* علي مدي سنوات وسنوات تنافست القنوات الفضائية العربية في بث مسابقات ما يسمي تليفزيون الواقع وكانت كلها تقريبا معنية بمواهب الشباب في مجالات الفن من غناء ورقص واستعراض وتمثيل وحظيت هذه البرامج في وقتها باهتمام الشارع العربي لما كانت تحمله من تشويق واثارة ومازالت المحطات التليفزيونية تواصل هذه المسابقات وتهتم بها وان كان الجميع يعرف انها برامج للاستعراض ولجلب الاعلانات ولا طائل منها.. فلم نر عبر هذه السنين مواهب فذة ولا نجوما يستحقون كل هذا اللغط. * ورغم وفرة المتابعات الإعلامية والصحفية لهذا النوع من المسابقات ورغم الحملات الدعائية المصاحبة له.. لم يلتفت كثيرون إلي مسابقة بدأت في عام 2009 ودخلت موسمها الثالث وهي مسابقة "نجوم العلوم" التي تقدمها حصريا الآن قناة "MBC4" وهي قناة سعودية وكانت تشاركها في البث حوالي 16 قناة أخري في المواسم السابقة. * لقد اسعدني الحظ وشاهدت بعضا من حلقات المسابقة واعتقد أنها فعلا المسابقة الاكثر احتراما والاكثر استحقاقا لتصديرها في المشهد الإعلامي العربي لنؤكد علي قيمة وحقيقة مهمة وهي ان هناك أشياء أخري تستحق الاهتمام غير الرقص والغناء والمسخرة التي تعرضها برامج تليفزيون الواقع.. هناك عقول عربية واعية مبتكرة ورائعة تبعث الأمل في امكانية تطورنا وارتفاع قامتنا وسط الأمم الجادة المتقدمة.. هناك مواهب في الابتكارات العلمية تضارع عقول المبتكرين في اليابان والمانيا والهند وأمريكا.. هناك شباب لم نلتفت إليه ولم نساعده ولم نشجعه ولم نمنحه شيئا مما نمنحه لصناع الهلس والأفلام الهابطة والاغاني الرقيعة والرقص المتدني.. هناك شباب علي امتداد الوطن العربي قادر علي تغيير واقع الوطن واحداث نهضة علمية وعملية كما يؤكد الدكتور فاروق الباز عضو شرف لجنة التحكيم في هذه المسابقة الممتدة. * كنت أتمني لو أن التليفزيون المصري تسابق لأخذ حقوق نشر هذه المسابقة وخاصة أنها عامرة بالمصريين من المتسابقين وكان لابد أن يصدرها علي أقوي قنواته ويبعث بها الامل لدي شباب المبتكرين وما أكثرهم.. لكن يبدو أن هناك حساسية مفتعلة فالفكرة والبرنامج بالاساس هي صناعة قطرية اطلقتها كفكرة مبتكرة ومبادرة فريدة مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع بهدف دعم الجيل الجديد من المبتكرين العرب وتهدف إلي تبني مجموعة من الشباب العرب من 16 دولة منها مصر لدعم ابتكاراتهم واختراعاتهم وادخالها حيز التنفيذ والتسويق والنشر علي مستوي العالم وتمنح جوائز للفائزين الأول تصل إلي 600 ألف دولار وفي تصوري أن قطر ممثلة في المؤسسة التي اطلقت هذه الفكرة لا تبحث عن استعراض أو تحقيق مكاسب مادية لأن المؤسسة وهذا البرنامج يكلف الكثير وغير هادف للربح ولكنها تسعي إلي تجهيز نفسها إلي مرحلة ما بعد النفط لتكون دولة عصرية صغيرة الحجم علي الخريطة ولكن كبيرة الحجم وكبيرة الثقل ومتقدمة بما تقدمه من مشروعات علمية واعتقد أنها تسير في هذا الاتجاه منذ سنوات وانها تصنع قاعدة علمية جيدة وتجذب إليها العقول من انحاء العالم العربي وتصنع لها المناخ المناسب للابداع والابتكار والانطلاق. * انها في رأيي سياسة واعية تستخدم عوائد النفط في بناء دولة ما بعد النفط.. تستثمر في العقول العربية وتفتح لهم واحة وساحة للانطلاق بهذه الدولة التي يرشحها البعض للصدارة. * أهم الامنيات الآن ونحن علي اعتاب عام جديد أن يتحقق الاستقرار في مصر الديمقراطية الحديثة وان تقوم كل الاجهزة بمهامها من اجل نهضة مصر التي يجب أن تكون علمية في المقام الأول ان يتم مشروع الدكتور زويل الذي يمثل قاعدة علمية ستؤتي ثمارها في المستقبل القريب وان تضلع وزارة البحث العلمي بمهامها وتقدم مشروعا وطنيا وقوميا يجمع شتات العلماء والعقول المبتكرة وتدعمهم بالترتيب والتنسيق والدعم المادي وتدفع أعمالهم إلي مجال التنفيذ والتسويق فهذه مهمتها التي لم تفعلها يوما.. علي الجميع أن يعرف أن هناك اناسا يجتهدون ويفكرون وينفذون ليس في قطر وحدها وعلينا أيضا أن نجتهد ونفكر وننفذ ليس منافسة لقطر أو لغيرها ولكن لمستقبل مصر التي تمتلك موارد بشرية لا حدود لها ومواهب وابتكارات كفيلة بنقلها من هذا المستوي المتردي الذي ظل ثلاثين عاما أو أكثر إلي مستوي آخر.. فهل انتم فاعلون.