن ومراكز المحافظة. قال عز همام من الأهالي : إن الشقق التي تعلن المحافظة عنها كانت قبل ثورة يناير تذهب للمحظوظين وأصحاب الوساطة .. مشيراً إلي أنه تقدم للحصول علي شقة إلا أن "القرعة" لم تجعل له نصيباً في ذلك. وفي الوقت الذي كان يقطن بشقة مؤجرة حصل نجل صاحب العمارة التي يقيم بها علي "شقة" رغم عدم احتياجه لها وامتلاك والده لعدد من العمارات. أكد محمود عبدالراضي دبلوم تجارة أن سبب ارتفاع الوحدات السكنية داخل العمارات المملوكة للأهالي خاصة بمدينة قنا يرجع إلي أن أصحابها يعملون بالخارج فيسعي كل منهم للمغالاة في الأسعار دون النظر للحالة الاقتصادية والظروف المتردية التي يمر بها الشباب وأسرهم ما أدي إلي اشتعال سوق العقارات بقنا. كشف محمد معين من الأهالي عن لجوء عدد كبير من المواطنين للحصول علي وحدات سكنية رغم عدم الاحتياج لها ولكن بهدف استغلالها في مشروعات تجارية لتحقيق المكاسب مثل تأجير الوحدات لطلاب الجامعة والمعاهد والدليل أن 90% من قاطني العمارات بمنطقة المساكن طلاباً ومع انتهاء العام الدراسي تظل تلك الوحدات خاوية علي عروشها رغم وجود آلاف الشباب في احتياج شديد لتلك الوحدات. ويطالب بأن تقوم الدولة بإنشاء مبان جديدة لمدن الجامعة لسكن الطلاب للقضاء علي تلك الظاهرة. كما يطالب بوضع شروط جادة للحصول علي الوحدات السكنية وعمل دراسة وبحث دقيق للمتقدمين لها لبيان مدي الاحتياج لها من عدمه. كما يطالب منذر عبدالوهاب من الأهالي بأن تقوم محافظة قنا بحصر الوحدات التي لم يتم تسليمها وخصم قيمة التشطيبات المتبقية من قيمة الشقق وتسليمها لأصحابها حتي يتسني لكل منهم أن ينتهي من تشطيبها بمعرفته. خاصة أن الحكومة "حبالها طويلة" وقد تأخذ عدة سنوات أخري للانتهاء من التشطيب. يدعو خالد زكي من الأهالي بالاتجاه الي الظهير الصحراوي داخل مدن المحافظة وإقامة مجتمعات عمرانية جديدة بداخلها لمواجهة أزمة الاسكان. مشيراً إلي أن ضرورة تغيير موقع مدينة قناالجديدة الذي تم اختياره في منطقة خطرة بعد أن اثبتت الدراسات العلمية وجودها في "مخرات السيول" كما أنها تقع بالقرب من مناطق زلزالية نشطة.